للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَإِنْ امْتَنَعَ الشُّهُودُ مِنْ الِابْتِدَاءِ سَقَطَ الْحَدُّ) لِأَنَّهُ دَلَالَةُ الرُّجُوعِ،

أَوَّلُ مَنْ يَرْمِيهَا فَرَمَاهَا بِحَجَرٍ ثُمَّ رَمَاهَا النَّاسُ». وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الْأَجْلَحِ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَلِيٍّ، وَفِيهِ " أَنَّهُ قَالَ لَهَا: لَعَلَّهُ وَقَعَ عَلَيْك وَأَنْتِ نَائِمَةٌ، قَالَتْ لَا، قَالَ: فَلَعَلَّهُ اسْتَكْرَهَك، قَالَتْ لَا، قَالَ: فَأَمَرَ بِهَا فَحُبِسَتْ، فَلَمَّا وَضَعَتْ مَا فِي بَطْنِهَا أَخْرَجَهَا يَوْمَ الْخَمِيسِ فَضَرَبَهَا مِائَةً وَحَفَرَ لَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي الرَّحْبَةِ وَأَحَاطَ النَّاسُ بِهَا " الْحَدِيثَ وَفِيهِ أَيْضًا " أَنَّهُ صَفَّهُمْ ثَلَاثَ صُفُوفٍ ثُمَّ رَجَمَهَا ثُمَّ أَمَرَهُمْ فَرَجَمَ صَفٌّ ثُمَّ صَفٌّ ثُمَّ صَفٌّ ". وَأَوْرَدَ أَنَّ إثْبَاتَ اشْتِرَاطِ الْبُدَاءَةِ بِهَذَا زِيَادَةٌ عَلَى النَّصِّ بِمَا هُوَ دُونَ خَبَرِ الْوَاحِدِ، وَإِصْلَاحُ الْإِيرَادِ أَنَّهُ تَقْيِيدٌ لِلْقَطْعِيِّ الْمُطْلَقِ فَكَانَ كَتَقْيِيدِ مُطْلَقِ الْكِتَابِ بِهِ.

وَالْجَوَابُ أَنَّ الْحُكْمَ الْقَطْعِيَّ هُنَا هُوَ مَجْمُوعُ وُجُوبِ الرَّجْمِ وَدَرْئِهِ بِالشُّبْهَةِ، فَإِذَا دَلَّ دَلِيلٌ ظَنِّيٌّ عَلَى أَنَّ الْبُدَاءَةَ شَرْطٌ لَزِمَ أَنَّ عَدَمَهَا شُبْهَةٌ فَيَنْدَرِئُ بِهِ الْحَدُّ بِحُكْمِ الْقَطْعِ بِوُجُوبِ دَرْءِ هَذَا الْحُكْمِ الْقَطْعِيِّ بِالشُّبْهَةِ، وَمَوْتُ الشُّهُودِ مُسْقِطٌ أَوْ أَحَدِهِمْ، وَكَذَا إذَا غَابُوا أَوْ غَابَ أَحَدُهُمْ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَهُوَ احْتِرَازٌ عَنْ رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ بُدَاءَتَهُمْ مُسْتَحَبَّةٌ لَا مُسْتَحَقَّةٌ، فَإِذَا امْتَنَعُوا أَوْ غَابُوا أَوْ مَاتُوا يُقِيمُ الْحَدَّ، وَكَذَا يَسْقُطُ الْحَدُّ بِاعْتِرَاضِ مَا يَخْرُجُ عَنْ أَهْلِيَّةِ الشَّهَادَةِ، كَمَا لَوْ ارْتَدَّ أَحَدُهُمْ أَوْ عَمِيَ أَوْ خَرِسَ أَوْ فَسَقَ أَوْ قَذَفَ فَحُدَّ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِهِ قَبْلَ الْقَضَاءِ أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ إقَامَةِ الْحَدِّ؛ لِأَنَّ الْإِمْضَاءَ مِنْ الْقَضَاءِ فِي الْحُدُودِ، وَهَذَا إذَا كَانَ مُحْصَنًا. وَفِي غَيْرِ الْمُحْصَنِ قَالَ الْحَاكِمُ فِي الْكَافِي: يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ فِي الْمَوْتِ وَالْغَيْبَةِ، وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمْ مَقْطُوعَ الْيَدَيْنِ أَوْ مَرِيضًا لَا يَسْتَطِيعُ الرَّمْيَ وَحَضَرُوا يَرْمِي الْقَاضِي، وَلَوْ قُطِعَتْ بَعْدَ الشَّهَادَةِ امْتَنَعَتْ الْإِقَامَةُ. وَقَدْ يُقَالُ: إذَا كَانَ شَرْطًا فَفَوَاتُ الشَّرْطِ كَيْفَ كَانَ يَمْنَعُ الْمَشْرُوطَ. وَأَيْضًا عَجْزُهُمْ بِالضَّعِيفِ لَيْسَ فَوْقَ عَجْزِهِمْ بِالْمَوْتِ، إلَّا أَنَّ شَمْسَ الْأَئِمَّةِ فَرَّقَ بِأَنَّهُمْ إذَا كَانُوا مَقْطُوعِي الْأَيْدِي لَمْ تَسْتَحِقَّ الْبُدَاءَةَ بِهِمْ، وَأَمَّا هَاهُنَا فَقَدْ اسْتَحَقَّتْ، فَإِذَا تَعَذَّرَ بِالْمَوْتِ أَوْ الْغَيْبَةِ صَارَ كَمَا لَوْ امْتَنَعُوا، وَهَذَا تَقْيِيدٌ لِشَرْطِيَّتِهِ بِكَوْنِ الشُّهُودِ قَادِرِينَ عَلَى الرَّجْمِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمَعْنَى الْمُسْقِطَ

<<  <  ج: ص:  >  >>