(وَمَنْ قَالَ إنْ لَمْ أَبِعْ هَذَا الْعَبْدَ أَوْ هَذِهِ الْأَمَةَ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ فَأَعْتَقَ أَوْ دَبَّرَ طَلُقَتْ امْرَأَتُهُ) لِأَنَّ الشَّرْطَ قَدْ تَحَقَّقَ وَهُوَ عَدَمُ الْبَيْعِ لِفَوَاتِ مَحَلِّيَّةِ الْبَيْعِ
(وَإِذَا قَالَتْ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا تَزَوَّجْت عَلَيَّ فَقَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ ثَلَاثًا طَلُقَتْ هَذِهِ الَّتِي حَلَّفَتْهُ فِي الْقَضَاءِ)
وَإِنْ لَمْ يَسْتَعْقِبْ الْمِلْكَ فَهُوَ بَيْعٌ تَامٌّ عَلَى وَفْقِ الدَّلِيلِ وَهُوَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ فِي مَحَلِّهِ فَكَانَ وُجُودُهُ وُجُودَ الشَّرْطِ، بِخِلَافِ النِّكَاحِ فَإِنَّهُ إذَا صَحَّ كَانَ عَلَى خِلَافِ الدَّلِيلِ إذْ الْحُرِّيَّةُ تَنْفِي وُرُودَ الْمِلْكِ فَكَيْفَ إذَا كَانَ الْمِلْكُ فَاسِدًا فَلَا يُحْكَمُ بِهَذَا الشَّرْطِ إلَّا إذَا صَحَّ.
وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: لَا وُرُودَ لِهَذَا السُّؤَالِ فَإِنَّ هَذَا الْبَيْعَ وَإِنْ كَانَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ يَعْقُبُ الْمِلْكَ لَهُ بِسَبَبٍ خَاصٍّ فِيهِ وَهُوَ تَعْلِيقُهُ السَّابِقُ عِتْقَ مَنْ يَشْتَرِيه فَإِنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يُنْزِلَ الْعِتْقَ عِنْدَ الشِّرَاءِ لِأَنَّهُ الشَّرْطُ وَيَسْتَلْزِمُ سَبْقَ الْمِلْكِ اقْتِضَاءً وَمِثْلُهُ لَا يُتَصَوَّرُ فِي النِّكَاحِ. وَأَوْرَدَ مَنْعَ كَوْنِ الْمُعَلَّقِ كَالْمُنْجَزِ لِأَنَّ الْمُنْجَزَ لَوْ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَ الْخِيَارِ وَالْحُكْمِ بِتَقَدُّمِهِ يَلْغُو، وَالْمُعَلَّقُ لَا يَلْزَمُ إلْغَاؤُهُ لِأَنَّ الْمِلْكَ يَثْبُتُ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ الْخِيَارِ فَيَنْزِلُ إذْ ذَاكَ وَلَا يَلْغُو.
وَأُجِيبَ لَمَّا أَمْكَنَ أَنْ يَجْرِيَ فِيهِ مَا يَجْرِي فِي الْمُنْجَزِ وَالْعِتْقُ يُحْتَاطُ فِي إثْبَاتِهِ وَجَبَ اعْتِبَارُهُ إذْ ذَاكَ وَإِلَّا جَازَ أَنْ يُفْسَخَ قَبْلَ الْمُدَّةِ فَلَا يُعْتَقُ، بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَى أَبَاهُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَا يُعْتَقُ إلَّا أَنْ تَمْضِيَ الْمُدَّةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِعَدَمِ الْمِلْكِ فَإِنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ تَكَلُّمٌ بِالْإِعْتَاقِ بَعْدَ الشِّرَاءِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ حَتَّى يَسْقُطَ خِيَارُهُ، وَإِنَّمَا يُعْتَقُ عَلَى الْقَرِيبِ بِحُكْمِ الْمِلْكِ وَلَا مِلْكَ لِلْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ، وَالشَّارِعُ إنَّمَا عَلَّقَ عِتْقَهُ فِي قَوْلِهِ " مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ " بِالْمِلْكِ لَا بِالشِّرَاءِ، أَمَّا هُنَا فَالْإِيجَابُ الْمُعَلَّقُ صَارَ مُنْجَزًا عِنْدَ الشَّرْطِ وَصَارَ قَائِلًا أَنْتَ حُرٌّ فَيَنْفَسِخُ الْخِيَارُ ضَرُورَةً
(قَوْلُهُ وَمَنْ قَالَ إنْ لَمْ أَبِعْ هَذَا الْعَبْدَ أَوْ هَذِهِ الْأَمَةَ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ فَأَعْتَقَ أَوْ دَبَّرَ) تَدْبِيرًا مُطْلَقًا (طَلُقَتْ لِأَنَّ الشَّرْطَ) وَهُوَ عَدَمُ بَيْعِهِ (قَدْ تَحَقَّقَ) بِوُقُوعِ الْيَأْسِ عَنْهُ بِفَوَاتِ الْمَحَلِّيَّةِ بِالْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ، فَصَارَ كَمَا لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِعَدَمِهِ بِلَفْظِ إنْ فَمَاتَ أَوْ مَاتَ الْعَبْدُ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ لِوُقُوعِ الْيَأْسِ. وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ مَنْعَ وُقُوعِ الْيَأْسِ فِي الْعِتْقِ مُطْلَقًا بَلْ فِي الْعَبْدِ، أَمَّا فِي الْأَمَةِ فَجَازَ أَنْ تَرْتَدَّ بَعْدَ الْعِتْقِ فَتُسْبَى فَيَمْلِكُهَا هَذَا الْحَالِفُ فَيُعْتِقُهَا. وَفِي التَّدْبِيرِ مُطْلَقًا لِجَوَازِ أَنْ يَقْضِيَ الْقَاضِي بِبَيْعِ الْمُدَبَّرِ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ مِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ لَا تَطْلُقُ لِهَذَا الِاحْتِمَالِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا تَطْلُقُ لِأَنَّ مَا فُرِضَ مِنْ الْأُمُورِ الْمَوْهُومَةِ الْوُقُوعُ فَلَا يُعْتَبَرُ، وَلِأَنَّ الْحَلِفَ عَلَى بَيْعِ هَذَا الْمِلْكِ لَا كُلِّ مِلْكٍ. وَأُجِيبَ أَيْضًا عَنْ الْمُدَبَّرِ بِأَنَّ بَيْعَهُ بَيْعُ قِنٍّ لِانْفِسَاخِ التَّدْبِيرِ بِالْقَضَاءِ فَيُعْتَقُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْعَبْدِ ذِمِّيًّا أَوْ مُسْلِمًا، وَيَجْرِي فِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ وَالتَّصْحِيحُ
(قَوْلُهُ وَإِذَا قَالَتْ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا تَزَوَّجْت عَلِيَّ فَقَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ ثَلَاثًا طَلُقَتْ هَذِهِ الَّتِي حَلَّفَتْهُ فِي الْقَضَاءِ) وَإِنْ قَالَ نَوَيْت
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute