للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَإِذَا كَانَ الْمَقْذُوفُ مُحْصَنًا جَازَ لِابْنِهِ الْكَافِرِ وَالْعَبْدِ أَنْ يُطَالِبَ بِالْحَدِّ) خِلَافًا لِزُفَرَ. هُوَ يَقُولُ: الْقَذْفُ يَتَنَاوَلُهُ مَعْنًى لِرُجُوعِ الْعَارِ إلَيْهِ، وَلَيْسَ طَرِيقُهُ الْإِرْثَ عِنْدَنَا فَصَارَ كَمَا إذَا كَانَ مُتَنَاوِلًا لَهُ صُورَةً وَمَعْنًى. وَلَنَا أَنَّهُ عَيَّرَهُ بِقَذْفِ مُحْصَنٍ فَيَأْخُذُهُ بِالْحَدِّ، وَهَذَا لِأَنَّ الْإِحْصَانَ فِي الَّذِي يُنْسَبُ إلَى الزِّنَا شَرْطٌ لِيَقَعَ تَعْيِيرًا عَلَى الْكَمَالِ ثُمَّ يَرْجِعُ هَذَا

كَقَوْلِ الْخَصَّافِ وَقَدْ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ فِي الْوَقْفِ، وَثَانِيًا بِتَقْدِيرِ التَّسْلِيمِ أَنَّ الْمَبْنَى مُخْتَلِفٌ لِأَنَّ مَبْنَى ثُبُوتِ الْخُصُومَةِ فِي حَقِّ الْقَذْفِ ثُبُوتُ الْجُزْئِيَّةِ الْمُسْتَلْزِمَةِ لِرُجُوعِ عَارِ الْمَنْسُوبِ إلَى الْإِنْسَانِ إلَى الْآخَرِ، وَثُبُوتُ الْوَقْفِ عَلَيْهِ بِثُبُوتِ تَبَادُرِ وَلَدِ الْبِنْتِ مِنْ قَوْلِنَا أَوْلَادُ فُلَانٍ لِأَنَّهُ وَقْفٌ عَلَى مَنْ يُسَمَّى بِهِ.

فَإِذَا لَمْ يَتَبَادَرْ لَا يَشْمَلُهُ الْوَقْفُ وَصَارَ كَالْوَصِيَّةِ لِأَوْلَادِ أَوْلَادِ فُلَانٍ لَا يَدْخُلُ أَوْلَادُ بَنَاتِهِ لِهَذَا. وَجْهُ قَوْلِ زُفَرَ إنَّ مَا يَلْحَقُ الْوَلَدَ فَوْقَ مَا يَلْحَقُ وَلَدَ الْوَلَدِ فَصَارَ وَلَدُ الْوَلَدِ مَعَ الْوَلَدِ كَوَلَدِ الْمَقْذُوفِ مَعَهُ وَاعْتَبَرَهُ بِالْخُصُومَةِ فِي الْكَفَاءَةِ فَإِنَّهُ لَا خُصُومَةَ لِلْأَبْعَدِ مَعَ وُجُودِ الْأَقْرَبِ. وَالْجَوَابُ مَنَعَ أَنَّ مَا يَلْحَقُ الْأَقْرَبَ فَوْقَ مَا يَلْحَقُ الْأَبْعَدَ بَلْ لِكُلِّ مَنْ يُنْسَبُ إلَى الْمَقْذُوفِ بِالْجُزْئِيَّةِ لَحِقَهُ مِنْ الْعَارِ مِثْلُ مَا لَحِقَ الْآخَرَ لِاتِّحَادِ الْجِهَةِ وَالتَّبَعِيَّةِ، بِخِلَافِ الْمَقْذُوفِ مَعَ وَلَدِهِ لِأَنَّهُ لَحِقَهُ الْعَارُ مَقْصُودًا بِالْإِلْحَاقِ بِهِ دُونَ وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ.

