وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى الْوَلَدِ أَصْلِيَّةٌ فَتُقَدَّمُ عَلَى حَقِّ الْوَرَثَةِ وَالدَّيْنِ كَالتَّكْفِينِ، بِخِلَافِ التَّدْبِيرِ؛ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ بِمَا هُوَ مِنْ زَوَائِدِ الْحَوَائِجِ
(وَلَا سِعَايَةَ عَلَيْهَا فِي دَيْنِ الْمَوْلَى لِلْغُرَمَاءِ) لَمَا رَوَيْنَا، وَلِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَالٍ مُتَقَوِّمٍ حَتَّى لَا تُضْمَنُ بِالْغَصْبِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهَا حَقُّ الْغُرَمَاءِ كَالْقِصَاصِ، بِخِلَافِ الْمُدَبَّرِ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ.
سِعَايَةَ إلَخْ بِقَوْلِهِ (لِمَا رَوَيْنَا) أَيْ؛ لِأَنَّهُ ﷺ لَقِيَ السِّعَايَةَ عَنْهَا حَيْثُ قَالَ " وَأَنْ لَا يَسْعَيْنَ " وَمَا قِيلَ " وَأَنْ لَا يُبَعْنَ " يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ السِّعَايَةِ؛ لِأَنَّ عَدَمَ جَوَازِ الْبَيْعِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْمَالِيَّةِ إلَخْ مَنْقُوضٌ بِالْمُدَبَّرِ، ثُمَّ لَمْ يُعْرَفْ هَذَا الْحَدِيثُ، وَالشَّيْخُ جَمَالُ الدِّينِ الزَّيْلَعِيُّ بَعْدَ ذِكْرِهِ أَنَّهُ غَرِيبٌ قَالَ: وَفِي الْبَابِ أَحَادِيثُ، وَسَاقَ كَثِيرًا مِمَّا قَدَّمْنَا مِمَّا لَيْسَ فِيهِ زِيَادَةٌ عَلَى أَنَّهَا لَا تُمَلَّكُ وَتُعْتَقُ بِالْمَوْتِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ كُلَّهَا فِي غَيْرِ الْمَقْصُودِ، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ أَنَّهَا تُعْتَقُ مِنْ كُلِّ الْمَالِ وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا ذَلِكَ، فَإِنَّ عِتْقَهَا لَا يَسْتَلْزِمُ كَوْنَهَا مِنْ كُلِّ الْمَالِ كَالْمُدَبَّرِ يُعْتَقُ بِالْمَوْتِ وَلَا يَكُونُ مِنْ كُلِّهِ.
وَقَدْ رَوَاهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ الْمَالِكِيُّ فِي كِتَابِهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ إلَّا أَنَّ جَمَاعَةً تَكَلَّمُوا فِي عَبْدِ الْمَلِكِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى الْوَلَدِ أَصْلِيَّةٌ) كَحَاجَتِهِ إلَى الْأَكْلِ: أَيْ وَحَاجَتُهُ إلَى أُمِّهِ مُسَاوِيَةٌ لِحَاجَتِهِ إلَى الْوَلَدِ وَلِهَذَا جَازَ اسْتِيلَادُهُ جَارِيَةَ ابْنِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ؛ لِحَاجَتِهِ إلَى وُجُودِ نَسْلِهِ كَمَا جَازَ لَهُ أَكْلُ مَالِهِ لِلْحَاجَةِ وَحَاجَتُهُ الْأَصْلِيَّةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الدَّيْنِ فَلَا تَسْعَى لِلْغُرَمَاءِ وَعَلَى الْإِرْثِ فَلَا تَسْعَى لِلْوَرَثَةِ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ إذَا لَمْ تَخْرُجُ مِنْهُ فَصَارَ إعْتَاقُهَا كَالدَّفْنِ وَالتَّكْفِينِ (بِخِلَافِ التَّدْبِيرِ؛ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ بِمَا هُوَ مِنْ زَوَائِدِ الْحَوَائِجِ) لَا مِنْ الْأَصْلِيَّةِ، إذْ لَيْسَ ثَمَّ نَسَبُ وَلَدٍ يَتْبَعُهُ أُمُومَةٌ فَلَا يُقَدَّمُ عِتْقُ الْمُدَبَّرِ عَلَى الدَّيْنِ، وَلَا عَلَى حَقِّ الْوَرَثَةِ فَيُعْتَقُ مِنْ الثُّلُثِ، فَإِنْ لَمْ يَسَعْهُ سَعَى فِي بَاقِي قِيمَته، وَلَوْ كَانَ دَيْنُ السَّيِّد مُسْتَغْرِقًا سَعَى فِي كُلّ قِيمَتِهِ عَلَى مَا سَلَفَ.
(قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهَا) أَيْ أُمَّ الْوَلَدِ (لَيْسَتْ بِمَالٍ مُتَقَوِّمٍ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ (حَتَّى لَا تُضْمَنُ بِالْغَصْبِ عِنْدَهُ) يَعْنِي إذَا مَاتَتْ عِنْدَ الْغَاصِبِ حَتْفَ أَنْفِهَا، بِخِلَافِ الْمُدَبَّرَ إذَا مَاتَ عِنْدَ الْغَاصِبِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ، وَكَذَا لَا تَضْمَنُ بِالْقَبْضِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ، وَلَا بِالْإِعْتَاقِ بِأَنْ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَأَعْتَقَهَا أَحَدُهُمَا لَا يَضْمَنُ لِشَرِيكِهِ شَيْئًا وَلَا تَسْعَى هِيَ فِي شَيْءٍ أَيْضًا، وَعِنْدَهُمَا تَضْمَنُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ بِخِلَافِ الْمُدَبَّرِ، وَإِنَّمَا تُضْمَنُ بِمَا يُضْمَنُ بِهِ الصَّبِيُّ الْحُرُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ بِأَنْ ذَهَبَتْ بِهَا إلَى طَرِيقٍ فِيهَا سِبَاعٌ فَأَتْلَفَتْهَا، وَأَجْمَعُوا أَنَّهَا تُضْمَنُ بِالْقَتْلِ؛ لِأَنَّهُ ضَمَانُ دَمٍ، وَإِذَا لَمْ تَكُنْ مَالًا مُتَقَوِّمًا. (لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا حَقُّ الْغُرَمَاءِ كَالْقِصَاصِ) يَعْنِي إذَا مَاتَ مَنْ لَهُ الْقِصَاصُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute