وَطَالَبَ الْمَقْذُوفُ بِالْحَدِّ حَدَّهُ الْحَاكِمُ ثَمَانِينَ سَوْطًا إنْ كَانَ حُرًّا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ﴾ إلَى أَنْ قَالَ ﴿فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً﴾ الْآيَةَ، وَالْمُرَادُ الرَّمْيُ بِالزِّنَا بِالْإِجْمَاعِ، وَفِي النَّصِّ إشَارَةٌ إلَيْهِ وَهُوَ اشْتِرَاطُ أَرْبَعَةٍ مِنْ الشُّهَدَاءِ إذْ هُوَ مُخْتَصٌّ بِالزِّنَا، وَيُشْتَرَطُ مُطَالَبَةُ الْمَقْذُوفِ لِأَنَّ فِيهِ حَقَّهُ مِنْ حَيْثُ دَفْعُ الْعَارِ وَإِحْصَانُ الْمَقْذُوفِ لِمَا تَلَوْنَا
وَطَالَبَ الْمَقْذُوفُ بِالْحَدِّ حَدَّهُ الْحَاكِمُ ثَمَانِينَ سَوْطًا إنْ كَانَ) الْقَاذِفُ (حُرًّا) وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حُدَّ أَرْبَعِينَ سَوْطًا. شَرْطُ الْإِحْصَانِ فِي الْمَقْذُوفِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ حُرًّا عَاقِلًا بَالِغًا مُسْلِمًا عَفِيفًا. وَعَنْ دَاوُد عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْحُرِّيَّةِ، وَأَنَّهُ يُحَدُّ قَاذِفُ الْعَبْدِ. وَعَنْ أَحْمَدَ لَا يُشْتَرَطُ الْبُلُوغُ بَلْ كَوْنُ الْمَقْذُوفِ بِحَيْثُ يُجَامِعُ وَإِنْ كَانَ صَبِيًّا وَهِيَ خِلَافُ الْمُصَحَّحِ عَنْهُ.
وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى يُحَدُّ بِقَذْفِ الذِّمِّيَّةِ إذَا كَانَ لَهَا وَلَدٌ مُسْلِمٌ، وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَسَيَأْتِي الْوَجْهُ عَلَيْهِ. وَقَوْلُهُ (بِصَرِيحِ الزِّنَا) يَحْتَرِزُ عَنْ الْقَذْفِ بِالْكِنَايَةِ كَقَائِلِ صَدَقْت لِمَنْ قَالَ يَا زَانِي، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ هُوَ كَمَا قُلْت فَإِنَّهُ يُحَدُّ. وَلَوْ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّك زَانٍ فَقَالَ الْآخَرُ وَأَنَا أَشْهَدُ لَا حَدَّ عَلَى الثَّانِي لِأَنَّ كَلَامَهُ مُحْتَمَلٌ. وَلَوْ قَالَ وَأَنَا أَشْهَدُ بِمِثْلِ مَا شَهِدْت بِهِ حُدَّ. وَيُحَدُّ بِقَوْلِهِ زَنَى فَرْجُك وَبِقَوْلِهِ زَنَيْتِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَمَا قَطَعَ كَلَامَهُ وَأَنْتِ مُكْرَهَةٌ بِخِلَافِهِ مَوْصُولًا.
وَكَذَا إذَا قَالَ لَيْسَتْ أُمِّي بِزَانِيَةٍ أَوْ أَبِي فَإِنَّهُ لَا يُحَدُّ. وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَسُفْيَانُ وَابْنُ شُبْرُمَةَ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ. وَقَالَ مَالِكٌ: وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ يُحَدُّ بِالتَّعْرِيضِ لِمَا رَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ عُمَرُ يَضْرِبُ الْحَدَّ فِي التَّعْرِيضِ. وَعَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ جَلَدَ رَجُلًا بِالتَّعْرِيضِ، وَلِأَنَّهُ إذَا عُرِفَ الْمُرَادُ بِدَلِيلِهِ مِنْ الْقَرِينَةِ صَارَ كَالصَّرِيحِ.
قُلْنَا لَمْ يَعْتَبِرْ الشَّارِعُ مِثْلَهُ، فَإِنَّا رَأَيْنَاهُ حَرَّمَ صَرِيحَ خِطْبَةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا فِي الْعِدَّةِ وَأَبَاحَ التَّعْرِيضَ فَقَالَ ﴿وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا﴾ وَقَالَ ﴿وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ﴾ فَإِذَا ثَبَتَ مِنْ الشَّرْعِ نَفْيُ اتِّحَادِ حُكْمِهِمَا فِي غَيْرِ الْحَدِّ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُعْتَبَرَ مِثْلُهُ عَلَى وَجْهٍ يُوجِبُ الْحَدَّ الْمُحْتَاطَ فِي دَرْئِهِ.
وَأَمَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute