للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَهُمَا أَنَّهُ مَالٌ مُطْلَقٌ لِكَوْنِهِ مُنْتَفَعًا بِهِ أَوْ بِعَرْضِ أَنْ يَصِيرَ مُنْتَفَعًا بِهِ إلَّا أَنَّهُ انْضَمَّ إلَيْهِ مَعْنَى الْآدَمِيَّةِ.

(وَلَا قَطْعَ فِي الدَّفَاتِرِ كُلِّهَا) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَا فِيهَا وَذَلِكَ لَيْسَ بِمَالٍ (إلَّا فِي دَفَاتِرِ الْحِسَابِ) لِأَنَّ مَا فِيهَا لَا يُقْصَدُ بِالْأَخْذِ فَكَانَ الْمَقْصُودُ هُوَ الْكَوَاغِدَ. قَالَ (وَلَا فِي سَرِقَةِ كَلْبٍ وَلَا فَهْدٍ) لِأَنَّ مِنْ جِنْسِهَا يُوجَدُ مُبَاحُ الْأَصْلِ غَيْرُ مَرْغُوبٍ فِيهِ وَلِأَنَّ الِاخْتِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ ظَاهِرٌ فِي مَالِيَّةِ الْكَلْبِ فَأَوْرَثَ شُبْهَةً.

(وَلَا قَطْعَ فِي دُفٍّ وَلَا طَبْلٍ وَلَا بَرْبَطٍ وَلَا مِزْمَارٍ) لِأَنَّ عِنْدَهُمَا لَا قِيمَةَ لَهَا

آدَمِيًّا شُبْهَةً فِي مَالِيَّتِهِ فَيَنْدَرِئُ الْحَدُّ، فَالدَّفْعُ مِنْهُمَا لَا بُدَّ أَنْ يَتَسَلَّطَ عَلَى هَذِهِ النُّكْتَةِ فُسُوقُ اسْتِدْلَالِهِمَا كَمَا قِيلَ. وَلَهُمَا أَنَّ حَقِيقَةَ السَّرِقَةِ وَهُوَ أَخْذُ مَالٍ مُعْتَبَرٍ خُفْيَةً مِنْ حِرْزٍ لَا شُبْهَةَ فِيهِ مَعَ بَاقِي الشُّرُوطِ قَدْ وُجِدَتْ فَيَجِبُ الْقَطْعُ غَيْرُ وَافٍ بِالْمَقْصُودِ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ (وَلَهُمَا أَنَّهُ مَالٌ مُطْلَقٌ لِأَنَّهُ مُنْتَفَعٌ بِهِ) إنْ كَانَ يَمْشِي وَيَعْقِلُ (أَوْ بِعَرْضٍ أَنْ يَصِيرَ مُنْتَفَعًا بِهِ) إنْ كَانَ بِخِلَافِ ذَلِكَ أَحْسَنَ مِنْهُ لِتَضَمُّنِ لَفْظِ مُطْلَقٍ مَنْعَ أَنَّ فِي مَالِيَّتِهِ شُبْهَةً وَانْضِمَامُ مَعْنَى الْآدَمِيَّةِ إلَيْهِ لَا يُوجِبُهَا بَعْدَ صِدْقِ مَعْنَى الْمَالِ الْكَامِلِ عَلَيْهِ كَيْفَ وَهُوَ مِنْ أَعَزِّ الْأَمْوَالِ عِنْدَ النَّاسِ وَمَا فِيهِ مِنْ الْمَالِيَّةِ يُصَيِّرُهُ كَمَالٍ فِيمَا لَيْسَ بِمَالٍ فَسَارِقُهُ كَسَارِقِ دُرَّةٍ نَفِيسَةٍ فِيمَا لَيْسَ بِمَالٍ؛ وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ بَلْ الْمَعْنَى عَلَى الْقَلْبِ وَهُوَ سَرِقَةُ مَا لَيْسَ بِمَالٍ فِيمَا هُوَ مَالٌ لَمْ يَبْعُدْ فَيَقْتَصِرُ عَلَى مَنْعِ ثُبُوتِ الشُّبْهَةِ فِي مَالِيَّتِهِ بِمَا قُلْنَا.

(قَوْلُهُ وَلَا قَطْعَ فِي الدَّفَاتِرِ كُلِّهَا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَا فِيهَا، وَذَلِكَ لَيْسَ بِمَالٍ إلَّا فِي دَفَاتِرِ الْحِسَابِ لِأَنَّ مَا فِيهَا لَا يُقْصَدُ بِالْأَخْذِ) لِأَنَّهُ لَا يَسْتَفِيدُ الْآخِذُ بِهِ نَفْعًا (فَكَانَ الْمَقْصُودُ الْكَوَاغِدَ) وَيَدْخُلُ فِي عُمُومِ: وَلَا يُقْطَعُ فِي الدَّفَاتِرِ كُلِّهَا الْكُتُبُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى عِلْمِ الشَّرِيعَةِ كَالْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ وَالتَّفْسِيرِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْعَرَبِيَّةِ وَالشِّعْرِ. وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي غَيْرِهَا فَقِيلَ مُلْحَقَةٌ بِدَفَاتِرِ الْحِسَابِ فَيُقْطَعُ فِيهَا، وَقِيلَ بِكُتُبِ الشَّرِيعَةِ لِأَنَّ مَعْرِفَتَهَا قَدْ تَتَوَقَّفُ عَلَى اللُّغَةِ وَالشِّعْرِ. وَالْحَاجَةُ وَإِنْ قَلَّتْ كَفَتْ فِي إيرَاثِ الشُّبْهَةِ، وَمُقْتَضِي هَذَا أَنَّهُ لَا يُخْتَلَفُ فِي الْقَطْعِ بِكُتُبِ السِّحْرِ وَالْفَلْسَفَةِ لِأَنَّهُ لَا يُقْصَدُ مَا فِيهَا لِأَهْلِ الدِّيَانَةِ فَكَانَتْ سَرِقَةً صَرْفًا، وَلِأَنَّ عَدَمَ الْقَطْعِ بِإِلْحَاقِهَا بِالْكُتُبِ الشَّرْعِيَّةِ وَلَيْسَتْ إيَّاهَا إذْ لَا تَتَوَقَّفُ مَعْرِفَةُ الشَّرِيعَةِ عَلَى مَا فِيهَا، بِخِلَافِ كُتُبِ الْأَدَبِ وَالشِّعْرِ. وَيُمْكِنُ فِي كُتُبِ الْحِسَابِ وَالْهَنْدَسَةِ عَدَمُ الْقَطْعِ. وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ يُقْطَعُ بِالْكُلِّ مِنْ كُتُبِ الشَّرِيعَةِ وَغَيْرِهَا، لِأَنَّهَا مَالٌ مُتَقَوِّمٌ وَأَنْتَ سَمِعْت مَا بِهِ الدَّفْعُ.

(قَوْلُهُ وَلَا فِي سَرِقَةِ كَلْبٍ وَلَا فَهْدٍ) بِالْإِجْمَاعِ، خِلَافًا لِأَشْهَبَ قَرِينِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنَّهُ قَالَ عَدَمُ الْقَطْعِ فِي الْمَنْهِيِّ عَنْ اتِّخَاذِهِ. أَمَّا فِي الْمَأْذُونِ فِي اتِّخَاذِهِ كَكَلْبِ الصَّيْدِ وَالْمَاشِيَةِ فَيُقْطَعُ، وَقُلْنَا هُوَ مُبَاحُ الْأَصْلِ وَبِحَسَبِ الْأَصْلِ هُوَ (غَيْرُ مَرْغُوبٍ فِيهِ، وَلِأَنَّ الِاخْتِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ ظَاهِرٌ فِي مَالِيَّةِ الْكَلْبِ فَأَوْرَثَ شُبْهَةً) فِيهَا.

(قَوْلُهُ وَلَا قَطْعَ فِي دُفٍّ وَلَا طَبْلٍ وَلَا بَرْبَطٍ وَلَا مِزْمَارٍ) وَكَذَا جَمِيعُ آلَاتٍ اللَّهْوِ (لِأَنَّ عِنْدَهُمَا لَا قِيمَةَ لَهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>