. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ» الْوُجُوبُ، إذْ لَا تَظْهَرُ قَرِينَةٌ تَصْرِفُهُ عَنْهُ، بَلْ رُبَّمَا يَظْهَرُ اسْتِنْكَارُ تَرْكِهِ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ عَدَمَ الِالْتِفَاتِ إلَيْهِ وَالتَّشَاغُلَ عَنْهُ. وَفِي التُّحْفَةِ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ وَلَا يَشْتَغِلَ بِشَيْءٍ حَالَ الْأَذَانِ أَوْ الْإِقَامَةِ. وَفِي النِّهَايَةِ: تَجِبُ عَلَيْهِمْ الْإِجَابَةُ لِقَوْلِهِ ﷺ «أَرْبَعٌ مِنْ الْجَفَاءِ، وَمِنْ جُمْلَتِهَا: وَمَنْ سَمِعَ الْأَذَانَ وَالْإِقَامَةَ وَلَمْ يُجِبْ» اهـ. وَهُوَ غَيْرُ صَرِيحٍ فِي إجَابَةِ اللِّسَانِ، إذْ يَجُوزُ كَوْنُ الْمُرَادِ الْإِجَابَةَ بِالْإِتْيَانِ إلَى الصَّلَاةِ، وَإِلَّا لَكَانَ جَوَابُ الْإِقَامَةِ وَاجِبًا، وَلَمْ نَعْلَمْ فِيهِ عَنْهُمْ إلَّا أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَلَا يَرُدُّ السَّلَامَ أَيْضًا. وَفِي التَّفَارِيقِ إذَا كَانَ فِي الْمَسْجِدِ أَكْثَرُ مِنْ مُؤَذِّنٍ أَذَّنُوا وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ فَالْحُرْمَةُ لِلْأَوَّلِ. وَسُئِلَ ظَهِيرُ الدِّينِ عَمَّنْ سَمِعَ فِي وَقْتٍ مِنْ جِهَاتٍ مَاذَا عَلَيْهِ؟ قَالَ: إجَابَةُ أَذَانِ مَسْجِدِهِ بِالْفِعْلِ، وَهَذَا لَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ إذْ مَقْصُودُ السَّائِلِ أَيُّ مُؤَذِّنٍ يُجِيبُ بِاللِّسَانِ اسْتِحْبَابًا أَوْ وُجُوبًا، وَاَلَّذِي يَنْبَغِي إجَابَةُ الْأَوَّلِ سَوَاءٌ كَانَ مُؤَذِّنَ مَسْجِدِهِ أَوْ غَيْرَهُ لِأَنَّهُ حَيْثُ يَسْمَعُ الْأَذَانَ نُدِبَ لَهُ الْإِجَابَةُ أَوْ وَجَبَتْ
فَإِذَا فَرَضَ أَنَّ مَسْمُوعَهُ مِنْ غَيْرِ مَسْجِدِهِ تَحَقَّقَ فِي حَقِّهِ السَّبَبُ فَيَصِيرُ كَتَعَدُّدِهِمْ فِي الْمَسْجِدِ الْوَاحِدِ، فَإِنْ سَمِعَهُمْ مَعًا أَجَابَ مُعْتَبِرًا كَوْنَ جَوَابِهِ لِمُؤَذِّنِ مَسْجِدِهِ حَتَّى لَوْ سَبَقَ مُؤَذِّنُهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ سُبِقَ تَقَيَّدَ بِهِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الْمُؤَذِّنِينَ، وَلَوْ لَمْ يَعْتَبِرْ هَذَا الِاعْتِبَارَ جَازَ، وَإِنَّمَا فِيهِ مُخَالَفَةُ الْأَوْلَى. وَفِي الْعُيُونِ: قَارِئٌ سَمِعَ النِّدَاءَ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يُمْسِكَ وَيَسْمَعَ. الرُّسْتُغْفَنِيُّ يَمْضِي فِي قِرَاءَتِهِ إنْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ وَإِنْ كَانَ فِي بَيْتِهِ فَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ أَذَانُ مَسْجِدِهِ. وَأَمَّا الْحَوْقَلَةُ عِنْدَ الْحَيْعَلَةِ فَهُوَ وَإِنْ خَالَفَ ظَاهِرَ قَوْلِهِ ﷺ «فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ» لَكِنَّهُ وَرَدَ فِيهِ حَدِيثٌ مُفَسَّرٌ كَذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ﵁ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «إذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ فَقَالَ أَحَدُكُمْ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، ثُمَّ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، ثُمَّ قَالَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ قَالَ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ، ثُمَّ قَالَ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ قَالَ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ، ثُمَّ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، ثُمَّ قَالَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مِنْ قَلْبِهِ؛ دَخَلَ الْجَنَّةَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، فَحَمَلُوا ذَلِكَ الْعَامَّ عَلَى مَا سِوَى هَاتَيْنِ الْكَلِمَتَيْنِ، وَهُوَ غَيْرُ جَارٍ عَلَى قَاعِدَةٍ لِأَنَّ عِنْدَنَا الْمُخَصَّصُ الْأَوَّلُ مَا لَمْ يَكُنْ مُتَّصِلًا لَا يُخَصَّصُ، بَلْ يُعَارَضُ فَيَجْرِي فِيهِ حُكْمُ الْمُعَارَضَةِ أَوْ يُقَدَّمُ الْعَامُّ، وَالْحَقُّ الْأَوَّلُ
وَإِنَّمَا قُدِّمَ الْعَامُّ فِي مَوَاضِعَ لِاقْتِضَاءِ حُكْمِ الْمُعَارَضَةِ ذَاكَ فِي خُصُوصِ تِلْكَ الْمَوَاضِعِ، وَعَلَى قَوْلِ مَنْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ فَإِنَّمَا يَلْزَمُ التَّخْصِيصُ إذَا لَمْ يُمْكِنْ الْجَمْعُ بِأَنْ تَحَقَّقَ مُعَارِضًا لِلْعَامِّ فِي بَعْضِ الْأَفْرَادِ: بِأَنْ يُوجِبَ نَفْيَ الْحُكْمِ الْمُعَلَّقِ بِالْعَامِّ عَنْهَا فَيُخْرِجُهَا عَنْهُ، وَهُنَا لَمْ يَلْزَمْ مِنْ وَعْدِهِ ﵊ لِمَنْ أَجَابَ كَذَلِكَ، وَقَالَ عِنْدَ الْحَيْعَلَةِ الْحَوْقَلَةَ ثُمَّ هَلَّلَ فِي الْآخِرِ مِنْ قَلْبِهِ: بِدُخُولِ الْجَنَّةِ نَفَى أَنْ يُحِيلَ الْمُجِيبَ مُطْلَقًا لِيَكُونَ مُجِيبًا عَلَى الْوَجْهِ الْمَسْنُونِ، وَتَعْلِيلُ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّ إعَادَةَ الْمَدْعُوِّ دُعَاءَ الدَّاعِي يُشْبِهُ الِاسْتِهْزَاءَ كَمَا يُفْهَمُ فِي الشَّاهِدِ، بِخِلَافِ مَا سِوَى الْحَيْعَلَتَيْنِ فَإِنَّهُ ذِكْرٌ يُثَابُ عَلَيْهِ مَنْ قَالَهُ لَا يُتِمُّ إذْ لَا مَانِعَ مِنْ صِحَّةِ اعْتِبَارِ الْمُجِيبِ بِهِمَا دَاعِيًا لِنَفْسِهِ مُحَرِّكًا مِنْهَا السَّوَاكِنَ مُخَاطِبًا لَهَا، فَكَيْفَ وَقَدْ وَرَدَ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ طَلَبُهَا صَرِيحًا فِي مُسْنَدِ أَبِي يَعْلَى: حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي عَائِذٍ بْنِ سَلِيمِ بْنِ عَامِرٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنْهُ ﷺ «إذَا نَادَى الْمُنَادِي لِلصَّلَاةِ فُتِحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَاسْتُجِيبَ الدُّعَاءُ، فَمَنْ نَزَلَ بِهِ شِدَّةٌ أَوْ كَرْبٌ فَلْيَتَحَيَّنْ الْمُنَادِيَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute