وَأَمَّا الْغَرَامَةُ فَلِأَنَّهُ بَقِيَ مَنْ يَبْقَى بِشَهَادَتِهِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْحَقِّ، وَالْمُعْتَبَرُ بَقَاءُ مَنْ بَقِيَ لَا رُجُوعُ مَنْ رَجَعَ عَلَى مَا عُرِفَ
(وَإِنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا فَزُكُّوا فَرُجِمَ فَإِذَا الشُّهُودُ مَجُوسٌ أَوْ عَبِيدٌ فَالدِّيَةُ عَلَى الْمُزَكِّينَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) مَعْنَاهُ إذَا رَجَعُوا عَنْ التَّزْكِيَةِ (وَقَالَا هُوَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ) وَقِيلَ هَذَا إذَا قَالُوا تَعَمَّدْنَا التَّزْكِيَةَ مَعَ عِلْمِنَا بِحَالِهِمْ، لَهُمَا أَنَّهُمْ
يَعْنِي عِنْدَ رُجُوعِ الثَّانِي تَنْفَسِخُ شَهَادَتُهُمَا قَذْفًا لِعَدَمِ بَقَاءِ تَمَامِ الْحُجَّةِ بَعْدَ رُجُوعِ الثَّانِي، لَا أَنَّ رُجُوعَ الثَّانِي هُوَ الْمُوجِبُ لِلْحَدِّ، (وَأَمَّا الْغَرَامَةُ فَلِأَنَّهُ بَقِيَ مَنْ يَبْقَى بِشَهَادَتِهِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْحَقِّ وَالْمُعْتَبَرُ) فِي قَدْرِ لُزُومِ الْغَرَامَةِ (بَقَاءُ مَنْ بَقِيَ) لَا رُجُوعُ مَنْ رَجَعَ عَلَى مَا عُرِفَ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا وَزُكُّوا) أَيْ بِأَنْ قَالَ الْمُزَكُّونَ: هُمْ أَحْرَارٌ مُسْلِمُونَ عُدُولٌ، أَمَّا لَوْ اقْتَصَرُوا عَلَى قَوْلِهِمْ عُدُولٌ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُزَكِّينَ بِالِاتِّفَاقِ إذَا ظَهَرُوا عَبِيدًا، فَإِذَا زُكُّوا كَمَا قُلْنَا فَرُجِمَ ثُمَّ ظَهَرَ بَعْضُهُمْ كَافِرًا أَوْ عَبْدًا فَإِمَّا أَنْ يَسْتَمِرَّ الْمُزَكُّونَ عَلَى تَزْكِيَتِهِمْ قَائِلِينَ هُمْ أَحْرَارٌ مُسْلِمُونَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ اتِّفَاقًا، وَمَعْنَاهُ بَعْدَ ظُهُورِ كُفْرِهِمْ حُكْمُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُسْلِمِينَ، وَإِنَّمَا طَرَأَ كُفْرُهُمْ بَعْدُ، وَإِنْ قَالُوا: أَخْطَأْنَا فِي ذَلِكَ فَكَذَلِكَ لَا يَضْمَنُونَ بِالِاتِّفَاقِ فَلَمْ يَبْقَ لِصُورَةِ الرُّجُوعِ الَّتِي فِيهَا الْخِلَافُ إلَّا أَنْ يَقُولُوا تَعَمَّدْنَا فَقُلْنَا هُمْ أَحْرَارٌ مُسْلِمُونَ مَعَ عِلْمِنَا بِخِلَافِ ذَلِكَ مِنْهُمْ، فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ ﵀: الدِّيَةُ عَلَى الْمُزَكِّينَ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ. إذَا عُرِفَ هَذَا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَقِيلَ هَذَا إذَا قَالُوا: تَعَمَّدْنَا التَّزْكِيَةَ مَعَ عِلْمِنَا بِحَالِهِمْ لَيْسَ عَلَى مَا يَنْبَغِي بَعْدَ قَوْلِهِ إذَا رَجَعُوا عَنْ التَّزْكِيَةِ لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّ فِي صُورَةِ الرُّجُوعِ الْخِلَافِيَّةِ قَوْلَيْنِ أَنْ يَرْجِعُوا بِهَذَا الْوَجْهِ أَوْ بِأَعَمَّ مِنْهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (لَهُمَا أَنَّهُمْ) لَوْ ضَمِنُوا لَكَانَ ضَمَانَ عُدْوَانٍ وَهُوَ بِالْمُبَاشَرَةِ أَوْ التَّسَبُّبِ وَعَدَمِ الْمُبَاشَرَةِ ظَاهِرٌ، وَكَذَا التَّسَبُّبُ لِأَنَّ سَبَبَ الْإِتْلَافِ الزِّنَا وَهُمْ لَمْ يُثْبِتُوهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute