للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاللِّعَانُ يَصِحُّ بِدُونِ قَطْعِ النَّسَبِ كَمَا يَصِحُّ بِدُونِ الْوَلَدِ (وَإِنْ قَالَ لَيْسَ بِابْنِي وَلَا بِابْنِك فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ) لِأَنَّهُ أَنْكَرَ الْوِلَادَةَ وَبِهِ لَا يَصِيرُ قَاذِفًا.

(وَمَنْ قَذَفَ امْرَأَةً وَمَعَهَا أَوْلَادٌ لَمْ يُعْرَفْ لَهُمْ أَبٌ أَوْ قَذَفَ الْمُلَاعَنَةَ بِوَلَدٍ وَالْوَلَدُ حَيٌّ أَوْ قَذَفَهَا بَعْدَ مَوْتِ الْوَلَدِ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ) لِقِيَامِ أَمَارَةِ الزِّنَا مِنْهَا وَهِيَ وِلَادَةُ وَلَدٍ لَا أَبَ لَهُ فَفَاتَتْ الْعِفَّةُ نَظَرًا إلَيْهَا وَهِيَ شَرْطُ الْإِحْصَانِ

وَقَوْلُهُ (وَاللِّعَانُ يَصِحُّ بِدُونِ قَطْعِ النَّسَبِ إلَخْ) جَوَابُ سُؤَالٍ هُوَ أَنْ يُقَالَ إنَّ سَبَبَ اللِّعَانِ لَيْسَ إلَّا نَفْيَ الْوَلَدِ، فَإِنْ لَمْ يُنْفَ كَيْفَ يَجِبُ اللِّعَانُ فَقَالَ لَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ اللِّعَانِ بِنَفْيِ الْوَلَدِ قَطْعُ النَّسَبِ، أَلَا يُرَى أَنَّهُ لَوْ نَفَاهُ بَعْدَ أَنْ تَطَاوَلَتْ الْمُدَّةُ بَعْدَ الْوِلَادَةِ فَإِنَّهُ يُلَاعَنُ وَلَا يُقْطَعُ النَّسَبُ (كَمَا يَصِحُّ بِلَا وَلَدٍ) أَصْلًا بِأَنْ قَذَفَهَا بِالزِّنَا وَلَا وَلَدَ فَإِنَّهُ يُلَاعَنُ وَلَا وَلَدَ هُنَاكَ يُقْطَعُ نَسَبُهُ، وَأَمَّا إنَّهُ لَوْ نَفَى نَسَبَ وَلَدِ امْرَأَتِهِ الْآيِسَةِ فَإِنَّهُ يَنْتَفِي النَّسَبُ فَيَثْبُتُ انْفِكَاكُ اللِّعَانِ عَنْ قَطْعِ النَّسَبِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَصَحِيحٌ لَكِنْ لَا دَخْلَ لَهُ فِي الْجَوَابِ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ) أَيْ الزَّوْجُ الَّذِي جَاءَتْ زَوْجَتُهُ بِوَلَدٍ (لَيْسَ بِابْنِي وَلَا بِابْنِك فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ لِأَنَّهُ) إذَا أَنْكَرَ أَنَّهُ ابْنُهَا (أَنْكَرَ الْوِلَادَةَ) فَكَانَ نَفْيُ كَوْنِهِ ابْنَهُ لِنَفْيِ وِلَادَتِهَا إيَّاهُ. وَبِنَفْيِ وِلَادَتِهَا لَا يَصِيرُ قَاذِفًا لِأَنَّهُ إنْكَارٌ لِلزِّنَا مِنْهَا.

(قَوْلُهُ وَمَنْ قَذَفَ امْرَأَةً وَمَعَهَا أَوْلَادٌ لَمْ يُعْرَفْ لَهُمْ أَبٌ أَوْ قَذَفَ الْمُلَاعَنَةَ بِوَلَدٍ وَالْوَلَدُ حَيٌّ) وَقْتَ الْقَذْفِ أَوْ مَيِّتٌ (فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ). أَمَّا لَوْ قَذَفَ وَلَدَ الْمُلَاعَنَةِ نَفْسَهُ أَوْ وَلَدَ الزِّنَا فَإِنَّهُ يُحَدُّ، وَلَوْ أَنَّهُ بَعْدَ اللِّعَانِ ادَّعَى الْوَلَدَ فَحُدَّ أَوْ لَمْ يُحَدَّ حَتَّى مَاتَ فَثَبَتَ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ فَقَذَفَهَا بَعْدَ ذَلِكَ قَاذِفٌ غَيْرُهُ أَوْ هُوَ قَبْلَ مَوْتِهِ حُدَّ، وَلَا يُحَدُّ الَّذِي قَذَفَهَا قَبْلَ تَكْذِيبِ نَفْسِهِ، وَكَذَا لَوْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى الزَّوْجِ أَنَّهُ ادَّعَاهُ وَهُوَ يُنْكِرُ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ وَيُحَدُّ.

وَمَنْ قَذَفَهَا بَعْدَ ذَلِكَ يُحَدُّ؛ لِأَنَّهَا خَرَجَتْ عَنْ صُورَةِ الزَّوَانِي، وَلَوْ قَذَفَهَا الزَّوْجُ فَرَافَعَتْهُ وَأَقَامَتْ بَيِّنَةً أَنَّهُ أَكْذَبَ نَفْسَهُ حُدَّ لِأَنَّ الثَّابِتَ بِالْبَيِّنَةِ كَالثَّابِتِ بِإِقْرَارِ الْخَصْمِ أَوْ بِمُعَايَنَةِ وَجْهِ عَدَمِ الْحَدِّ فِي ذَاتِ الْأَوْلَادِ قِيَامُ أَمَارَةِ الزِّنَا مِنْهَا وَهِيَ وِلَادَةُ وَلَدٍ لَا أَبَ لَهُ فَفَاتَتْ الْعِفَّةُ نَظَرًا إلَيْهَا: أَيْ إلَى الْإِمَارَةِ (وَهِيَ) أَيْ الْعِفَّةُ (شَرْطٌ) وَاعْلَمْ أَنَّهُ إنْ صَحَّ مَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد فِي حَدِيثِ هِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ مِنْ قَوْلِهِ «وَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ أَنْ لَا يَدَّعِيَ وَلَدَهَا لِأَبٍ وَلَا يَرْمِيَ وَلَدَهَا، وَمَنْ رَمَاهَا أَوْ رَمَى وَلَدَهَا فَعَلَيْهِ الْحَدُّ»، وَكَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>