وَأَمَّا حَقُّ خُصُومَةِ الْكَفَاءَةِ فَإِنَّمَا يَثْبُتُ لِلْأَقْرَبِ بِالْحَدِيثِ وَهُوَ قَوْلُهُ «الْإِنْكَاحُ إلَى الْعَصَبَاتِ» فَعُلِمَ تَرَتُّبُهُمْ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ الِاسْمَ يُشْعِرُ بِهِ حَيْثُ عُلِمَ أَنَّ حُكْمَهُ ذَلِكَ. فَإِنْ قُلْت: قَدْ ظَهَرَ الِاتِّفَاقُ عَلَى وِلَايَةِ مُطَالَبَةِ وَلَدِ الْوَلَدِ بِقَذْفِ جَدِّهِ وَجَدَّتِهِ إنَّمَا خَالَفَ زُفَرُ فِي ذَلِكَ عِنْدَ وُجُودِ الْأَقْرَبِ فَمَا وَجْهُ مَا فِي قَاضِي خَانَ فَإِذَا قَالَ جَدُّك زَانٍ لَا حَدَّ عَلَيْهِ. قُلْنَا: ذَلِكَ لِلْإِيهَامِ لِأَنَّ فِي أَجْدَادِهِ مَنْ هُوَ كَافِرٌ فَلَا يَكُونُ قَاذِفًا مَا لَمْ يُعَيِّنْ مُسْلِمًا، بِخِلَافِ قَوْلِهِ أَنْتَ ابْنُ ابْنِ الزَّانِيَةِ لِأَنَّهُ قَاذِفٌ لِجَدِّهِ الْأَدْنَى، فَإِنْ كَانَ أَوْ كَانَتْ مُحْصَنَةً حُدَّ

(قَوْلُهُ وَإِذَا كَانَ الْمَقْذُوفُ مُحْصَنًا جَازَ لِابْنِهِ الْكَافِرِ وَلِابْنِهِ الْعَبْدِ أَنْ يُطَالِبَ بِالْحَدِّ خِلَافًا لِزُفَرَ) وَلِكُلِّ مَنْ قَالَ طَرِيقُهُ لِلْإِرْثِ: يَعْنِي إذَا كَانَ الْمَقْذُوفُ مَيِّتًا بِأَنْ وَقَعَ بَعْدَ مَوْتِ الْمَقْذُوفِ لِأَنَّهُ لَا يُوَرَّثُ وَلَا يُطَالَبُ بِهِ الِابْنُ فِي حَالِ حَيَاةِ الْمَقْذُوفِ (هُوَ يَقُولُ الْقَذْفُ تَنَاوَلَ الِابْنَ مَعْنًى لَا صُورَةً لِرُجُوعِ الْعَارِ إلَيْهِ) وَلَيْسَ الْحَدُّ الْآنَ وَالْمُطَالَبَةُ بِهِ لِأَجْلِ أُمِّهِ إذْ لَيْسَ طَرِيقُهُ الْإِرْثَ عِنْدَنَا.

وَإِذَا تَنَاوَلَهُ مَعْنًى فَغَايَةُ أَمْرِهِ أَنْ يُجْعَلَ كَأَنَّهُ تَنَاوَلَهُ صُورَةً وَمَعْنًى بِأَنْ يَكُونَ هُوَ الْمَقْصُودَ بِالْقَذْفِ، وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْمُطَالَبَةُ لِعَدَمِ إحْصَانِهِ، فَكَذَا إذَا كَانَ مَقْذُوفًا مَعْنًى فَقَطْ (وَلَنَا أَنَّهُ) أَيْ الْقَاذِفُ (عَيَّرَهُ بِقَذْفِ مُحْصَنٍ) هُوَ أُمُّهُ أَوْ أَبُوهُ (فَيَأْخُذُهُ بِالْحَدِّ، وَهَذَا لِأَنَّ الْإِحْصَانَ فِي) الْمَقْذُوفِ قَصْدًا وَهُوَ (الَّذِي يُنْسَبُ إلَى الزِّنَا شَرْطٌ لِيَقَعَ تَعْيِيرًا عَلَى الْكَمَالِ) لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ تَعْيِيرًا كَامِلًا إلَّا إذَا كَانَ مُحْصَنًا (ثُمَّ يَرْجِعُ هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>