(وَالْيَمِينُ اللَّغْوُ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى أَمْرٍ مَاضٍ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ كَمَا قَالَ وَالْأَمْرُ بِخِلَافِهِ فَهَذِهِ الْيَمِينُ نَرْجُو أَنْ لَا يُؤَاخِذَ اللَّهُ بِهِ صَاحِبَهَا) وَمِنْ اللَّغْوِ أَنْ يَقُولَ: وَاَللَّهِ إنَّهُ لَزَيْدٌ وَهُوَ يَظُنُّهُ زَيْدًا وَإِنَّمَا هُوَ عَمْرٌو، وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى ﴿لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ﴾ الْآيَةَ، إلَّا أَنَّهُ عَلَّقَهُ بِالرَّجَاءِ لِلِاخْتِلَافِ فِي تَفْسِيرِهِ. .
تَأْكِيدِ صِدْقِهِ فِي خَبَرِهِ عِنْدَ السَّامِعِ، وَإِنْ أَرَادَ دُخُولَهَا فِي اللَّغْوِ الْمَذْكُورِ فِي الْآيَةِ بِحَسَبِ الْإِرَادَةِ فَقَدْ فَسَّرَهُ السَّلَفُ وَاخْتَلَفُوا فِيهِ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِذَلِكَ فَكَانَ خَارِجًا عَنْ أَقْوَالِ السَّلَفِ. وَالْجَوَابُ أَنَّ الْأَقْسَامَ الثَّلَاثَةَ فِيمَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ الْحِنْثُ لَا فِي مُطْلَقِ الْيَمِينِ.
(قَوْلُهُ: وَيَمِينُ اللَّغْوِ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى أَمْرٍ مَاضٍ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ كَمَا قَالَ وَالْأَمْرُ بِخِلَافِهِ) مِثْلَ وَاَللَّهِ لَقَدْ دَخَلْت الدَّارَ وَاَللَّهِ مَا كَلَّمْت زَيْدًا وَنَحْوُهُ، وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْأَفْعَالُ كَمَا ذَكَرْنَا وَالصِّفَاتُ. وَمِنْ الثَّانِي مَا فِي الْخُلَاصَةِ: رَجُلٌ حَلَّفَهُ السُّلْطَانُ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِأَمْرِ كَذَا فَحَلَفَ ثُمَّ تَذَكَّرَ فَعَلِمَ أَنَّهُ كَانَ يَعْلَمُ أَرْجُو أَنْ لَا يَحْنَثَ (فَهَذِهِ الْيَمِينُ نَرْجُو أَنْ لَا يُؤَاخِذَ اللَّهُ بِهَا صَاحِبَهَا) وَإِنَّمَا قَيَّدَ مُحَمَّدٌ عَدَمَ الْمُؤَاخَذَةِ بِالرَّجَاءِ مَعَ أَنَّهُ مَقْطُوعٌ بِهِ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى حِينَ قَالَ ﴿لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ﴾ لِلِاخْتِلَافِ فِي مَعْنَى اللَّغْوِ، فَفَسَّرَهُ مُحَمَّدٌ بِمَا ذَكَرَ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: كُلُّ يَمِينٍ صَدَرَتْ عَنْ غَيْرِ قَصْدٍ فِي الْمَاضِي وَفِي الْمُسْتَقْبَلِ. وَهُوَ مُبَايِنٌ لِلتَّفْسِيرِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ الْحَلِفَ عَلَى أَمْرٍ يَظُنُّهُ، كَمَا قَالَ: لَا يَكُونُ إلَّا عَنْ قَصْدٍ، وَهُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute