. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مَوْلَانَا عَيَّ أَمْ أَعْيَا؟ فَقَالَ بَلْ أُعْيِيت، فَوَضْعُ أَعْيَتْ جَوَابًا فِي الْبَيْتِ الْمَذْكُورِ مَكَانَ عَيَّتْ خِلَافُ الْمَعْرُوفِ.
وَالْأَوَارِي جَمْعُ آرِيِّ وَهِيَ مَحَابِسُ الْخَيْلِ وَمَرَابِطُهَا، وَاللَّأْيُ الْبُطْءُ: أَيْ تَبَيُّنِي لَهَا بِبُطْءٍ فَاسْتَلْزَمَ تَعَبًا، فَمَنْ فَسَّرَ اللَّأْيَ بِالشِّدَّةِ فَهُوَ بِاللَّازِمِ، فَإِنَّ الْبُطْءَ فِي التَّبَيُّنِ لَا يَكُونُ إلَّا لِتَعَبٍ فِيهِ. وَالنُّؤْيُ حَاجِزٌ مِنْ تُرَابٍ يُجْعَلُ حَوْلَ الْخِبَاءِ لِمَنْعِ السَّيْلِ مِنْ دُخُولِهِ، وَمَا وَقَعَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ أَنَّهُ حَفِيرَةٌ غَلَطٌ، وَمَا عَسَى أَنْ يَبْلُغَ عُمْقُ الْحَفِيرَةِ حَتَّى تَمْنَعَ السَّيْلَ فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ بِئْرًا امْتَلَأَتْ فِي لَحْظَةٍ وَفَاضَتْ، وَإِنَّمَا هُوَ مَا ذَكَرْنَا، وَلِذَا قَالَ فِي الْبَيْتِ بَعْدَهُ:
رَدَّتْ عَلَيْهِ أَقَاصِيَهُ وَلِيدَةٌ … ضَرْبَ الْوَلِيدَةِ بِالْمِسْحَاةِ فِي الثَّأَدِ
يَعْنِي رَدَّتْ الْوَلِيدَةُ وَهِيَ الْأَمَةُ الشَّابَّةُ مَا تَبَاعَدَ مِنْ النُّؤْىِ بِسَبَبِ تَهَدُّمِهِ عَلَيْهِ بِضَرْبِ الْمِسْحَاةِ فِي الثَّأَدِ وَهِيَ الْأَرْضُ النَّدِيَّةُ.
قَالَ الْأَعْلَمُ: وَهُوَ مَصْدَرٌ وُصِفَ بِهِ، وَأَرَادَ بِالْمَظْلُومَةِ الْأَرْضَ الَّتِي لَمْ تُمْطَرْ، وَالْجَلَدُ الصُّلْبَةُ، فَيَكُونُ النُّؤْيُ وَالْوَتَدُ أَشَدَّ ثَبَاتًا فِيهَا
وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
يَا دَارَ مَاوِيَّةَ بِالْحَائِلِ … فَالسَّهَبِ فَالْخَبَّتَيْنِ مِنْ عَاقِلِ
صُمَّ صَدَاهَا وَعَفَا رَسْمُهَا … وَاسْتَعْجَمَتْ عَنْ مَنْطِقِ السَّائِلِ
يُرِيدُ أَنَّهَا مُقْفِرَةٌ لَا أَنِيسَ بِهَا فَيَسْمَعُ صَوْتَهُ وَلَا أَحَدَ يَتَكَلَّمُ فَيُجِيبُهُ الصَّدَى. وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى بِابْنَةِ الْجَبَلِ.
وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
لِمَنْ طَلَلٌ أَبْصَرْته فَشَجَانِي … كَخَطِّ زَبُورٍ فِي عَسِيبِ يَمَانِي
دِيَارٌ لِهِنْدٍ وَالرَّبَابُ وَفَرْنَنِي … لَيَالِينَا بِالنَّعْفِ مِنْ بَدَلَانِي
يُرِيدُ أَنَّهَا دَرَسَتْ وَخَفِيَتْ الْآثَارُ كَخَفَاءِ خَطِّ الْكِتَابِ وَدِقَّتِهِ إذَا كَانَ فِي عَسِيبٍ يَمَانٍ وَكَانَ أَهْلُ الْيُمْنِ يَكْتُبُونَ عُهُودَهُمْ فِي عَسِيبِ النَّخْلَةِ فَهَذِهِ الْأَشْعَارُ وَمَا لَا يُحْصَى كَثْرَةً تَشْهَدُ بِأَنَّ اسْمَ الدَّارِ لِلْعَرْصَةِ لَيْسَ غَيْرُ، لِأَنَّ هَؤُلَاءِ الْمُتَكَلِّمِينَ بِهَذِهِ الْأَشْعَارِ لَا يُرِيدُونَ بِالِاسْمِ إلَّا الْعَرْصَةَ فَقَطْ فَإِنَّ هَذِهِ الدِّيَارَ الَّتِي ذَكَرُوهَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا بِنَاءٌ أَصْلًا بَلْ هِيَ عَرَصَاتٌ مَنْزُولَاتٌ إنَّمَا يَضَعُونَ فِيهَا الْأَخْبِيَةَ لَا أَبْنِيَةَ الْحَجَرِ وَالْمَدَرِ فَصَحَّ أَنَّ الْبِنَاءَ وَصْفٌ فِيهَا غَيْرُ لَازِمٍ، وَإِنَّمَا اللَّازِمُ فِيهَا كَوْنُهَا قَدْ نَزَلَتْ، غَيْرَ أَنَّهَا فِي عُرْفِ أَهْلِ الْمُدُنِ. لَا يُقَالُ إلَّا بَعْدَ الْبِنَاءِ فِيهَا.
وَلَوْ انْهَدَمَ بَعْدَ ذَلِكَ