للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ جَوَابًا فَيَنْطَبِقُ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّ غَرَضَهُ إرْضَاؤُهَا وَهُوَ بِطَلَاقِ غَيْرِهَا فَيَتَقَيَّدُ بِهِ. وَجْهُ الظَّاهِرِ عُمُومُ الْكَلَامِ وَقَدْ زَادَ عَلَى حَرْفِ الْجَوَابِ فَيُجْعَلُ مُبْتَدِئًا، وَقَدْ يَكُونُ غَرَضُهُ إيحَاشُهَا حِينَ اعْتَرَضَتْ عَلَيْهِ فِيمَا أَحَلَّهُ الشَّرْعُ وَمَعَ التَّرَدُّدِ لَا يَصْلُحُ مُقَيَّدًا، وَإِنْ نَوَى غَيْرَهَا يُصَدَّقُ دِيَانَةً لَا قَضَاءً لِأَنَّهُ تَخْصِيصُ الْعَامِّ.

غَيْرَهَا صُدِّقَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَتَطْلُقُ فِي الْقَضَاءِ، وَهَذِهِ مَسْأَلَةُ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَلَمْ يَحْكِ خِلَافًا.

وَذَكَرُوا عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي شُرُوحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ، وَاخْتَارَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ وَكَثِيرٌ مِنْ الْمَشَايِخِ لِأَنَّ الْكَلَامَ خَرَجَ جَوَابًا فَيَنْطَبِقُ عَلَى السُّؤَالِ فَكَأَنَّهُ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي غَيْرُك طَالِقٌ دَلَالَةً (وَلِأَنَّ غَرَضَهُ إرْضَاؤُهَا) لَا إيحَاشُهَا. وَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ اللَّفْظَ عَامٌّ وَلَا مُخَصَّصٌ مُتَيَقَّنٌ، لِأَنَّهُ إنْ كَانَ فَهُوَ غَرَضُ إرْضَائِهَا. وَجَازَ كَوْنُ غَرَضِهِ إيحَاشُهَا لِاعْتِرَاضِهَا عَلَيْهِ فِيمَا أَحَلَّ اللَّهُ لَهُ فَكَانَ مُحْتَمِلًا لِكُلٍّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ، فَالْحُكْمُ بِمُعَيَّنٍ تَحَكُّمٌ، وَلِأَنَّهُ زَادَ عَلَى قَدْرِ الْجَوَابِ إذْ يَكْفِيه أَنْ يَقُولَ إنْ كُنْت فَعَلْت ذَلِكَ فَهِيَ طَالِقٌ فَلَمَّا لَمْ يَقْتَصِرْ جُعِلَ مُبْتَدِئًا تَحَرُّزًا عَنْ الْإِلْغَاءِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فُرُوعٌ]

قَالَ: لِي إلَيْك حَاجَةٌ أَتَقْضِيهَا لِي؟ فَقَالَ نَعَمْ، وَحَلَفَ عَلَى ذَلِكَ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ، فَقَالَ: حَاجَتِي أَنْ تُطَلِّقَ زَوْجَتَك ثَلَاثًا، لَهُ أَنْ لَا يُصَدِّقَهُ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ. وَلَوْ حَلَفَ لَيُطِيعَنهُ فِي كُلِّ مَا يَأْمُرُهُ بِهِ وَيَنْهَاهُ عَنْهُ ثُمَّ نَهَاهُ عَنْ جِمَاعِ امْرَأَتِهِ فَجَامَعَهَا الْحَالِفُ لَا يَحْنَثُ إلَّا إذَا كَانَ مَا يَدُلُّ عَلَى قَصْدِهِ إلَى ذَلِكَ عِنْدَ تَحْلِيفِهِ عَلَى الطَّاعَةِ لِأَنَّ النَّاسَ لَا يُرِيدُونَ بِهِ النَّهْيَ عَنْ جِمَاعِ الْمَرْأَةِ عَادَةً كَمَا لَا يُرِيدُونَ بِهِ النَّهْيَ عَنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ.

حَلَفَ لَا يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ فَكُلُّ طَلَاقٍ يُضَافُ إلَيْهِ يَحْنَثُ بِهِ، حَتَّى لَوْ وَقَعَ عَلَيْهَا طَلَاقٌ بِمُضِيِّ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ يَحْنَثُ لَا بِمَا لَا يُضَافُ إلَيْهِ فَلَا يَحْنَثُ بِتَفْرِيقِ الْقَاضِي لِلَّعْنَةِ وَاللِّعَانِ وَلَا بِإِجَازَةِ خُلْعِ الْفُضُولِيِّ بِالْفِعْلِ، وَيَحْنَثُ لَوْ أَجَازَهُ بِالْقَوْلِ. قَالَ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ دَخَلْت الدَّارَ الْيَوْمَ فَشَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ دَخَلَهَا الْيَوْمَ فَقَالَ عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ كَانَا رَأَيَانِي دَخَلْت لَمْ يُعْتَقْ عَبْدُهُ بِقَوْلِهِمَا رَأَيْنَاهُ دَخَلَ حَتَّى يَشْهَدَ آخَرَانِ غَيْرَهُمَا أَنَّ الْأَوَّلَيْنِ رَأَيَاهُ دَخَلَ. ادَّعَتْ أَنَّهَا امْرَأَتُهُ فَحَلَفَ بِطَلَاقِ زَوْجَةٍ أُخْرَى لَهُ مَا هِيَ امْرَأَتُهُ فَأَقَامَتْ بَيِّنَةً أَنَّهَا امْرَأَتُهُ فَقَالَ كَانَتْ امْرَأَتِي فَطَلَّقْتهَا قَالَ لَا يَحْنَثُ. حَلَفَ مَا لَهُ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَشَهِدَا أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ أَلْفًا وَقَضَى بِهَا الْقَاضِي يَحْنَثُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ، حَتَّى لَوْ كَانَ الْحَلِفُ بِطَلَاقٍ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لَهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ شَهِدَ أَنَّهُ أَقْرَضَهُ أَلْفًا وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا لَا يَحْنَثُ فِي قَوْلِهِمَا.

حَلَفَ بِطَلَاقٍ وَلَا يَدْرِي حَلَفَ بِوَاحِدَةٍ أَوْ أَكْثَرَ يَتَحَرَّى وَيَعْمَلُ بِمَا يَقَعُ عَلَيْهِ لِلتَّحَرِّي، فَإِنْ اسْتَوَى ظَنُّهُ يَأْخُذُ بِالْأَكْثَرِ احْتِيَاطًا. قَالَ: عَمْرَةُ طَالِقٌ السَّاعَةَ أَوْ زَيْنَبُ إنْ دَخَلَتْ الدَّارَ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ عَلَى إحْدَاهُمَا حَتَّى تَدْخُلَ الدَّارَ، فَإِذَا دَخَلَتْ إحْدَاهُمَا خُيِّرَ فِي إيقَاعِهِ عَلَى أَيِّهِمَا شَاءَ. وَلَوْ اتَّهَمَتْ امْرَأَةٌ بِالسَّرِقَةِ فَأَمَرَتْ زَوْجَهَا أَنْ يَحْلِفَ بِطَلَاقِهَا أَنَّهَا لَمْ تَسْرِقْ فَحَلَفَ فَقَالَتْ قَدْ كُنْت سَرَقْت فَلِلزَّوْجِ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>