مَا نُبَيِّنُ، وَعِنْدَنَا وِلَايَةُ الْمُطَالَبَةِ لَيْسَتْ بِطَرِيقِ الْإِرْثِ بَلْ لِمَا ذَكَرْنَاهُ، وَلِهَذَا يَثْبُتُ عِنْدَنَا لِلْمَحْرُومِ عَنْ الْمِيرَاثِ بِالْقَتْلِ، وَيَثْبُتُ لِوَلَدِ الْبِنْتِ كَمَا يَثْبُتُ لِوَلَدِ الِابْنِ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ، وَيَثْبُتُ لِوَلَدِ الْوَلَدِ حَالَ قِيَامِ الْوَلَدِ خِلَافًا لِزُفَرَ.
مَقْصُودًا فَلَا يُطَالَبُ غَيْرُهُ بِمُوجِبِهِ إلَّا عِنْدَ الْيَأْسِ عَنْ مُطَالَبَتِهِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ مَيِّتًا، فَلِذَا لَوْ كَانَ الْمَقْذُوفُ غَائِبًا لَمْ يَكُنْ لِوَلَدِهِ وَلَا لِوَالِدِهِ الْمُطَالَبَةُ خِلَافًا لِابْنِ أَبِي لَيْلَى لِأَنَّهُ يُجَوِّزُ أَنْ يُصَدِّقَهُ الْغَائِبُ، وَمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ حَقَّ الْمُطَالَبَةِ يَثْبُتُ لِلْأَبِ وَإِنْ عَلَا ذَكَرَهُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ.
وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانَ: رَجُلٌ قَذَفَ مَيِّتًا فَلِوَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ أَنْ يَأْخُذَ الْقَاذِفَ وَيَحُدَّهُ، وَوَلَدُ الِابْنِ وَوَلَدُ الْبِنْتِ سَوَاءٌ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَلَا يَأْخُذُهُ بِذَلِكَ أَخٌ وَلَا عَمٌّ وَلَا جَدٌّ أَبُو الْأَبِ وَلَا أُمُّ الْأُمِّ وَلَا عَمَّةٌ وَلَا مَوْلَاهُ. وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ أَيْضًا تَثْبُتُ الْمُطَالَبَةُ لِكُلِّ وَارِثٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يُورَثُ عِنْدَهُ، فَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي قَالَ مُحَمَّدٌ: لِكُلِّ مَنْ يَرِثُهُ وَيُورَثُ مِنْهُ أَنْ يَأْخُذَ الْقَاذِفَ وَيَحُدَّهُ اهـ. وَهَذِهِ رِوَايَةٌ غَرِيبَةٌ عَنْ مُحَمَّدٍ. ثُمَّ لِلشَّافِعِيَّةِ فِيمَنْ يَرِثُهُ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا أَنْ يَرِثَهُ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ. وَالثَّانِي غَيْرُ الْوَارِثِ بِالزَّوْجِيَّةِ. وَالثَّالِثُ يَرِثُهُ ذُكُورُ الْعَصَبَاتِ لَا غَيْرُهُمْ (وَعِنْدَنَا لَيْسَ بِطَرِيقِ الْإِرْثِ بَلْ لِمَا ذَكَرْنَا) مِنْ لُحُوقِ الْعَارِ، وَلِذَا لَا يَثْبُتُ لِلْأَخِ عِنْدَنَا حَقُّ الْمُطَالَبَةِ بِهِ لِأَنَّ قَرَابَةَ الْوِلَادِ بِمَنْزِلَةِ نَفْسِ الْإِنْسَانِ. فَاللَّاحِقُ مِنْ الْعَارِ لِلْإِنْسَانِ كَاللَّاحِقِ لِنَفْسِ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ، بِخِلَافِ الْأَخِ لَا يَلْحَقُهُ ضَرَرُ عَارِ زِنَا أَخِيهِ كَمَا لَا يَلْحَقُهُ النَّفْعُ بِانْتِفَاعِ أَخِيهِ، وَلِعِلْمِ الشَّرْعِ بِذَلِكَ أَجَازَ شَهَادَةَ الْأَخِ لِأَخِيهِ، فَلَيْسَ لِأَخِي الْمَقْذُوفِ وَلَا لِعَمِّهِ وَخَالِهِ الْمُطَالَبَةُ بِحَدِّ الْقَذْفِ، وَلَمْ تَجُزْ شَهَادَةُ الْوَلَدِ وَالْوَالِدِ لِأَنَّهُمَا فِي حُكْمِ نَفْسِ الْمَشْهُودِ لَهُ (وَلِهَذَا) أَعْنِي لِكَوْنِ حَقِّ الْمُطَالَبَةِ لِلُحُوقِ الْعَارِ غَيْرَ دَائِرٍ مَعَ الْإِرْثِ (يَثْبُتُ لِلْمَحْرُومِ عَنْ الْمِيرَاثِ بِالْقَتْلِ) أَوْ الرِّقِّ أَوْ الْكُفْرِ فَلِقَاتِلِ أَبِيهِ أَنْ يُطَالِبَ قَاذِفَهُ بَعْدَ قَتْلِهِ بِحَدِّ الْقَذْفِ، وَكَذَا إذَا كَانَ الْوَلَدُ عَبْدًا أَوْ كَافِرًا خِلَافًا لِزُفَرَ ﵀ (وَيَثْبُتُ لِوَلَدِ بِنْتِ الْمَقْذُوفِ كَمَا يَثْبُتُ لِوَلَدِ الِابْنِ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ) وَيَثْبُتُ لِلْأَبْعَدِ مَعَ وُجُودِ الْأَقْرَبِ (وَكَذَا يَثْبُتُ لِوَلَدِ الْوَلَدِ) حَقُّ الْمُطَالَبَةِ (مَعَ وُجُودِ الْوَلَدِ خِلَافًا لِزُفَرَ) وَلَوْ عَفَا بَعْضُهُمْ كَانَ لِغَيْرِهِ أَنْ يُطَالِبَ بِهِ لِأَنَّهُ لِلدَّفْعِ عَنْ نَفْسِهِ.
وَقَوْلُهُ (خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ) يَعْنِي فِي رِوَايَةٍ لَيْسَتْ هِيَ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ عَنْهُ، وَوَجْهُهَا أَنَّ نَسَبَهُ إلَى أَبِيهِ وَهُوَ أَجْنَبِيٌّ عَنْ جَدَّتِهِ لِأُمِّهِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي لَفْظِ وَلَدِ الْوَلَدِ وَلِذَا لَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ لَا يَدْخُلُ ابْنُ الْبِنْتِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. وَجْهُ الظَّاهِرِ عَنْهُمْ أَوْ لَا يُمْنَعُ عَدَمُ الدُّخُولِ بَلْ يَدْخُلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute