لَا يَشُمُّ رَيْحَانًا فَشَمَّ وَرْدًا أَوْ يَاسَمِينًا لَا يَحْنَثُ) لِأَنَّهُ اسْمٌ لِمَا لَا سَاقَ لَهُ وَلَهُمَا سَاقٌ
(وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي بَنَفْسَجًا وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَهُوَ عَلَى دُهْنِهِ) اعْتِبَارًا لِلْعُرْفِ وَلِهَذَا يُسَمَّى بَائِعُهُ بَائِعَ الْبَنَفْسَجِ وَالشِّرَاءُ يَنْبَنِي عَلَيْهِ
لَا يَشَمُّ رَيْحَانًا فَشَمَّ وَرْدًا أَوْ يَاسَمِينًا لَمْ يَحْنَثْ) وَيَشَمُّ هُوَ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَالشِّينِ مُضَارِعُ شَمِمْت الطِّيبَ بِكَسْرِ الْمِيمِ فِي الْمَاضِي هَذِهِ هِيَ اللُّغَةُ الْفَصِيحَةُ الْمَشْهُورَةُ، وَأَمَّا شَمَمْت الطِّيبَ أَشُمُّهُ بِفَتْحِ الْمِيمِ فِي الْمَاضِي وَضَمِّهَا فِي الْمُضَارِعِ فَقَدْ أَنْكَرَهَا بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ وَقَالَ هُوَ خَطَأٌ وَصُحِّحَ عَدَمُهُ فَقَدْ نَقَلَهَا الْفَرَّاءُ وَغَيْرُهُ وَإِنْ كَانَتْ لَيْسَتْ بِفَصِيحَةٍ. ثُمَّ يَمِينُ الشَّمِّ تَنْعَقِدُ عَلَى الشَّمِّ الْمَقْصُودِ، فَلَوْ حَلَفَ لَا يَشَمُّ طِيبًا فَوَجَدَ رِيحَهُ لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ وَصَلَتْ الرَّائِحَةُ إلَى دِمَاغِهِ. وَفِي الْمُغْرِبِ: الرَّيْحَانُ كُلُّ مَا طَابَ رِيحُهُ مِنْ النَّبَاتِ. وَعِنْدَ الْفُقَهَاءِ: مَا لِسَاقِهِ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ كَمَا لِوَرَقِهِ. وَقِيلَ فِي عُرْفِ أَهْلِ الْعِرَاقِ اسْمٌ لِمَا لَا سَاقَ لَهُ مِنْ الْبُقُولِ مِمَّا لَهُ رَائِحَةٌ مُسْتَلَذَّةٌ. وَقِيلَ اسْمٌ لِمَا لَيْسَ لَهُ شَجَرٌ ذَكَرَهُ فِي الْمَبْسُوطِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ تَعَالَى ﴿وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ﴾ ثُمَّ قَالَ ﴿وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ﴾ وَلِأَنَّ الرَّيْحَانَ إنَّمَا يُطْلَقُ عَلَى مَا يَنْبُتُ مِنْ بَزْرِهِ مِمَّا لَا شَجَرَ لَهُ وَلِعَيْنِهِ رَائِحَةٌ مُسْتَلَذَّةٌ، وَشَجَرُ الْوَرْدِ وَالْيَاسَمِينِ لَيْسَ لِعَيْنِهِ رَائِحَةٌ إنَّمَا الرَّائِحَةُ لِلزَّهْرِ خَاصَّةً، هَذَا وَاَلَّذِي يَجِبُ أَنْ يُعَوَّلَ عَلَيْهِ فِي دِيَارِنَا إهْدَارُ ذَلِكَ كُلِّهِ؛ لِأَنَّ الرَّيْحَانَ مُتَعَارَفٌ لِنَوْعٍ وَهُوَ رَيْحَانُ الْحَمَاحِمِ، وَأَمَّا كَوْنُ الرَّيْحَانِ التَّرْنَجِيِّ مِنْهُ فَيُمْكِنُ أَنْ لَا يَكُونَ؛ لِأَنَّهُمْ يُلْزِمُونَهُ التَّقْيِيدَ فَيُقَالُ رَيْحَانٌ تُرُنْجِيٌّ، وَعِنْدَنَا يُطْلِقُونَ اسْمَ الرَّيْحَانِ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ إلَّا الْحَمَاحِمُ فَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِعَيْنِ ذَلِكَ النَّوْعِ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي بَنَفْسَجًا فَهُوَ عَلَى دُهْنِهِ) دُونَ وَرَقِهِ فَلَا يَحْنَثُ بِوَرَقِهِ. وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِهِ أَيْضًا بِعُمُومِ الْمَجَازِ، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْعُرْفِ فَكَانَ فِي عُرْفِ أَهْلِ الْكُوفَةِ بَائِعُ الْوَرَقِ لَا يُسَمَّى بَائِعَ الْبَنَفْسَجِ وَإِنَّمَا يُسَمَّى بِهِ بَائِعَ الدُّهْنِ ثُمَّ صَارَ كُلٌّ يُسَمَّى بِهِ فِي أَيَّامِ الْكَرْخِيِّ فَقَالَ بِهِ، وَأَمَّا فِي عُرْفِنَا فَيَجِبُ أَنْ لَا يَنْعَقِدَ إلَّا عَلَى نَفْسِ النَّبَاتِ فَلَا يَحْنَثُ بِالدُّهْنِ أَصْلًا كَمَا قَالَ فِي الْوَرْدِ وَالْحِنَّاءِ إنَّ الْيَمِينَ عَلَى شِرَائِهِمَا يَنْصَرِفُ إلَى الْوَرَقِ؛ لِأَنَّهُمَا اسْمٌ لِلْوَرَقِ وَالْعُرْفُ مُقَرِّرٌ لَهُ بِخِلَافِهِ فِي الْبَنَفْسَجِ.
[فُرُوعٌ مُتَفَرِّقَةُ الْأَصْنَافِ] إذَا حَلَفَ عَلَى الدَّجَاجِ نَفْيًا أَوْ إثْبَاتًا وَكَذَا الْحَمَلُ وَالْإِبِلُ وَالْبَعِيرُ وَالْجَزُورُ وَالْبَقَرُ وَالْبَقَرَةُ وَالْبَغْلُ وَالْبَغْلَةُ وَالشَّاةُ وَالْغَنَمُ وَالْحِمَارُ وَالْخَيْلُ يَتَنَاوَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى وَالتَّاءُ لِلْوَحْدَةِ، قَالَ قَائِلُهُمْ:
لَمَّا مَرَرْت بِدَيْرِ هِنْدٍ أَرَّقَنِي … صَوْتُ الدَّجَاجِ وَضَرْبٌ بِالنَّوَاقِيسِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute