(وَإِنْ عَلَّقَ التَّدْبِيرَ بِمَوْتِهِ عَلَى صِفَةٍ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ إنْ مِتَّ مِنْ مَرَضِي هَذَا أَوْ سَفَرِي هَذَا أَوْ مِنْ مَرَضِ كَذَا فَلَيْسَ بِمُدَبَّرٍ وَيَجُوزُ بَيْعُهُ)؛ لِأَنَّ السَّبَبَ لَمْ يَنْعَقِدْ فِي الْحَالِ لِتَرَدُّدٍ فِي تِلْكَ الصِّفَةِ، بِخِلَافِ الْمُدَبَّرِ الْمُطْلَقِ؛ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ عِتْقُهُ بِمُطْلَقِ الْمَوْتِ وَهُوَ كَائِنٌ لَا مَحَالَةَ (فَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا عَتَقَ كَمَا يُعْتَقُ الْمُدَبَّرُ) مَعْنَاهُ مِنْ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ حُكْمُ التَّدْبِيرِ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهِ؛ لِتَحَقُّقِ تِلْكَ الصِّفَةِ فِيهِ فَلِهَذَا يُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ.
فِي الْبَطْنِ، فَلَوْ وَهَبَ الْأُمَّ فَالْمَوْهُوبُ مُتَّصِلٌ بِمَا لَيْسَ بِمَوْهُوبٍ مِنْ مِلْكِ الْوَاهِبِ فَيَكُونُ فِي مَعْنَى هِبَةِ الْمُشَاعِ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ، وَأَمَّا بَعْدَ عِتْقِهِ فَغَيْرُ مَمْلُوكٍ فَلَمْ يَتَّصِلْ الْمَوْهُوبُ بِمِلْكِ الْوَاهِبِ فَهُوَ كَمَا لَوْ وَهَبَ دَارًا فِيهَا ابْنُ الْوَاهِبِ وَسَلَّمَهَا. وَلَوْ دَبَّرَ مَا فِي بَطْنِهَا فَوَلَدَتْ وَلَدَيْنِ أَحَدُهُمَا لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بِيَوْمٍ وَالْآخَرُ لِأَكْثَرَ بِيَوْمٍ فَهُمَا مُدَبَّرَانِ؛ لِأَنَّهُمَا تَوْأَمَانِ وَتَيَقَّنَّا بِوُجُودِ أَحَدِهِمَا حَالَ التَّدْبِيرِ فِي الْبَطْنِ، وَلَوْ دَبَّرَ مَا فِي بَطْنِهَا ثُمَّ كَاتَبَهَا جَازَ، وَإِنْ وَضَعَتْ بَعْدَ هَذَا لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ كَانَ التَّدْبِيرُ فِي الْوَلَدِ صَحِيحًا لَكِنَّهُ يَدْخُلُ فِي الْكِتَابَةِ أَيْضًا تَبَعًا لِلْأُمِّ، فَإِذَا أَدَّتْ عَتَقَا جَمِيعًا، وَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى قَبْلَ أَنْ تُؤَدِّيَ عَتَقَ الْوَلَدُ بِالتَّدْبِيرِ، وَإِنْ مَاتَتْ الْأُمُّ الْمَوْلَى فَعَلَى الْوَلَدِ أَنْ يَسْعَى فِيمَا عَلَى الْأُمِّ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِي الْكِتَابَةِ، فَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى فَالْوَلَدُ بِالْخِيَارِ فِي اخْتِيَارِهِ الْحُرِّيَّةَ بِالتَّدْبِيرِ أَوْ بِأَدَاءِ الْكِتَابَةِ فَيَخْتَارُ الْأَنْفَعَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ عَتَقَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ حَصَلَ. وَلَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ وَلَدُك الَّذِي فِي بَطْنِك وَلَدُ مُدَبَّرَةٍ أَوْ وَلَدُ حُرَّةٍ وَلَا يُرِيدُ بِهِ عِتْقًا لَمْ تَعْتِقْ؛ لِأَنَّ هَذَا تَشْبِيهٌ وَلَيْسَ بِتَحْقِيقٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ أَنْتِ مِثْلُ الْحُرَّةِ أَوْ الْمُدَبَّرَةِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلَّقَ التَّدْبِيرَ بِمَوْتِهِ عَلَى صِفَةٍ) مِثْلَ أَنْ يَقُولَ إنْ مِتَّ مِنْ مَرَضِي هَذَا أَوْ سَفَرِي هَذَا أَوْ مَرَضِ كَذَا أَوْ قُتِلْت أَوْ غَرِقْت فَلَيْسَ بِمُدَبَّرٍ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّ السَّبَبِيَّةَ لَمْ تَنْعَقِدْ فِي الْحَالِ لِلتَّرَدُّدِ فِي تِلْكَ الصِّفَةِ هَلْ تَقَعُ أَوْ لَا، بِخِلَافِ الْمُدَبَّرِ الْمُطْلَقِ؛ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ عِتْقُهُ بِمُطْلَقِ الْمَوْتِ، وَهُوَ كَائِنٌ لَا مَحَالَةَ. ثُمَّ إنْ مَاتَ الْمَوْلَى عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا عَتَقَ كَمَا يَعْتِقُ الْمُدَبَّرُ يَعْنِي مِنْ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ حُكْمُ التَّدْبِيرِ لَهُ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهِ؛ لِتَحَقُّقِ تِلْكَ الصِّفَةِ فِيهِ فَإِذْ ذَاكَ يَصِيرُ مُدَبَّرًا مُطْلَقًا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بَلْ لَا يُمْكِنُ، فَأَمَّا مَا قِيلَ آخِرُ جُزْءٍ مِنْ حَيَاتِهِ فَلَمْ يَكُنْ مُدَبَّرًا فَجَازَ بَيْعُهُ، وَإِنْ بَرِئَ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ أَوْ رَجَعَ مِنْ ذَلِكَ السَّفَرِ ثُمَّ مَاتَ لَمْ يَعْتِقْ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ الَّذِي عَلَّقَ بِهِ قَدْ انْعَدَمَ. وَاسْتُشْكِلَ بِمَا إذَا قَالَ أَنْتَ حُرٌّ قَبْلَ مَوْتِي بِشَهْرٍ وَمَضَى شَهْرٌ فَإِنَّهُ بَعْدَ مُضِيِّ الشَّهْرِ يَعْتِقُ بِمُطْلَقِ مَوْتِ الْمَوْلَى مَعَ أَنَّهُ مُدَبَّرٌ مُقَيَّدٌ حَتَّى جَازَ لِلْمَوْلَى بَيْعُهُ.
أُجِيبَ بِأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَعْتِقُ بِالشَّهْرِ قَبْلَ مَوْتِهِ كَمَا سَمَّى فَيَجِبُ اعْتِبَارُهُ بِالْعِتْقِ الْمُضَافِ إلَى غَدٍ، وَأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ حَقًّا لِلْعَبْدِ لِلْحَالِ فَكَذَا هُنَا. وَلَوْ قَالَ إذَا مِتَّ أَوْ قُتِلْت فَأَنْتَ حُرٌّ عَلَى قَوْلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute