للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالُوا: لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ، وَإِنْ قَبِلَ بَعْدِ الْمَوْتِ مَا لَمْ يُعْتِقْهُ الْوَارِثُ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِلْإِعْتَاقِ، وَهَذَا صَحِيحٌ.

الْحَيَاةِ رِوَايَةٌ فِي أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي عَلَى أَلْفٍ أَنَّ الْقَبُولَ فِي حَالَةِ الْحَيَاةِ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ هُنَاكَ الْإِيجَابَ مُعَلَّقٌ صَرِيحًا بِالْمَوْتِ وَمَعَ ذَلِكَ جَعَلَ الْقَبُولَ فِي الْحَالِ وَهُنَا هُوَ بِالْمَوْتِ مُضَافٌ. ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الْأَعْدَلَ هُوَ لُزُومُ الْمَالِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ تَعْلِيقِهِ بِخُصُوصِ هَذَا الشَّرْطِ لَيْسَ إلَّا حُصُولُ الْمَالِ عِوَضًا عَنْ الْعِتْقِ، وَإِلَّا لَقَالَ إنْ اخْتَرْت التَّدْبِيرَ فَأَنْتَ مُدَبَّرٌ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى مَا رَضِيَ بِعِتْقِهِ إلَّا بِبَدَلٍ، وَتَعْلِيقُهُ بِقَبُولِ الْمَالِ ظَاهِرٌ فِي ذَلِكَ وَلَا مَانِعَ شَرْعِيَّ مِنْهُ إذْ الْمَوْلَى يَسْتَحِقُّ عَلَى عَبْدِهِ الْمَالَ إذَا كَانَ بِسَبَبِ الْعِتْقِ كَمَا فِي الْمُكَاتَبِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَحِقَّ عَلَيْهِ بِسَبَبٍ غَيْرِهِ، عَلَى أَنَّ الْمَرْوِيَّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ فِي الْمَسْأَلَةِ إنَّمَا هُوَ اسْتِحْقَاقُ الْمَالِ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ حُرًّا. فَالْحَاصِلُ تَأَخُّرُ وُجُوبِ الْمَالِ إلَى زَمَنِ حُرِّيَّتِهِ فَلَا يَلْزَمُ مَا ذَكَرَ مِنْ ثُبُوتِ الدَّيْنِ لِلسَّيِّدِ عَلَى عَبْدِهِ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.

وَأَمَّا وُقُوعُ الْعِتْقِ عِنْدَ الْقَبُولِ فَقَالَ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْمَشَايِخِ: لَا يَعْتِقُ مَا لَمْ يُعْتِقْهُ الْوَرَثَةُ، وَزَادَ غَيْرُهُ: أَوْ الْوَصِيُّ أَوْ الْقَاضِي إنْ امْتَنَعُوا، وَإِلَّا أَنَّ الْوَارِثَ يَمْلِكُ عِتْقَهُ تَنْجِيزًا وَتَعْلِيقًا وَالْوَصِيُّ لَا يَمْلِكُهُ إلَّا تَنْجِيزًا، فَلَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ فَدَخَلَ لَا يَعْتِقُ، وَإِذَا أَعْتَقَهُ الْوَارِثُ فَوَلَاؤُهُ لِلْمَيِّتِ؛ لِأَنَّ عِتْقَهُ يَقَعُ لَهُ، وَلِذَا لَوْ أَعْتَقَهُ الْوَارِثُ عَنْ كَفَّارَةٍ عَلَيْهِ لَا يَعْتِقُ، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ الْمَيِّتَ لَيْسَ أَهْلًا لِلْإِعْتَاقِ، قَالَ: وَهَذَا صَحِيحٌ وَكَذَا قَالَ غَيْرُهُ. وَاعْتَرَضَ بِأَنَّ الْأَهْلِيَّةَ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ إلَّا عِنْدَ الْإِضَافَةِ وَالتَّعْلِيقِ، وَلِذَا لَوْ جُنَّ بَعْدَ التَّعْلِيقِ ثُمَّ وُجِدَ الشَّرْطُ وَقَعَ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ وَالْعَتَاقُ، وَلِذَا يَعْتِقُ الْمُدَبَّرُ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَلَيْسَ التَّدْبِيرُ إلَّا تَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِالْمَوْتِ. وَأُجِيبَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَتِلْكَ الْمَسَائِلِ بِأَنَّ هُنَاكَ الْمَوْجُودَ بُطْلَانُ أَهْلِيَّةِ الْمُعَلَّقِ فَقَطْ وَهُنَا الثَّابِتُ هَذَا وَزِيَادَةٌ فِي الْمَحَلِّ وَهُوَ خُرُوجُهُ عَنْ مِلْكِ الْمُعَلِّقِ إلَى مِلْكِ الْوَرَثَةِ فَلَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ إلَّا وَهُوَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ دَافِعًا لِلسُّؤَالِ، وَهُوَ أَنَّ مَا عَلَّلَ بِهِ مِنْ فَوَاتِ أَهْلِيَّةِ الْمُعَلِّقِ لَا أَثَرَ لَهُ، وَمَا ذَكَرَ مِنْ خُرُوجِ الْمَحَلِّ عَنْ مَحَلِّيَّتِهِ عِتْقُهُ إنْ أَرَادَ الْمُجِيبُ أَنَّهُ جُزْءُ الْمَانِعِ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ لِلْعِلْمِ بِأَنَّ انْتِفَاءَ أَهْلِيَّةِ الْمُعَلِّقِ لَيْسَ لَهُ أَثَرٌ فِي عَدَمِ الْوُقُوعِ عِنْدَ الشَّرْطِ، فَصَارَ الْحَاصِلُ مِنْ الْإِيرَادِ أَنَّهُ عَلَّلَ بِمَا لَا أَثَرَ لَهُ. فَأَجَابَ الْمُجِيبُ بِإِبْدَاءِ عِلَّةٍ أُخْرَى أَوْ مَانِعٍ وَقَالَ: هَذَا جَوَابُ هَذَا السُّؤَالِ، وَالصَّوَابُ فِي الْجَوَابِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ حَيْثُ عَلَّلَ بِأَنَّ الْمَيِّتَ لَيْسَ أَهْلًا لِلْإِعْتَاقِ لَمْ يُبَيِّنْ أَنَّ عَدَمَ أَهْلِيَّتِهِ لِذَلِكَ بِسَبَبِ الْمَوْتِ أَوْ غَيْرِهِ، وَمَبْنَى السُّؤَالِ عَلَى فَهْمِ أَنَّهُ الْمَوْتُ. وَيُمْكِنُ كَوْنُ مُرَادِهِ أَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِإِعْتَاقِهِ لِخُرُوجِهِ عَنْ مِلْكِهِ إلَى مِلْكِ الْوَرَثَةِ فَصَارَ أَجْنَبِيًّا عَنْهُ، وَإِنَّمَا لَزِمَ خُرُوجُهُ إلَى مِلْكِهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْتِقُ بِمُجَرَّدِ الْمَوْتِ كَالْمُدَبَّرِ بَلْ بَعْدَ الْقَبُولِ الْكَائِنِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَإِذَا تَأَخَّرَ الْعِتْقُ عَنْ الْمَوْتِ وَلَوْ بِسَاعَةٍ لَا يَعْتِقُ إلَّا بِعِتْقِ الْوَرَثَةِ، وَصَارَ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرٍ فَإِنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>