(وَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ أَيَّامًا فَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) لِأَنَّهُ اسْمُ جَمْعٍ ذُكِرَ مُنَكَّرًا فَيُتَنَاوَلُ أَقَلَّ الْجَمْعِ وَهُوَ الثَّلَاثُ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ الْأَيَّامَ فَهُوَ عَلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا: عَلَى أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ الشُّهُورَ فَهُوَ عَلَى عَشَرَةِ أَشْهُرٍ عِنْدَهُ. وَعِنْدَهُمَا عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا لِأَنَّ اللَّامَ لِلْمَعْهُودِ وَهُوَ مَا ذَكَرْنَا، لِأَنَّهُ يَدُورُ عَلَيْهَا. وَلَهُ أَنَّهُ جَمْعٌ مُعَرَّفٌ فَيَنْصَرِفُ إلَى أَقْصَى مَا يُذْكَرُ بِلَفْظِ الْجَمْعِ وَذَلِكَ عَشَرَةٌ
فَرْعٌ]
إذَا قَالَ لَا أُكَلِّمُهُ الْعُمْرَ فَهُوَ عَلَى الْأَبَدِ. وَاخْتَلَفَ جَوَابُ بِشْرِ بْنِ الْوَلِيدِ فِي الْمُنَكَّرِ نَحْوُ عُمْرًا، فَمَرَّةً قَالَ فِي لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ عُمْرٍ يَقَعُ عَلَى يَوْمٍ وَاحِدٍ، وَمَرَّةً قَالَ هُوَ مِثْلُ الْحِينِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ
(قَوْلُهُ وَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ أَيَّامًا فَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) ذَكَرَهُ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ، وَذَكَرَ فِيهِ أَنَّهُ بِالِاتِّفَاقِ، فَإِنَّهُ قَالَ وَأَجْمَعُوا فِيمَنْ قَالَ إنْ كَلَّمْتُك دُهُورًا أَوْ أَزْمِنَةً أَوْ شُهُورًا أَوْ سِنِينَ أَوْ جُمَعًا أَوْ أَيَّامًا يَقَعُ عَلَى ثَلَاثَةٍ مِنْ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ لِأَنَّهَا أَدْنَى الْجُمَعِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ، وَذُكِرَ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ أَنَّهَا عَلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ عِنْدَهُ كَالْمُعَرَّفِ.
قَالَ الْإِسْبِيجَابِيُّ: وَالْمَذْكُورُ فِي الْجَامِعِ أَصَحُّ. وَوَجَّهَهُ الْمُصَنَّفُ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ اسْمُ جَمْعٍ مُنَكَّرٍ فَيَتَنَاوَلُ أَقَلَّ الْجُمَعِ وَهُوَ الثَّلَاثُ كَمَا يَتَنَاوَلُ أَكْثَرَ مِنْهُ، لَكِنْ لَا مُعَيِّنَ لِلزَّائِدِ فَلَزِمَ الْمُتَيَقَّنُ، كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي عَبِيدًا وَلَا يَتَزَوَّجُ نِسَاءً يَقَعُ عَلَى ثَلَاثَةٍ. وَأَوْرَدَ أَنَّ حِكَايَةَ الِاتِّفَاقِ فِي الْمُثُلِ الْمَذْكُورَةِ تُوجِبُ عَدَمَ تَوَقُّفِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي مَعْنَى الدَّهْرِ لِأَنَّ مَنْ لَا يَدْرِي مَعْنَى الْمُفْرَدِ لَا يَدْرِي مَعْنَى الْجَمْعِ، وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ إذْ قَوْلُهُ الدُّهُورُ لِثَلَاثَةٍ مِمَّا يُرَادُ بِهِ لَيْسَ فِيهِ تَعْيِينٌ مَعْنَاهُ أَنَّهُ مَا هُوَ، نَعَمْ يَلْزَمُ لِكُلِّ عَاقِلٍ نَفْيُ أَنْ يُرَادَ بِهِ اللَّهُ ﷾ لِمَكَانِ الْجَمْعِ.
وَمِنْ فُرُوعِ الْمُنَكَّرِ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ يَوْمًا إنْ حَلَفَ قَبْلَ الطُّلُوعِ فَهُوَ عَلَى مَا مِنْ الطُّلُوعِ إلَى الْغُرُوبِ، وَإِنْ حَلَفَ بَعْدَهُ فَهُوَ عَلَى مَا مِنْ وَقْتِ حَلِفِهِ إلَى مِثْلِهِ مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي وَيَدْخُلُ اللَّيْلُ فَإِنْ كَلَّمَهُ لَيْلًا حَنِثَ، وَلَوْ قَالَ الْيَوْمُ وَقَعَ عَلَى بَقِيَّةِ يَوْمِهِ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ يَوْمَيْنِ دَخَلَ اللَّيْلُ سَوَاءٌ حَلَفَ بَعْدَ الطُّلُوعِ أَوْ قَبْلَهُ، وَالْجَوَابُ فِي اللَّيْلِ مِثْلُهُ فِي الْيَوْمِ (قَوْلُهُ وَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ الْأَيَّامَ فَهُوَ عَلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) وَكَذَلِكَ الْجُمَعُ وَالشُّهُورُ وَالسِّنِينَ وَالدُّهُورُ وَالْأَزْمِنَةُ لِلتَّعْرِيفِ يَنْصَرِفُ إلَى عَشَرَةٍ مِنْ تِلْكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute