(وَلَوْ قَالَ بِالْفَارِسِيَّةِ سوكند ميخورم بخداي يَكُونُ يَمِينًا)؛ لِأَنَّهُ لِلْحَالِ. وَلَوْ قَالَ سوكند خورم قِيلَ لَا يَكُونُ يَمِينًا وَلَوْ قَالَ بِالْفَارِسِيَّةِ سوكند خورم بِطَلَاقِ زنم لَا يَكُونُ يَمِينًا؛ لِعَدَمِ التَّعَارُفِ.
قَالَ: (وَكَذَا قَوْلُهُ لَعَمْرُ اللَّهِ وَأَيْمُ اللَّهِ) لِأَنَّ عَمْرُ اللَّهِ بَقَاءُ اللَّهِ، وَأَيْمُ اللَّهِ مَعْنَاهُ أَيْمَنُ اللَّهِ وَهُوَ جَمْعُ يَمِينٍ، وَقِيلَ مَعْنَاهُ وَاَللَّهُ وَأَيْمُ صِلَةٌ كَالْوَاوِ، وَالْحَلِفُ بِاللَّفْظَيْنِ مُتَعَارَفٌ.
(وَكَذَا قَوْلُهُ وَعَهْدُ اللَّهِ وَمِيثَاقُهُ) لِأَنَّ الْعَهْدَ يَمِينٌ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ﴾ وَالْمِيثَاقُ عِبَارَةٌ عَنْ
رُؤْيَا فَقَصَّهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ ائْذَنْ لِي فَلْأَعْبُرْهَا فَأَذِنَ لَهُ فَعَبَرَهَا، ثُمَّ قَالَ: أَصَبْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ أَصَبْتَ وَأَخْطَأْتَ، فَقَالَ أَقْسَمْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَتُخْبِرُنِّي، قَالَ لَا تُقْسِمْ» هَكَذَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ بِلَفْظٍ آخَرَ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ بِالْفَارِسِيَّةِ سوكندمي خورم بخداي يَكُونُ يَمِينًا)؛ لِأَنَّهُ لِلْحَالِ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَحْلِفُ الْآنَ بِاَللَّهِ، وَلَوْ قَالَ سوكند خورم قِيلَ لَا يَكُونُ يَمِينًا؛ لِأَنَّهُ مُسْتَقْبَلٌ، وَلَوْ قَالَ سوكند خورم بِطَلَاقِ زنم: يَعْنِي أَحْلِفُ بِطَلَاقِ زَوْجَتِي لَا يَكُونُ يَمِينًا لِعَدَمِ التَّعَارُفِ فِي الطَّلَاقِ كَذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: وَكَذَا قَوْلُهُ: لَعَمْرُ اللَّهِ وَأَيْمُ اللَّهِ) يَعْنِي يَكُونُ حَالِفًا كَمَا هُوَ حَالِفٌ فِي أُقْسِمُ بِاَللَّهِ وَأَخَوَاتِهِ؛ لِأَنَّ عَمْرُ اللَّهِ بَقَاؤُهُ، وَفِيهِ ضَمُّ الْعَيْنِ وَفَتْحُهَا إلَّا أَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ الْمَضْمُومِ فِي الْقَسَمِ وَلَا يَلْحَقُ الْمَفْتُوحَةَ الْوَاوُ فِي الْخَطِّ، بِخِلَافِ عَمْرِو الْعَلَمِ فَإِنَّهَا أُلْحِقَتْ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَمْرٍ، وَالْبَقَاءُ مِنْ صِفَةِ الذَّاتِ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ قَاعِدَتِهِ وَهُوَ أَنْ يُوصَفَ بِهِ لَا بِضِدِّهِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَبَقَاءُ اللَّهِ كَقُدْرَةِ اللَّهِ وَكِبْرِيَائِهِ، وَإِذَا أُدْخِلَ عَلَيْهِ اللَّامُ رُفِعَ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَحُذِفَ الْخَبَرُ: أَيْ لَعَمْرُ اللَّهِ قَسَمِي، وَإِنْ لَمْ تَدْخُلْهُ اللَّامُ نُصِبَ نَصْبَ الْمَصَادِرِ فَتَقُولُ عَمْرُ اللَّهِ مَا فَعَلْت وَيَكُونُ عَلَى حَذْفِ حَرْفِ الْقَسَمِ كَمَا فِي اللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ، وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: عَمَرَكَ اللَّهُ مَا فَعَلْت فَمَعْنَاهُ بِإِقْرَارِك لَهُ بِالْبَقَاءِ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَنْعَقِدَ يَمِينًا؛ لِأَنَّهُ حَلَفَ بِفِعْلِ الْمُخَاطَبِ وَهُوَ إقْرَارُهُ وَاعْتِقَادُهُ، وَأَمَّا أَيْمُ اللَّهِ فَمَعْنَاهُ أَيْمَنُ اللَّهِ وَهُوَ جَمْعُ يَمِينٍ عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ فَخُفِّفَ بِالْحَذْفِ حَتَّى صَارَ أَيْمَ اللَّهِ ثُمَّ خَفِّفْ أَيْضًا فَقِيلَ: مُ اللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا فَيَكُونُ مِيمًا وَاحِدَةً، وَبِهَذَا نَفَى سِيبَوَيْهِ أَنْ يَكُونَ جَمْعًا؛ لِأَنَّ الْجَمْعَ لَا يَبْقَى عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ، وَيُقَالُ مُنُ اللَّهِ بِضَمِّ الْمِيمِ وَالنُّونِ وَفَتْحِهِمَا وَكَسْرِهِمَا وَهَمْزَةُ أَيْمَنَ بِالْقَطْعِ، وَإِنَّمَا وُصِلَتْ فِي الْوَصْلِ تَخْفِيفًا لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ، وَمَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ أَنَّهَا هَمْزَةُ وَصْلٍ اُجْتُلِبَتْ لِيُمَكَّنَ بِهَا كَالرَّمَلِ كَهَمْزَةِ ابْنٍ وَامْرِئٍ مِنْ الْأَسْمَاءِ السَّاكِنَةِ الْأَوَائِلِ، وَإِنَّمَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَمِينًا؛ لِأَنَّ الْحَلِفَ بِهِمَا مُتَعَارَفٌ، قَالَ تَعَالَى ﴿لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ وَقَالَ ﷺ فِي حَدِيثِ إمَارَةِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ حِينَ طَعَنَ بَعْضُ النَّاسِ فِي إمَارَتِهِ «إنْ كُنْتُمْ تَطْعَنُونَ فِي إمَارَتِهِ فَقَدْ كُنْتُمْ تَطْعَنُونَ فِي إمَارَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلُ، وَاَيْمُ اللَّهِ إنْ كَانَ لَخَلِيقًا لِلْإِمَارَةِ» الْحَدِيثُ فِي الْبُخَارِيِّ.
(قَوْلُهُ: وَكَذَا قَوْلُهُ وَعَهْدُ اللَّهِ وَمِيثَاقُهُ) يَعْنِي إذَا أُطْلِقَ عِنْدَنَا، وَكَذَا عِنْدَ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا يَكُونُ يَمِينًا إلَّا بِالنِّيَّةِ؛ لِأَنَّ الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute