للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يُحَدُّ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الرَّاجِعُ قَاذِفَ حَيٍّ فَقَدْ بَطَلَ بِالْمَوْتِ، وَإِنْ كَانَ قَاذِفَ مَيِّتٍ فَهُوَ مَرْجُومٌ بِحُكْمِ الْقَاضِي فَيُورِثُ ذَلِكَ شُبْهَةً. وَلَنَا أَنَّ الشَّهَادَةَ إنَّمَا تَنْقَلِبُ قَذْفًا بِالرُّجُوعِ؛ لِأَنَّ بِهِ تُفْسَخُ شَهَادَتُهُ فَجُعِلَ لِلْحَالِ قَذْفًا لِلْمَيِّتِ وَقَدْ انْفَسَخَتْ الْحُجَّةُ فَيَنْفَسِخُ مَا يَبْتَنِي عَلَيْهِ وَهُوَ الْقَضَاءُ فِي حَقِّهِ فَلَا يُورِثُ الشُّبْهَةَ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَذَفَهُ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُحْصَنٍ فِي حَقِّ غَيْرِهِ لِقِيَامِ الْقَضَاءِ فِي حَقِّهِ

الْقَاضِي وَحُكْمُهُ بِرَجْمِهِ يُوجِبُ شُبْهَةً فِي إحْصَانِهِ وَلِهَذَا لَا يُحَدُّ الْبَاقُونَ إجْمَاعًا (قَوْلُهُ: وَلَنَا إلَخْ) حَاصِلُهُ اخْتِيَارُ الشِّقِّ الثَّانِي وَهُوَ أَنَّهُ قَذْفُ مَيِّتٍ ثُمَّ نَفَى الشُّبْهَةَ الدَّارِئَةَ لِحَدِّ الْقَذْفِ عَنْهُ، أَمَّا إنَّهُ قَذْفُ مَيِّتٍ فَلِأَنَّ بِالرُّجُوعِ تَنْفَسِخُ شَهَادَتُهُ فَتَصِيرُ قَذْفًا لِلْحَالِ لَا أَنَّهُ بِالرُّجُوعِ يَتَبَيَّنُ أَنَّ تِلْكَ الشَّهَادَةَ كَانَتْ قَذْفًا مِنْ الْأَوَّلِ لِأَنَّهَا حِينَ وَقَعَتْ كَانَتْ مُعْتَبَرَةً شَهَادَةً غَيْرَ أَنَّ بِالرُّجُوعِ تَنْفَسِخُ فَتَصِيرُ قَذْفًا لِلْحَالِ، كَمَنْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ ثُمَّ وَجَدَ الشَّرْطَ بَعْدَ سَنَةٍ فَوَقَعَ يَقَعُ الْآنَ لَا أَنَّهُ يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ وَقَعَ حِينَ التَّكَلُّمِ بِهِ، وَكَذَا إذَا فَسَخَ وَارِثُ الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ مَعَ الْبَائِعِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُشْتَرِي يَثْبُتُ بِهِ الْمِلْكُ فِي الْحَالِ لِلْبَائِعِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ ظَهَرَ أَحَدُهُمْ عَبْدًا بَعْدَ الْحَدِّ فَإِنَّهُمْ يُحَدُّونَ كُلُّهُمْ لِأَنَّهُ ظَهَرَ أَنَّ الرَّاجِعَ وَغَيْرَهُ قَذَفَةٌ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا شَهَادَةَ لَهُ فَكَانَ عَدَدُ الشُّهُودِ نَاقِصًا فَيُحَدُّونَ، وَإِنَّمَا لَا يُحَدُّونَ مِنْ بَعْدِ الرَّجْمِ عِنْدَ ظُهُورِ أَحَدِهِمْ عَبْدًا لِأَنَّهُ قَذَفَ حَيًّا فَمَاتَ، وَأَمَّا إنَّ كَوْنَهُ مَرْجُومًا لَيْسَ شُبْهَةً فِي حَقِّهِ دَارِئَةً لِلْحَدِّ عَنْهُ، فَلِأَنَّهُ لَمَّا انْفَسَخَتْ الْحُجَّةُ انْفَسَخَ مَا بُنِيَ عَلَيْهَا وَهُوَ الْقَضَاءُ بِرَجْمِهِ فِي حَقِّهِ بِزَعْمِهِ وَاعْتِرَافِهِ، فَإِذَا انْفَسَخَ تَلَاشَى فَكَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَكِنَّ ذَلِكَ فِي حَقِّ الرَّاجِعِ خَاصَّةً فَلَمْ يَكُنْ بِحَيْثُ يُوجِبُ شُبْهَةً فِي حَقِّهِ لِأَنَّ زَعْمَهُ مُعْتَبَرٌ فِي حَقِّهِ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْفَسِخْ فِي حَقِّ غَيْرِهِ فَلِذَا حُدَّ الرَّاجِعُ وَلَمْ يُحَدَّ غَيْرُهُ لَوْ قَذَفَهُ لِأَنَّ الْقَضَاءَ لَمَّا كَانَ قَائِمًا فِي حَقِّ الْغَيْرِ صَارَ الْمَرْجُومُ غَيْرَ مُحْصَنٍ فِي حَقِّهِ.

ثُمَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>