للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: (وَلَهُ وَطْؤُهَا وَاسْتِخْدَامُهَا وَإِجَارَتُهَا وَتَزْوِيجُهَا) لِأَنَّ الْمِلْكَ فِيهَا قَائِمٌ فَأَشْبَهَتْ الْمُدَبَّرَةَ

لَا يَقْبَلُ النَّقْلَ كَالْمُدَبَّرَةِ فَإِنَّهُ يَتَجَزَّأُ ضَرُورَةَ عَدَمِ قَبُولِهِ لِلنَّقْلِ فَيَقْتَصِرُ بِالضَّرُورَةِ.

فَلِذَا قَدَّمَ فِي بَابِ الْعَبْدِ يُعْتَقُ بَعْضُهُ أَنَّهُ لَوْ اسْتَوْلَدَ نَصِيبَهُ مِنْ مُدَبَّرَةٍ يَقْتَصِرُ عَلَيْهِ فَلَا تَنَاقُضَ فَصَارَ الْحَاصِلُ أَنَّ الِاسْتِيلَادَ لَا يَتَجَزَّأُ: أَيْ لَا يَكُونُ مَعَهُ بَعْضُ الْمُسْتَوْلَدَةِ مَمْلُوكًا لِغَيْرِ الْمُسْتَوْلِدِ إلَّا لِضَرُورَةٍ؛ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى ثُبُوتِ النَّسَبِ وَهُوَ لَا يَتَجَزَّأُ. وَأَمَّا احْتِمَالُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ رِوَايَتَانِ فَبَعِيدٌ فَلِذَا لَمَّا قَالَ الْمُصَنِّفُ: إنَّهُ يَتَجَزَّأُ فِي بَابِ الْعَبْدِ يُعْتَقُ بَعْضُهُ لَمْ يَجْعَلْ أَثَرَهُ إلَّا فِيمَا إذَا اسْتَوْلَدَ نَصِيبَهُ مِنْ مُدَبَّرَةٍ، وَأَمَّا تَعْلِيلُ ثُبُوتِ النَّسَبِ فَإِنَّمَا هُوَ بِوُجُودِ الدَّعْوَةِ فِي الْمَمْلُوكَةِ وَالِاتِّفَاقُ عَلَى أَنَّ مِلْكَ الْبَعْضِ يَكْفِي لِصِحَّةِ الِاسْتِيلَادِ.

(قَوْلُهُ: وَلَهُ وَطْؤُهَا وَاسْتِخْدَامُهَا وَإِجَارَتُهَا وَتَزْوِيجُهَا؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ قَائِمٌ فِيهَا) وَهُوَ مُطْلَقٌ لِهَذِهِ الْأُمُورِ. (فَأَشْبَهَتْ الْمُدَبَّرَةَ) وَمَنَعَ مَالِكٌ إجَارَتَهَا كَبَيْعِهَا وَهُوَ بَعِيدٌ، وَامْتِنَاعُ الْبَيْعِ لِنَقْلِ مِلْكِ الرَّقَبَةِ لَا غَيْرُ، وَهُوَ مُنْتَفٍ فِي الْإِجَارَةِ وَيَمْلِكُ كَسْبَهَا وَلَهُ إعْتَاقُهَا وَكِتَابَتُهَا. وَأَوْرَدَ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَمْلِكَ تَزْوِيجَهَا؛ لِأَنَّ تَوَهُّمَ شَغْلِ رَحِمِهِمَا بِمَاءِ الْمَوْلَى قَائِمٌ، وَتَوَهُّمَ الشَّغْلِ مَانِعٌ مِنْ النِّكَاحِ كَمَا فِي الْمُعْتَدَّةِ، غَيْرَ أَنَّ الْمُعْتَدَّةَ جَعَلَ لَهَا الشَّرْعُ حَالًا يُحْكَمُ فِيهِ بِالْفَرَاغِ فَجَازَ نِكَاحُهَا عِنْدَ وُجُودِهِ وَلَمْ يَجْعَلْ لِأُمِّ الْوَلَدِ مِثْلَهُ سِوَى الِاسْتِبْرَاءِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ قَبْلَهُ.

وَأُجِيبُ بِأَنَّ جَوَازَ النِّكَاحِ كَانَ ثَابِتًا قَبْلَ الْوَطْءِ وَوَقَعَ الشَّكُّ فِي خُرُوجِهِ فَلَا يَخْرُجُ بِالشَّكِّ، بِخِلَافِ الْمُعْتَدَّةِ فَإِنَّهَا قَدْ تَحَقَّقَ خُرُوجُهَا عَنْ مَحَلِّيَّةِ نِكَاحِ الْغَيْرِ فَلَا تَعُودُ إلَّا بِمُوجِبٍ وَجَعَلَهُ الشَّارِعُ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ الدَّالِ عَلَى الْفَرَاغِ حَقِيقَةً فَلَا تُزَوَّجُ قَبْلَهُ. وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: إذَا سَلِمَ أَنَّ احْتِمَالَ الشَّغْلِ مَانِعٌ وَلَا شَكَّ فِي ثُبُوتِهِ بَعْدَ الْوَطْءِ لَزِمَ تَحَقُّقُ خُرُوجِ الْجَوَازِ لَا وُقُوعُ الشَّكِّ فِيهِ كَالْعِدَّةِ، وَوَجَبَ أَنْ لَا يُزَوِّجَهَا إلَّا بَعْدَ اسْتِبْرَائِهَا. وَالْمَذْهَبُ جَوَازُهُ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ، وَإِنَّمَا هُوَ بَعْدَهُ أَفْضَلُ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ فِي فَصْلِ الْمُحَرَّمَاتِ مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ حَيْثُ قَالَ: وَإِنَّ زَوَّجَ أُمَّ وَلَدِهِ وَهِيَ حَامِلٌ مِنْهُ فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهَا فِرَاشٌ لِمَوْلَاهَا حَتَّى يَثْبُتَ نَسَبُ وَلَدِهَا مِنْهُ بِالدَّعْوَةِ، فَلَوْ صَحَّ النِّكَاحُ حَصَلَ الْجَمْعُ بَيْنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>