للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ هَذَا الثَّوْبَ وَهُوَ لَابِسُهُ فَنَزَعَهُ فِي الْحَالِ لَمْ يَحْنَثْ) وَكَذَا إذَا حَلَفَ لَا يَرْكَبُ هَذِهِ الدَّابَّةَ وَهُوَ رَاكِبُهَا فَنَزَلَ مِنْ سَاعَتِهِ لَمْ يَحْنَثْ، وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَسْكُنُ هَذِهِ الدَّارَ وَهُوَ سَاكِنُهَا فَأَخَذَ فِي النَّقْلَةِ مِنْ سَاعَتِهِ. وَقَالَ زُفَرُ: يَحْنَثُ لِوُجُودِ الشَّرْطِ وَإِنْ قَلَّ. وَلَنَا أَنَّ الْيَمِينَ تُعْقَدُ لِلْبِرِّ فَيُسْتَثْنَى مِنْهُ زَمَانُ تَحْقِيقِهِ (فَإِنْ لَبِثَ عَلَى حَالِهِ سَاعَةً حَنِثَ) لِأَنَّ هَذِهِ الْأَفَاعِيلَ لَهَا دَوَامٌ بِحُدُوثِ أَمْثَالِهَا؛ أَلَا يُرَى أَنَّهُ يُضْرَبُ لَهَا مُدَّةٌ يُقَالُ رَكِبْت يَوْمًا وَلَبِسْت يَوْمًا بِخِلَافِ الدُّخُولِ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ دَخَلْت يَوْمًا بِمَعْنَى الْمُدَّةِ وَالتَّوْقِيتِ وَلَوْ نَوَى الِابْتِدَاءَ الْخَالِصَ يُصَدَّقُ لِأَنَّهُ مُحْتَمَلُ كَلَامِهِ.

الْوَقْتِ إذَا كَانَ لَا يَمْتَدُّ فَيُرَادُ بِهِ مَا يَعُمُّ النَّهَارَ وَاللَّيْلَ. وَذَلِكَ أَعْنِي عَدَمَ ضَرْبِ الْمُدَّةِ تَقْدِيرًا لِلدُّخُولِ دَلِيلٌ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَجَدُّدُ أَمْثَالٍ يَصِيرُ بِهِ مُتَكَرِّرًا لِيَحْنَثَ بِحُدُوثِ الْمُتَكَرِّرَاتِ فَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِابْتِدَاءِ الْفِعْلِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِهِ الْبَقَاءَ.

وَهَذِهِ عَلَى عَكْسِهِ يَنْعَقِدُ بِمُقْتَضَى مُطْلَقِ اللَّفْظِ عَلَى الْأَعَمِّ مِنْ الِابْتِدَاءِ وَالْبَقَاءِ. وَأَمَّا الِابْتِدَاءُ فَقَطْ فَمُحْتَمَلُهُ حَتَّى لَوْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ لَا أَسْكُنُ وَأَرْكَبُ وَأَلْبَسُ ابْتِدَاءَ الْفِعْلِ فَقَطْ صَدَقَ لِأَنَّهُ مُحْتَمَلُ كَلَامِهِ فَلَا يَحْنَثُ بِاسْتِمْرَارِهِ سَاكِنًا وَرَاكِبًا.

وَفَرَّعَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى كَوْنِ هَذِهِ لَهَا تَجَدُّدُ أَمْثَالٍ يَصِيرُ بِهَا فِي مَعْنَى الِابْتِدَاءِ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ وَهُوَ لَابِسٌ لَيَلْبَسُ هَذَا الثَّوْبَ غَدًا وَاسْتَمَرَّ لَابِسَهُ حَتَّى مَضَى الْغَدُ لَا يَحْنَثُ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ نَزَعَهُ ثُمَّ لَبِسَهُ فِي الْغَدِ. ثُمَّ إنَّهُ إنَّمَا يَحْنَثُ بِتَأْخِيرِ سَاعَةٍ إذَا أَمْكَنَهُ النَّقْلُ فِيهَا. فَأَمَّا إذَا لَمْ يَقْدِرْ بِأَنْ كَانَ بِعُذْرِ اللَّيْلِ وَخَوْفِ اللِّصِّ أَوْ مَنْعِ ذِي السُّلْطَانِ أَوْ عَدَمِ مَوْضِعٍ يَنْتَقِلُ إلَيْهِ حِينَئِذٍ أَوْ أُغْلِقَ عَلَيْهِ الْبَابُ فَلَمْ يَسْتَطِعْ فَتْحَهُ أَوْ كَانَ شَرِيفًا أَوْ ضَعِيفًا لَا يَقْدِرُ عَلَى حَمْلِ الْمَتَاعِ بِنَفْسِهِ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَنْقُلُهَا لَا يَحْنَثُ وَيُلْحَقُ ذَلِكَ الْوَقْتُ بِالْعَدَمِ لِلْعُذْرِ، وَأَوْرَدَ مَا ذَكَرَ الْفَضْلِيُّ فِيمَنْ قَالَ إنْ لَمْ أَخْرُجْ مِنْ هَذَا الْمَنْزِلِ الْيَوْمَ فَهِيَ طَالِقٌ فَقُيِّدَ أَوْ مُنِعَ مِنْ الْخُرُوجِ حَنِثَ.

وَكَذَا إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ وَفِي مَنْزِلِ أَبِيهَا إنْ لَمْ تَحْضُرِي اللَّيْلَةَ مَنْزِلِي فَطَالِقٌ فَمَنَعَهَا أَبُوهَا حَنِثَ. أُجِيبَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ كَوْنِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ عَدَمًا فَيَحْنَثُ بِتَحَقُّقِهِ كَيْفَمَا كَانَ لِأَنَّ الْعَدَمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>