(وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ فَخَرِبَتْ ثُمَّ بُنِيَتْ أُخْرَى فَدَخَلَهَا يَحْنَثُ) لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الِاسْمَ بَاقٍ بَعْدَ الِانْهِدَامِ، (وَإِنْ جُعِلَتْ مَسْجِدًا أَوْ حَمَّامًا أَوْ بُسْتَانًا أَوْ بَيْتًا فَدَخَلَهُ لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ دَارًا لِاعْتِرَاضِ اسْمٍ آخَرَ عَلَيْهِ، وَكَذَا إذَا دَخَلَهُ بَعْدَ انْهِدَامِ الْحَمَّامِ وَأَشْبَاهِهِ لِأَنَّهُ لَا يَعُودُ اسْمَ الدَّارِيَةِ.
(وَإِنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذَا الْبَيْتَ فَدَخَلَهُ بَعْدَمَا انْهَدَمَ وَصَارَ صَحْرَاءَ لَمْ يَحْنَثْ) لِزَوَالِ اسْمِ الْبَيْتِ لِأَنَّهُ لَا يُبَاتُ فِيهِ، حَتَّى لَوْ بَقِيَتْ الْحِيطَانُ وَسَقَطَ السَّقْفُ يَحْنَثُ لِأَنَّهُ يُبَاتُ فِيهِ وَالسَّقْفُ وَصْفٌ فِيهِ (وَكَذَا إذَا بَنَى بَيْتًا آخَرَ فَدَخَلَهُ لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّ الِاسْمَ لَمْ يَبْقَ بَعْدَ الِانْهِدَامِ.
بَعْضُهَا قِيلَ دَارٌ خَرَابٌ فَيَكُونُ هَذَا الْوَصْفُ جُزْءَ الْمَفْهُومِ لَهَا، فَأَمَّا إذَا مُحِيَتْ الْأَبْنِيَةُ بِالْكُلِّيَّةِ وَعَادَتْ سَاحَةً فَالظَّاهِرُ أَنَّ إطْلَاقَ اسْمِ الدَّارِ فِي الْعُرْفِ عَلَيْهَا كَهَذِهِ دَارُ فُلَانٍ مَجَازٌ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ، فَالْحَقِيقَةُ أَنْ يُقَالَ كَانَتْ دَارًا، وَإِذَا عُرِفَ ذَلِكَ فَإِذَا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا فَدَخَلَ دَارًا خَرِبَةً بِأَنْ صَارَتْ لِأَبْنَاءِ بِمَا لَا يَحْنَثُ، وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ فَإِنَّهُ قَالَ فِي مُقَابِلِهِ فِيمَا إذَا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ فَدَخَلَهَا بَعْدَ مَا صَارَتْ صَحْرَاءَ حَنِثَ، وَإِنَّمَا تَقَعُ الْمُقَابَلَةُ بَيْنَ الْمُعَيَّنِ وَالْمُنَكَّرِ فِي الْحُكْمِ إذَا تَوَارَدَ حُكْمُهُمَا عَلَى مَحَلٍّ، فَأَمَّا إذَا دَخَلَ بَعْدَمَا زَالَتْ بَعْضُ حِيطَانِهَا فَهَذِهِ دَارٌ خَرِبَةٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْنَثَ فِي الْمُنَكَّرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ نِيَّةٌ، وَإِنَّمَا وَقَعَتْ هَذِهِ الْمُفَارَقَةُ لِأَنَّ الْبِنَاءَ وَإِنْ كَانَ وَصْفًا فِيهَا يَعْنِي مُعْتَبَرًا فِيهَا غَيْرَ أَنَّ الْوَصْفَ فِي الْحَاضِرِ لَغْوٌ لِأَنَّ ذَاتَه تَتَعَرَّفُ بِالْإِشَارَةِ فَوْقَ مَا تَتَعَرَّفُ بِالْوَصْفِ، وَفِي الْغَائِبِ مُعْتَبَرٌ لِأَنَّهُ الْمُعَرِّفُ لَهُ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ فَخَرِبَتْ ثُمَّ بُنِيَتْ دَارًا أُخْرَى فَدَخَلَهَا حَنِثَ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الِاسْمَ بَاقٍ بَعْدَ الِانْهِدَامِ، وَلَوْ بُنِيَتْ مَسْجِدًا أَوْ حَمَّامًا أَوْ بُسْتَانًا أَوْ بُنِيَتْ بَيْتًا فَدَخَلَهُ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّهَا لَمْ تَبْقَ دَارًا) وَكَذَا إذَا غَلَبَ عَلَيْهَا الْمَاءُ أَوْ جُعِلَتْ نَهْرًا فَدَخَلَهُ لِاعْتِرَاضِ اسْمٍ آخَرَ عَلَيْهِ وَكَذَا إذَا دَخَلَهُ بَعْدَمَا انْهَدَمَ الْمَبْنِيُّ ثَانِيًا مِنْ الْحَمَّامِ وَمَا مَعَهُ لِأَنَّهُ لَا يَعُودُ اسْمُ الدَّارِيَّةِ بِيَاءٍ مُشَدَّدَةٍ، وَكَذَا إذَا بَنَى دَارًا بَعْدَمَا انْهَدَمَ مَا بُنِيَ ثَانِيًا مِنْ الْحَمَّامِ وَنَحْوِهِ لِأَنَّهَا غَيْرُ تِلْكَ الدَّارِ الَّتِي مَنَعَ نَفْسَهُ مِنْ الدُّخُولِ فِيهَا. وَيَرِدُ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ أَنَّ الْبِنَاءَ إنْ كَانَ جُزْءَ مَفْهُومِ الدَّارِ عُرْفًا فَعَدَمُ الْحِنْثِ إذَا زَالَ فِي الْمُنَكَّرِ حَقٌّ لَكِنَّ ثُبُوتَ الْحِنْثِ فِي الْمُشَارِ إلَيْهَا بَعْدَمَا صَارَتْ صَحْرَاءَ مُشْكِلٌ لِأَنَّ كَوْنَ الْإِشَارَةِ تُعَيِّنُ الذَّاتَ إنَّمَا يَقْتَضِي تَعَيُّنُ هَذَا الْبِنَاءِ مَعَ السَّاحَةِ مَحْلُوفًا عَلَيْهِ وَفْد انْتَفَى، وَيَقْتَضِي أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ دَخَلَهَا بَعْدَمَا انْهَدَمَتْ وَبُنِيَتْ دَارًا أُخْرَى لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ هَذَا الْبِنَاءَ الثَّانِيَ لَيْسَ عَيْنَ ذَلِكَ وَالْحُكْمُ عِنْدَهُمْ خِلَافُهُ.
فَإِنْ قِيلَ: الْحَلِفُ إذَا وَقَعَ عَلَى مُعَيَّنٍ وَقَعَ عَلَى كُلِّ جُزْءٍ فَيَحْنَثُ بِوُجُودِ الْجُزْءِ الْوَاحِدِ. قُلْنَا: مَمْنُوعٌ بَلْ عَلَى الْمَجْمُوعِ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ زَيْدًا وَعُمْرًا أَوْ أَهْلَ الْكُوفَةِ لَا يَحْنَثُ بِكَلَامِ أَحَدِهِمْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جُزْءًا، بَلْ الْمُعْتَبَرُ كَوْنُ الْعَرْصَةِ بُنِيَتْ أَشْكَلَ عَلَيْهِ عَدَمُ الْحِنْثِ فِي الْمُنَكَّرِ فِيمَا إذَا دَخَلَهَا بَعْدَمَا انْهَدَمَتْ وَصَارَتْ صَحْرَاءَ لِوُجُودِ تَمَامِ الْمُسَمَّى. .
(قَوْلُهُ وَإِذَا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذَا الْبَيْتَ فَدَخَلَهُ بَعْدَمَا انْهَدَمَ وَصَارَ صَحْرَاءَ لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّ اسْمَ الْبَيْتِ قَدْ زَالَ بِالِانْهِدَامِ لِزَوَالِ مُسَمَّاهُ وَهُوَ الْبِنَاءُ الَّذِي يُبَاتُ فِيهِ، بِخِلَافِ الدَّارِ لِأَنَّهَا تُسَمَّى دَارًا وَلَا بِنَاءَ فِيهَا، فَلَوْ بَقِيَتْ الْحِيطَانُ وَزَالَ السَّقْفُ حَنِثَ لِأَنَّهُ يُبَاتُ فِيهِ وَالسَّقْفُ وَصْفٌ فِيهِ، وَهَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute