. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فِي حَدِّ التَّكْرَارِ، وَمُقْتَضَاهُ إنْ نُظِرَ إلَى الْكَثْرَةِ بِهَذَا الْمَعْنَى هُنَا أَنْ لَا يَحْنَثَ إلَّا بِثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ، وَإِنَّمَا لَمْ يُنْظَرْ إلَى الْكَثْرَةِ مِنْ جِهَةِ الْعُرْفِ لِأَنَّ الْعُرْفَ مُخْتَلِفٌ، فَرُبَّمَا يُقَالُ فِي السَّبْعَةِ كَثِيرَةٌ وَرُبَّمَا يُقَالُ قَلِيلَةٌ، وَكَذَا الْعَشَرَةُ وَالْعِشْرُونَ فَإِنَّهُ يُقَالُ بِاعْتِبَارَاتٍ وَنِسَبٍ لَمْ تَنْضَبِطْ. وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ لَا نِيَّةَ لِلْقَائِلِ فِي مِقْدَارِ الْكَثِيرِ، فَفَرَّعَ كُلٌّ عَلَى أَصْلِهِ. ثُمَّ قَالَ أَبُو الْيُسْرِ: أَمَّا بِلِسَانِنَا فَلَا يَجِيءُ هَذَا الِاخْتِلَافُ بَلْ يُصْرَفُ إلَى أَيَّامِ الْجُمُعَةِ بِالِاتِّفَاقِ، حَتَّى لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ اكرخدمت كنى مراروزهاي بِسَيَّارِ توازاذي إذَا خَدَمَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ يُعْتَقُ لِأَنَّ فِي لِسَانِنَا تُسْتَعْمَلُ مَعَ جَمِيعِ الْأَعْدَادِ لَفْظَةً روز فَلَا يَجِيءُ مَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ مِنْ انْتِهَاءِ الْأَيَّامِ إلَى الْعَشَرَةِ، وَهَذَا حَسَنٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فُرُوعٌ]
قَالَ أَوَّلُ يَوْمٍ مِنْ هَذَا الشَّهْرِ فَهُوَ عَلَى السَّادِسَ عَشَرَ مِنْهُ، وَآخِرُ يَوْمٍ مِنْ أَوَّلِ هَذَا الشَّهْرِ يَقَعُ عَلَى الْخَامِسَ عَشَرَ مِنْهُ، وَجُمَعٌ وَسُنُونَ مُنَكَّرٌ يَقَعُ عَلَى ثَلَاثٍ بِالِاتِّفَاقِ.
وَلَوْ حَلَفَ لَيَفْعَلَنَّ كَذَا عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ أَوْ عِنْدَ رَأْسِ الْهِلَالِ أَوْ إذَا أَهَلَّ الْهِلَالُ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَلَهُ اللَّيْلَةُ الَّتِي يُهِلُّ فِيهَا وَيَوْمُهَا، وَإِنْ نَوَى السَّاعَةَ الَّتِي أَهَلَّ فِيهَا صَحَّتْ نِيَّتُهُ لِأَنَّهُ حَقِيقَةُ كَلَامِهِ وَفِيهِ تَغْلِيظٌ عَلَيْهِ. وَلَوْ قَالَ أَوَّلُ الشَّهْرِ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَلَهُ مِنْ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ إلَى خَامِسَ عَشَرِهِ، وَإِنْ قَالَ آخِرُ الشَّهْرِ فَمِنْ سَادِسَ عَشَرِهِ إلَى آخِرِهِ، أَوْ غُرَّةِ الشَّهْرِ فَاللَّيْلَةُ الْأُولَى وَالْيَوْمُ الْأَوَّلُ فِي الْعُرْفِ، وَإِنْ كَانَ فِي اللُّغَةِ لِلْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ أَوْ سَلْخُ الشَّهْرِ فَالتَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ، وَإِنْ قَالَ صَلَاةَ الظُّهْرِ فَلَهُ وَقْتُ الظُّهْرِ كُلِّهِ، وَعِنْدَ طُلُوعُ الشَّمْسِ لَهُ مِنْ حِينَ تَبْدُو إلَى أَنْ تَبْيَضَّ، وَإِنْ قَالَ وَقْتَ الضَّحْوَةِ فَمِنْ حِينَ تَبْيَضُّ إلَى أَنْ تَزُولَ، فَفِي أَيِّ وَقْتٍ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ فَعَلَ بَرَّ، وَإِنْ قَالَ الْمَسَاءُ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَسَاءَ مَسَاءَانِ، وَلَوْ قَالَ فِي الشِّتَاءِ وَنَحْوِهِ فَعَنْ مُحَمَّدٍ إنْ كَانَ عِنْدَهُمْ حِسَابٌ يَعْرِفُونَ بِهِ الشِّتَاءَ وَالرَّبِيعَ وَالصَّيْفَ وَالْخَرِيفَ فَهُوَ عَلَى حِسَابِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَالشِّتَاءُ مَا يَشْتَدُّ فِيهِ الْبَرْدُ عَلَى الدَّوَامِ، وَالصَّيْفُ مَا يَشْتَدُّ فِيهِ الْحَرُّ عَلَى الدَّوَامِ؛ فَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ: الْخَرِيفُ مَا يَنْكَسِرُ فِيهِ الْحَرُّ عَلَى الدَّوَامِ، وَالرَّبِيعُ مَا يَنْكَسِرُ فِيهِ الْبَرْدُ عَلَى الدَّوَامِ.
وَقَالَ أَبُو اللَّيْثِ: قَالَ مُحَمَّدٌ: لَيْسَ عِنْدَنَا شَيْءٌ فِي مَعْرِفَةِ الصَّيْفِ، إنَّمَا يَرْجِعُ فِيهِ إلَى قَوْلِ النَّاسِ، فَإِذَا قَالُوا بِأَجْمَعِهِمْ ذَهَبَ الشِّتَاءُ وَالصَّيْفُ فَهُوَ كَذَلِكَ يُعْتَبَرُ الْعُرْفُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ.
وَفِي الْوَاقِعَاتِ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْحَالِفُ فِي بَلَدٍ لَهُمْ حِسَابٌ يَعْرِفُونَ بِهِ الصَّيْفَ وَالشِّتَاءَ مُسْتَمِرًّا يَنْصَرِفُ إلَيْهِ، وَإِلَّا فَأَوَّلُ الشِّتَاءِ مَا يَلْبَسُ النَّاسُ فِيهِ الْحَشْوَ وَالْفَرْوَ، وَآخِرُهُ مَا يَسْتَغْنِي النَّاسُ فِيهِ عَنْهُمَا، وَالْفَاصِلُ بَيْنَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ إذَا اسْتَثْقَلَ ثِيَابَ الشِّتَاءِ وَاسْتَخَفَّ ثِيَابَ الصَّيْفِ، وَالرَّبِيعُ مِنْ آخَرِ الشِّتَاءِ إلَى أَوَّلِ الصَّيْفِ، وَالْخَرِيفُ مِنْ آخِرِ الصَّيْفِ إلَى أَوَّلِ الشِّتَاءِ لِأَنَّ مَعْرِفَةَ هَذَا أَيْسَرُ لِلنَّاسِ. وَقِيلَ إذَا كَانَ عَلَى الْأَشْجَارِ أَوْرَاقٌ وَثِمَارٌ فَهُوَ صَيْفٌ، وَإِذَا بَقِيَ الْأَوْرَاقُ دُونَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute