. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
حُرَّةٌ إذَا مَاتَ إلَّا أَنْ يُعْتِقَهَا قَبْلَ مَوْتِهِ» وَرَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْهُ ﷺ: «أَيُّمَا رَجُلٍ وَلَدَتْ مِنْهُ أَمَتُهُ فَهِيَ مُعْتَقَةٌ عَنْ دُبُرٍ مِنْهُ» وَالطُّرُقُ كَثِيرَةٌ فِي هَذَا الْمَعْنَى وَلِذَا قَالَ الْأَصْحَابُ: إنَّهُ مَشْهُورٌ تَلَقَّتْهُ الْأُمَّةُ بِالْقَبُولِ، وَإِذْ قَدْ كَثُرَتْ طُرُقُ هَذَا الْمَعْنَى وَتَعَدَّدَتْ وَاشْتُهِرَتْ فَلَا يَضُرُّهُ وُقُوعُ رَاوٍ ضَعِيفٍ فِيهِ مَعَ أَنَّ ابْنَ الْقَطَّانِ قَالَ فِي كِتَابَةِ: وَقَدْ رُوِيَ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ، قَالَ قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ فِي كِتَابِهِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَاحٍ، حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ سَعْدٍ أَبُو خَيْثَمَةَ الْمِصِّيصِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو هُوَ الرَّقِّيِّ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «لَمَّا وَلَدَتْ مَارِيَةُ الْقِبْطِيَّةُ إبْرَاهِيمَ قَالَ ﷺ: أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا» وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَصْبَغَ رَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ حَدِيثِ أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا مَا قَالَ الْخَطَّابِيُّ ثَبَتَ أَنَّهُ ﷺ قَالَ «إنَّا مَعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ» فَلَوْ كَانَتْ مَارِيَةُ مَالًا بِيعَتْ وَصَارَ ثَمَنُهَا صَدَقَةً.
وَعَنْهُ ﵊ «أَنَّهُ نَهَى عَنْ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْأَوْلَادِ وَالْأُمَّهَاتِ» وَفِي بَيْعِهِنَّ تَفْرِيقٌ. وَإِذَا ثَبَتَ قَوْلُهُ " أَعْتَقَهَا إلَخْ " وَهُوَ مُتَأَخِّرٌ إلَى الْمَوْتِ إجْمَاعًا وَجَبَ تَأْوِيلُهُ عَلَى مَجَازِ الْأَوَّلِ، فَيَثْبُتُ فِي الْحَالِ بَعْضُ مَوَاجِبِ الْعِتْقِ مِنْ امْتِنَاعِ تَمْلِيكِهَا. وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ يُونُسِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ ﷺ نَهَى عَنْ بَيْعِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ فَقَالَ: لَا يُبَعْنَ وَلَا يُوهَبْنَ وَلَا يُوَرَّثْنَ، يَسْتَمْتِعُ بِهَا سَيِّدُهَا مَا دَامَ حَيًّا. فَإِذَا مَاتَ فَهِيَ حُرَّةٌ» ثُمَّ أَخْرَجَهُ بِسَنَدٍ فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، وَأَعَلَّهُ ابْنُ عَدِيٍّ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ نَجِيحٍ الْمَدِينِيِّ وَأَسْنَدَ تَضْعِيفَهُ عَنْ النَّسَائِيّ وَغَيْرِهِ، وَلَيَّنَهُ هُوَ وَقَالَ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْعَنْبَرِيِّ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ، وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا عَنْ فُلَيْحِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ مَوْقُوفًا، قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: هَذَا حَدِيثٌ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُسْلِمٍ الْقَسْمَلِيِّ وَهُوَ ثِقَةٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَاخْتُلِفَ عَنْهُ فَقَالَ عَنْهُ يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَهُوَ ثِقَةٌ وَهُوَ الَّذِي رَفَعَهُ. وَقَالَ عَنْهُ يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ وَفُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ عُمَرَ: لَمْ يَتَجَاوَزُوهُ، وَكُلُّهُمْ ثِقَاتٌ، وَهَذَا كُلُّهُ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ، وَعِنْدِي أَنَّ الَّذِي أَسْنَدَهُ خَيْرٌ مِمَّنْ وَقَفَهُ.
وَأَخْرَجَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: " أَيُّمَا وَلِيدَةٍ وَلَدَتْ مِنْ سَيِّدِهَا فَإِنَّهُ لَا يَبِيعُهَا وَلَا يَهَبُهَا وَلَا يُوَرِّثُهَا وَهُوَ يَسْتَمْتِعُ مِنْهَا فَإِذَا مَاتَ فَهِيَ حُرَّةٌ " وَهَكَذَا رَوَاهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ وَغَيْرُهُمَا عَنْ عُمَرَ مَوْقُوفًا. وَأَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْإِفْرِيقِيِّ كَانَ غَيْرَ حُجَّةٍ فَقَدْ تَقَدَّمَ مَا يَعْضُدُ رَفْعَهُ مَعَ تَرْجِيحِ ابْنِ الْقَطَّانِ فَثَبَتَ الرَّفْعُ بِمَا قُلْنَا، وَلَا شَكَّ فِي ثُبُوتِ وَقْفِهِ عَلَى عُمَرَ وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ حَدِيثَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِعِتْقِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ مِنْ غَيْرِ الثُّلُثِ وَقَالَ لَا يُبَعْنَ فِي دَيْنٍ» وَعَدَمُ مُخَالَفَةِ أَحَدٍ لِعُمَرَ حِينَ أَفْتَى بِهِ وَأَمَرَ فَانْعَقَدَ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ عَلَى عَدَمِ بَيْعِهِنَّ، فَهَذَا يُوجِبُ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ: إمَّا أَنَّ مَا كَانَ مِنْ بَيْعِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ فِي زَمَنِهِ ﷺ لَمْ يَكُنْ بِعِلْمِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute