قَالَ (وَمَنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ فَوَقَفَ عَلَى سَطْحِهَا حَنِثَ) لِأَنَّ السَّطْحَ مِنْ الدَّارِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُعْتَكِفَ لَا يَفْسُدُ اعْتِكَافُهُ بِالْخُرُوجِ إلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ. وَقِيلَ فِي عُرْفِنَا لَا يَحْنَثُ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ. قَالَ (وَكَذَا إذَا دَخَلَ دِهْلِيزَهَا) وَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي تَقَدَّمَ
يُفِيدُك أَنَّ ذِكْرَ السَّقْفِ فِي الدِّهْلِيزِ مِنْ قَوْلِهِ وَهُوَ مُسَقَّفٌ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ مُعْتَادٌ لِلْبَيْتُوتَةِ كَمَا قَدَّمْنَا، وَالْبَيْتُ لَا يَلْزَمُ فِي مَفْهُومِهِ السَّقْفُ فَقَدْ تَكُونُ مُسَقَّفًا وَهُوَ الْبَيْتُ الشِّتْوِيُّ وَغَيْرُ مُسَقَّفٍ وَهُوَ الصَّيْفِيُّ (وَكَذَا إذَا بَنَى بَيْتًا آخَرَ فَدَخَلَهُ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ الِاسْمَ لَمْ يَبْقَ بَعْدَ الِانْهِدَامِ) وَهَذَا الْمَبْنِيُّ غَيْرُ الْبَيْتِ الَّذِي مَنَعَ نَفْسَهُ دُخُولَهُ.
وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ بَيْتًا فَدَخَلَ بَيْتَ شَعْرٍ أَوْ فُسْطَاطًا إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ حَنِثَ وَإِلَّا لَا يَحْنَثُ. .
(قَوْلُهُ وَمَنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ فَوَقَفَ عَلَى سَطْحِهَا) مِنْ غَيْرِ دُخُولٍ مِنْ الْبَابِ بِأَنْ ظَفِرَ مِنْ سَطْحٍ إلَى سَطْحِهَا (حَنِثَ لِأَنَّ السَّطْحَ مِنْ الدَّارِ، أَلَّا يُرَى أَنَّ الْمُعْتَكِفَ لَا يَفْسُدُ اعْتِكَافُهُ بِالْخُرُوجِ إلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ) فَلَوْ عُدَّ السَّطْحُ خَارِجًا فَسَدَ. وَقَدْ يُقَالُ الْمَبْنَى مُخْتَلِفٌ فَإِنَّ الْأَيْمَانَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْعُرْفِ فَجَازَ كَوْنُ بَعْضِ مَا هُوَ فِي حُكْمِ الْمَسْجِدِ خَارِجًا فِي الْعُرْفِ؛ أَلَا يُرَى أَنَّ فِنَاءَ الْمَسْجِدِ لَهُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ فِي بَعْضِ الْأَشْيَاءِ حَتَّى جَازَ اقْتِدَاءُ مَنْ فِيهِ بِمَنْ فِي الْمَسْجِدِ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ خَارِجٌ فَالْأَقْرَبُ مَا قِيلَ الدَّارُ عِبَارَةٌ عَمَّا أَحَاطَتْ بِهِ الدَّائِرَةُ، وَهَذَا حَاصِلٌ فِي عُلُوِّ الدَّارِ وَسَطْحِهَا، وَهَذَا يَتِمُّ إذَا كَانَ السَّطْحُ بِحَضِيرٍ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَضِيرٌ فَلَيْسَ هُوَ إلَّا فِي هَوَاءِ الدَّارِ فَلَا يَحْنَثُ مِنْ حَيْثُ اللُّغَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عُرْفٌ أَنَّهُ يُقَالُ إنَّهُ دَاخِلُ الدَّارِ.
وَالْحَقُّ أَنَّ السَّطْحَ لَا شَكَّ أَنَّهُ مِنْ الدَّارِ لِأَنَّهُ مِنْ أَجْزَائِهَا حِسًّا لَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْقِيَامِ عَلَيْهِ أَنْ يُقَالَ فِي الْعُرْفِ دَخَلَ الدَّارَ بَلْ لَا يَتَعَلَّقُ لَفْظُ دَخَلَ إلَّا بِجَوْفِ الدَّارِ حَتَّى صَحَّ أَنْ يُقَالَ لَمْ يَدْخُلْ الدَّارَ وَلَكِنْ صَعِدَ السَّطْحَ مِنْ خَارِجٍ بِحَبْلٍ، وَهَذَا فِي عُرْفِ مَنْ لَيْسَ أَهْلَ اللِّسَانِ فَطَابَقَ عُرْفُ الْعَجَمِ. وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ قَوْلِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ بِأَنْ يُحْمَلَ جَوَابُ الْمُتَقَدِّمِينَ بِالْحِنْثِ عَلَى مَا إذَا كَانَ لِلسَّطْحِ حَضِيرٌ وَجَوَابُ الْمُتَأَخِّرِينَ الْمُعَبِّرُ عَنْهُمْ بِقَوْلِهِ وَقِيلَ فِي عُرْفِنَا يَعْنِي عُرْفَ الْعَجَمِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ حَضِيرٌ اتَّجَهَ وَهَذَا اعْتِقَادِيٌّ (قَوْلُهُ وَقِيلَ فِي عُرْفِنَا لَا يَحْنَثُ) أَيْ بِالْوُقُوفِ عَلَى السَّطْحِ.
وَكَذَا لَا يَحْنَثُ بِالصُّعُودِ عَلَى شَجَرَةٍ دَاخِلَهَا لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى دَاخِلَ الدَّارِ مَا لَمْ يَدْخُلْ جَوْفَهَا، وَكَذَا إذَا قَامَ عَلَى حَائِطٍ مِنْهَا (قَوْلُهُ وَكَذَا إذَا دَخَلَ دِهْلِيزهَا) يَعْنِي يَحْنَثُ وَيَجِبُ فِيهِ التَّفْصِيلُ الْمُتَقَدِّمُ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ لَهُ حَوَائِطُ وَهُوَ مُسَقَّفٌ. وَأَنْتَ عَلِمْت أَنَّ السَّقْفَ لَيْسَ لَازِمًا فِي مُسَمَّى الْبَيْتِ بَلْ فِي مُسَمَّى الْبَيْتِ الشِّتْوِيِّ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute