لِقَوْلِهِ ﵊ «وَيُؤَذِّنُ لَكُمْ خِيَارُكُمْ».
(وَيُؤَذِّنُ لِلْفَائِتَةِ وَيُقِيمُ)
بِالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ» وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَالصَّغِيرِ بِإِسْنَادٍ لَا بَأْسَ بِهِ، وَلَفْظُهُ: قَالَ ﷺ «ثَلَاثَةٌ لَا يَهُولُهُمْ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَلَا يَنَالُهُمْ الْحِسَابُ هُمْ عَلَى كَثِيبٍ مِنْ مِسْكٍ حَتَّى يَفْرُغَ حِسَابُ الْخَلَائِقِ: رَجُلٌ قَرَأَ الْقُرْآنَ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ، أَوْ أَمَّ قَوْمًا وَهُمْ بِهِ رَاضُونَ، وَدَاعٍ يَدْعُوا إلَى الصَّلَاةِ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ، وَعَبْدٌ أَحْسَنَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ وَفِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَوَالِيهِ» وَرَوَاهُ فِي الْكَبِيرِ وَلَفْظُهُ عَنْ «ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَوْ لَمْ أَسْمَعْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إلَّا مَرَّةً وَمَرَّةً وَمَرَّةً حَتَّى عَدَّ سَبْعَ مَرَّاتٍ لَمَا حَدَّثْتُ بِهِ. سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ ثَلَاثَةٌ عَلَى كُثْبَانِ الْمِسْكِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يَهُولُهُمْ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَلَا يَفْزَعُونَ حِينَ يَفْزَعُ النَّاسُ: رَجُلٌ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ فَقَامَ بِهِ يَطْلُبُ وَجْهَ اللَّهِ وَمَا عِنْدَهُ، وَرَجُلٌ يُنَادِي فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَمْسَ صَلَوَاتٍ يَطْلُبُ وَجْهَ اللَّهِ وَمَا عِنْدَهُ، وَمَمْلُوكٌ لَمْ يَمْنَعْهُ رِقُّ الدُّنْيَا عَنْ طَاعَةِ رَبِّهِ» وَيَدْخُلُ فِي الْخِيَارِ أَيْضًا مَنْ لَا يُلَحِّنُ الْأَذَانَ لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ، وَتَحْسِينُ الصَّوْتِ مَطْلُوبٌ وَلَا تَلَازُمَ بَيْنَهُمَا، وَقَيَّدَهُ الْحَلْوَانِيُّ بِمَا هُوَ ذَكَرَهُ فَلَا بَأْسَ بِإِدْخَالِ الْمَدِّ فِي الْحَيْعَلَتَيْنِ، فَظَهَرَ مِنْ هَذَا أَنَّ التَّلْحِينَ هُوَ إخْرَاجُ الْحَرْفِ عَمَّا يَجُوزُ لَهُ فِي الْأَدَاءِ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فَإِنَّهُ سُئِلَ عَنْهُ فِي الْقِرَاءَةِ فَمَنَعَهُ، فَقِيلَ لَهُ لِمَ؟ قَالَ مَا اسْمُك؟ قَالَ مُحَمَّدٌ، قَالَ لَهُ: أَيُعْجِبُك أَنْ يُقَالَ لَك يَا مُوحَامَدُ، قَالُوا: وَإِذَا كَانَ لَمْ يَحِلَّ فِي الْأَذَانِ فَفِي الْقِرَاءَةِ أَوْلَى وَحِينَئِذٍ لَا يَحِلُّ سَمَاعُهَا أَيْضًا. وَيُكْرَهُ التَّنَحْنُحُ عِنْدَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ لِأَنَّهُ بِدْعَةٌ، وَيَنْبَغِي لِلْمُؤَذِّنِ أَنْ يَنْتَظِرَ النَّاسَ، فَإِنْ عَلِمَ بِضَعِيفٍ مُسْتَعْجِلٍ أَقَامَ لَهُ. وَلَا يَنْتَظِرُ رَئِيسَ الْمَحَلَّةِ وَيُقِيمُ فِي مَكَانِهِ. فَإِنْ مَشَى إلَى مَكَانِ الصَّلَاةِ عِنْدَ قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ جَازَ إذَا كَانَ إمَامًا، وَقِيلَ مُطْلَقًا.
وَيُكْرَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ قَاعِدًا إلَّا إذَا أَذَّنَ لِنَفْسِهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مُرَاعَاةُ السُّنَّةِ لَا الْإِعْلَامُ وَيُكْرَهُ أَيْضًا رَاكِبًا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ إلَّا لِلْمُسَافِرِ وَيَنْزِلُ لِلْإِقَامَةِ، وَأَنْ لَا يَلْزَمَ الْفَصْلُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الشُّرُوعِ وَهُوَ مَكْرُوهٌ، وَلَا يَتَكَلَّمُ فِي أَثْنَاءِ الْأَذَانِ فَإِنْ تَكَلَّمَ اسْتَأْنَفَهُ، وَفِي غَيْرِ مَوْضِعٍ: إذَا سُلِّمَ عَلَى الْمُؤَذِّنِ أَوْ عَطَسَ فَحَمِدَ أَوْ سُلِّمَ عَلَى مُصَلٍّ أَوْ قَارِئِ أَوْ خَطِيبٍ فَفَرَغُوا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَلْزَمُهُمْ الرَّدُّ بَلْ يَرُدُّ فِي نَفْسِهِ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ يَرُدُّ بَعْدَ الْفَرَاغِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ فِي نَفْسِهِ وَصَحَّحُوهُ، وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْمُتَغَوِّطَ لَا يَلْزَمُهُ الرَّدُّ فِي الْحَالِ وَلَا بَعْدَهُ لِأَنَّ السَّلَامَ عَلَيْهِ حَرَامٌ، بِخِلَافِ مَنْ فِي الْحَمَّامِ إذَا كَانَ بِمِئْزَرٍ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ يَرُدُّ الْمُصَلِّي بَعْدَ الْفَرَاغِ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: تَأْوِيلُهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ وَعَلَى هَذَا إذَا سُلِّمَ عَلَى الْمُتَغَوِّطِ. وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ: إذَا سُلِّمَ عَلَى الْقَاضِي وَالْمُدَرِّسِ قَالُوا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الرَّدُّ اهـ. وَمِثْلُهُ ذُكِرَ فِي سَلَامِ الْمُكْدِي. هَذَا وَالسَّامِعُ لِلْآذَانِ يُجِيبُ فَيَقُولُ مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ إلَّا فِي الْحَيْعَلَتَيْنِ فَيُحَوْقِلُ، وَعِنْدَ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ صَدَقْت وَبَرَرْت، أَمَّا الْإِجَابَةُ فَظَاهِرُ الْخُلَاصَةِ وَالْفَتَاوَى وَالتُّحْفَةِ وُجُوبُهَا. وَقَوْلُ الْحَلْوَانِيِّ الْإِجَابَةُ بِالْقَدَمِ فَلَوْ أَجَابَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَمْشِ لَا يَكُونُ مُجِيبًا، وَلَوْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُجِيبَ بِاللِّسَانِ. حَاصِلُهُ: نَفْيُ وُجُوبِ الْإِجَابَةِ بِاللِّسَانِ، وَبِهِ صَرَّحَ جَمَاعَةٌ وَأَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ
قَالُوا إنْ قَالَ نَالَ الثَّوَابَ الْمَوْعُودَ وَإِلَّا لَمْ يَنَلْ، أَمَّا أَنَّهُ يَأْثَمُ أَوْ يُكْرَهُ فَلَا. وَفِي التَّجْنِيسِ لَا يُكْرَهُ الْكَلَامُ عِنْدَ الْأَذَانِ بِالْإِجْمَاعِ اسْتِدْلَالًا بِاخْتِلَافِ أَصْحَابِنَا فِي كَرَاهِيَتِهِ عِنْدَ أَذَانِ الْخُطْبَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ إنَّمَا كَرِهَهُ لِأَنَّهُ يُلْحِقُ هَذِهِ الْحَالَةَ بِحَالَةِ الْخُطْبَةِ، وَكَانَ هَذَا اتِّفَاقًا عَلَى أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْحَالَةِ، كَذَا ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ فِيمَا قَرَءُوا عَلَيْهِ اهـ. لَكِنَّ ظَاهِرَ الْأَمْرِ فِي قَوْلِهِ ﷺ «إذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute