للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَذَا إذَا مَاتُوا أَوْ غَابُوا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِفَوَاتِ الشَّرْطِ

(وَإِنْ كَانَ مُقِرًّا ابْتَدَأَ الْإِمَامُ ثُمَّ النَّاسُ) كَذَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ . «وَرَمَى رَسُولُ اللَّهِ الْغَامِدِيَّةَ بِحَصَاةٍ مِثْلِ الْحِمَّصَةِ وَكَانَتْ قَدْ اعْتَرَفَتْ بِالزِّنَا»

(وَيُغَسَّلُ وَيُكَفَّنُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ) «لِقَوْلِهِ فِي مَاعِزٍ اصْنَعُوا بِهِ كَمَا تَصْنَعُونَ بِمَوْتَاكُمْ» وَلِأَنَّهُ قُتِلَ بِحَقٍّ فَلَا يَسْقُطُ الْغُسْلُ كَالْمَقْتُولِ قِصَاصًا «وَصَلَّى النَّبِيُّ عَلَى الْغَامِدِيَّةِ بَعْدَمَا رُجِمَتْ»

يَجْمَعُهَا. وَمِمَّا يُبْطِلُ الشَّهَادَةَ وَيُسْقِطُ الْحَدَّ أَنْ يَعْتَرِفَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِالزِّنَا قَبْلَ الْقَضَاءِ بِالِاتِّفَاقِ، وَلَوْ اعْتَرَفَ بَعْدَ الْقَضَاءِ بِالْحَدِّ عَنْ الْبَيِّنَةِ مَرَّةً يُسْقِطُهُ أَبُو يُوسُفَ؛ لِأَنَّ سُقُوطَهُ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ كَانَ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الشَّهَادَةِ عَدَمُ الْإِقْرَارِ فَفَاتَ الشَّرْطُ قَبْلَ الْعَمَلِ بِهَا، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الْإِمْضَاءَ مِنْ الْقَضَاءِ فِي الْحُدُودِ فَكَانَ كَالْأَوَّلِ، وَخَالَفَ مُحَمَّدٌ

(قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ مُقِرًّا يَبْدَأُ الْإِمَامُ ثُمَّ النَّاسُ) كَذَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَهُوَ مَا ذَكَرْنَاهُ آنِفًا. وَقَوْلُهُ «وَرَمَى الْغَامِدِيَّةَ بِحَصَاةٍ مِثْلِ الْحِمَّصَةِ»، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ عِمْرَانَ قَالَ: سَمِعْت شَيْخًا يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ النَّبِيَّ رَجَمَ الْغَامِدِيَّةَ فَحَفَرَ لَهَا إلَى السُّرَّةِ» ثُمَّ ذَكَرَ إسْنَادًا آخَرَ وَزَادَ «ثُمَّ رَمَاهَا بِحَصَاةٍ مِثْلِ الْحِمَّصَةِ ثُمَّ قَالَ: ارْمُوا وَاتَّقُوا الْوَجْهَ، فَلَمَّا طَفَتْ أَخْرَجَهَا وَصَلَّى عَلَيْهَا» وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ وَالطَّبَرَانِيُّ وَالْبَزَّارُ وَفِيهِ مَجْهُولٌ وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ تَمَّ أَمْرُ هَذَا الْحَدِيثِ بِالصِّحَّةِ لَمْ يَكُنْ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى الِاشْتِرَاطِ. فَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ كَلَامِ عَلِيٍّ . وَاعْلَمْ أَنَّ مُقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ لَوْ امْتَنَعَ الْإِمَامُ لَا يَحِلُّ لِلْقَوْمِ رَجْمُهُ وَلَوْ أَمَرَهُمْ لِعِلْمِهِمْ بِفَوَاتِ شَرْطِ الرَّجْمِ، وَهُوَ مُنْتَفٍ بِرَجْمِ مَاعِزٍ، فَإِنَّ الْقَطْعَ بِأَنَّهُ لَمْ يَحْضُرْهُ بَلْ رَجَمَهُ النَّاسُ عَنْ أَمْرِهِ . وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ حَقِيقَةَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُ عَلِيٍّ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَأْمُرَهُمْ بِالِابْتِدَاءِ اخْتِبَارًا لِثُبُوتِ دَلَالَةِ الرُّجُوعِ وَعَدَمِهِ، وَأَنْ يَبْتَدِئَ هُوَ فِي الْإِقْرَارِ لِيَنْكَشِفَ لِلنَّاسِ أَنَّهُ لَمْ يُقَصِّرْ فِي أَمْرِ الْقَضَاءِ بِأَنْ لَمْ يَتَسَاهَلْ فِي بَعْضِ شُرُوطِ الْقَضَاءِ بِالْحَدِّ، فَإِذَا امْتَنَعَ حِينَئِذٍ ظَهَرَتْ أَمَارَةُ الرُّجُوعِ فَامْتَنَعَ الْحَدُّ لِظُهُورِ شُبْهَةِ تَقْصِيرِهِ فِي الْقَضَاءِ وَهِيَ دَارِئَةٌ فَكَأَنَّ الْبُدَاءَةَ فِي مَعْنَى الشَّرْطِ إذْ لَزِمَ عَنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ لَا أَنَّهُ جَعَلَ شَرْطًا بِذَاتِهِ، وَهَذَا فِي حَقِّهِ مُنْتَفٍ فَلَمْ يَكُنْ عَدَمُ رَجْمِهِ دَلِيلًا عَلَى سُقُوطِ الْحَدِّ إذَا لَمْ يَبْدَأْهُ.

وَاعْلَمْ أَنَّ مُقْتَضَى مَا ذَكَرَ أَنَّهُ لَوْ بَدَأَ الشُّهُودُ فِيمَا إذَا ثَبَتَ بِالشَّهَادَةِ يَجِبُ أَنْ يُثَنِّيَ الْإِمَامُ، فَلَوْ لَمْ يُثَنِّ الْإِمَامُ يَسْقُطُ الْحَدُّ لِاتِّحَادِ الْمَأْخَذِ فِيهِمَا. قَالُوا: وَيُسْتَحَبُّ لِكُلِّ مَنْ رَجَمَ أَنْ يَقْصِدَ قَتْلَهُ؛ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ، وَلِأَنَّهُ تَيْسِيرٌ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ فَلَا يَقْصِدُهُ وَيَكْتَفِي بِغَيْرِهِ فِيهِ

(قَوْلُهُ وَيُغَسَّلُ وَيُكَفَّنُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ فِي مَاعِزٍ «اصْنَعُوا بِهِ» الْحَدِيثَ) وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ أَبِي بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ بُرَيْدَةَ قَالَ «لَمَّا رُجِمَ مَاعِزٌ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا نَصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ: اصْنَعُوا بِهِ مَا تَصْنَعُونَ بِمَوْتَاكُمْ مِنْ الْغُسْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>