للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(مَنْ قَالَ إنْ لَمْ أَشْرَبْ الْمَاءَ الَّذِي فِي هَذَا الْكُوزِ الْيَوْمَ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ وَلَيْسَ فِي الْكُوزِ مَاءٌ لَمْ يَحْنَثْ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ مَاءٌ فَأُهْرِيقَ قَبْلَ اللَّيْلِ لَمْ يَحْنَثْ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَحْنَثُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ) يَعْنِي إذَا مَضَى الْيَوْمُ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا كَانَ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ تَعَالَى. وَأَصْلُهُ أَنَّ مِنْ شَرْطِ انْعِقَادِ الْيَمِينِ وَبَقَائِهِ تُصَوَّرُ الْبِرِّ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ لِأَنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا تُعْقَدُ لِلْبِرِّ فَلَا بُدَّ مِنْ تَصَوُّرِ الْبِرِّ لِيُمْكِنَ إيجَابُهُ. وَلَهُ أَنَّهُ أَمْكَنَ الْقَوْلُ بِانْعِقَادِهِ مُوجِبًا لِلْبِرِّ عَلَى وَجْهٍ يَظْهَرُ فِي حَقِّ الْخُلْفِ وَهُوَ الْكَفَّارَةُ. قُلْنَا: لَا بُدَّ مِنْ تَصَوُّرِ الْأَصْلِ لِيَنْعَقِدَ فِي حَقِّ الْخُلْفِ وَلِهَذَا لَا يَنْعَقِدُ الْغَمُوسُ مُوجِبًا لِلْكَفَّارَةِ (وَلَوْ كَانَتْ الْيَمِينُ مُطْلَقَةً؛ فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لَا يَحْنَثُ عِنْدَهُمَا، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَحْنَثُ فِي الْحَالِ، وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي يَحْنَثُ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا)

أَمَّا فِيمَا لَا يَمْتَزِجُ كَالدُّهْنِ يَحْنَثُ بِالِاتِّفَاقِ إذَا عَقَدَ يَمِينَهُ عَلَى الدُّهْنِ.

(قَوْلُهُ وَمَنْ قَالَ إنْ لَمْ أَشْرَبْ الْمَاءَ الَّذِي فِي هَذَا الْكُوزِ الْيَوْمَ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ وَلَيْسَ فِي الْكُوزِ مَاءٌ لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَاءٌ فَأُهْرِيقَ قَبْلَ اللَّيْلِ لَمْ يَحْنَثْ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ) سَوَاءٌ عَلِمَ وَقْتَ الْحَلِفِ أَنَّ فِيهِ مَاءً أَوْ لَمْ يَعْلَمْ (وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَحْنَثُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ إذَا مَضَى الْيَوْمُ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافُ إذَا كَانَ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ تَعَالَى، وَأَصْلُهُ) أَيْ أَصْلُ هَذَا الْخِلَافِ أَنَّ تَصَوُّرَ الْبِرِّ شَرْطٌ لِانْعِقَادِ الْيَمِينِ الْمُطْلَقَةِ عَنْ الْوَقْتِ وَلِبَقَاءِ الْيَمِينِ الْمُقَيَّدَةِ بِالْوَقْتِ عِنْدَهُمَا إلَى وُجُوبِ الْبِرِّ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَوَجْهٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يُشْتَرَطُ تَصَوُّرُ الْبِرِّ فِي انْعِقَادِ الْيَمِينِ الْمُطْلَقَةِ وَلَا لِبَقَاءِ الْمُقَيَّدَةِ، وَهُوَ وَجْهٌ آخَرُ لِلشَّافِعِيَّةِ.

وَمِمَّا ابْتَنَى عَلَى الْخِلَافِ: لَوْ حَلَفَ لَيَقْتُلَن زَيْدًا الْيَوْمَ فَمَاتَ زَيْدٌ قَبْلَ مُضِيِّ الْيَوْمِ لَا يَحْنَثُ عِنْدَهُمَا، وَيَحْنَثُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ الْيَوْمِ، وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَيَقْتُلَنهُ وَهُوَ مَيِّتٌ وَالْحَالِفُ جَاهِلٌ بِمَوْتِهِ لَا يَحْنَثُ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لَهُ، وَإِنَّمَا شَرَطْنَا جَهْلَهُ بِمَوْتِهِ عِنْدَهُمَا لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ عَالِمًا بِمَوْتِهِ انْعَقَدَتْ وَحَنِثَ بِالِاتِّفَاقِ لِأَنَّ الْيَمِينَ انْعَقَدَتْ عَلَى إزَالَةِ حَيَاةٍ يُحْدِثُهَا اللَّهُ فِيهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَالِمًا لِأَنَّهُ عَقَدَهَا عَلَى حَيَاتِهِ الْقَائِمَةِ فِي ظَنِّهِ وَالْوَاقِعُ انْتِفَاؤُهَا فَكَانَ الْبِرُّ غَيْرَ مُتَصَوَّرٍ كَمَسْأَلَةِ الْكُوزِ فَإِنَّهُ وَإِنْ أَمْكَنَ إحْدَاثُ اللَّهِ تَعَالَى الْمَاءَ فِيهِ لَكِنَّهُ مَاءٌ آخَرُ غَيْرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>