وَكَذَا إذَا غَابَ عِنْدَ الْقَطْعِ عِنْدَنَا، لِأَنَّ الِاسْتِيفَاءَ مِنْ الْقَضَاءِ فِي بَابِ الْحُدُودِ
(وَلِلْمُسْتَوْدَعِ وَالْغَاصِبِ وَصَاحِبِ الرِّبَا أَنْ يَقْطَعُوا السَّارِقَ مِنْهُمْ) وَلِرَبِّ الْوَدِيعَةِ أَنْ يَقْطَعَهُ أَيْضًا، وَكَذَا الْمَغْصُوبُ مِنْهُ.
وَقَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ: لَا يُقْطَعُ بِخُصُومَةِ الْغَاصِبِ وَالْمُسْتَوْدَعِ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الْمُسْتَعِيرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ وَالْمُضَارِبُ وَالْمُسْتَبْضِعُ وَالْقَابِضُ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ وَالْمُرْتَهِنُ وَكُلُّ مَنْ لَهُ يَدٌ حَافِظَةٌ سِوَى الْمَالِكِ، وَيُقْطَعُ بِخُصُومَةِ الْمَالِكِ فِي السَّرِقَةِ مِنْ هَؤُلَاءِ إلَّا أَنَّ الرَّاهِنَ إنَّمَا يُقْطَعُ بِخُصُومَتِهِ
إذْنِهِ لَهُ فِي دُخُولِهِ فِي بَيْتِهِ فَاعْتُبِرَتْ الْمُطَالَبَةُ دَفْعًا لِهَذِهِ الشُّبْهَةِ.
بِخِلَافِ الزِّنَا فَإِنَّهُ لَا يُبَاحُ بِإِبَاحَةٍ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ فَلَمْ تَتَمَكَّنْ فِيهِ هَذِهِ الشُّبْهَةُ. وَالْحَقُّ احْتِمَالُ إبَاحَةِ الْمَالِكِ وَنَحْوِهِ هِيَ الشُّبْهَةُ الْمَوْهُومَةُ الَّتِي سَيَنْفِيهَا الْمُصَنِّفُ وَسَيَتَّضِحُ لَك، فَالْمُعَوِّلُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ مِلْكَ الْمُقَرَّرِ قَائِمٌ مَا لَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُقَرُّ لَهُ (قَوْلُهُ وَكَذَا إذَا غَابَ) الْمَسْرُوقُ مِنْهُ (عِنْدَ الْقَطْعِ) لَا يُقْطَعُ حَتَّى يَحْضُرَ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ خِلَافًا لِمَالِكٍ (لِأَنَّ الْإِمْضَاءَ مِنْ الْقَضَاءِ فِي الْحُدُودِ) عَلَى مَا مَرَّ، وَعَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ يَكُونُ التَّشْبِيهُ فِي ثُبُوتِ خِلَافِ الشَّافِعِيِّ، لَكِنْ عَلِمْت أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ كَقَوْلِنَا، وَلَمَّا ثَبَتَ أَنَّ الْمُطَالَبَةَ شَرْطُ شَرْعٍ مِنْ بَيَانِ مَنْ لَهُ الْمُطَالَبَةُ فَقَالَ
(وَلِلْمُسْتَوْدَعِ) بِفَتْحِ الدَّالِ (وَالْغَاصِبِ وَصَاحِبِ الرِّبَا أَنْ يَقْطَعُوا السَّارِقَ مِنْهُمْ) أَيْ إذَا سَرَقَ الْوَدِيعَةَ أَوْ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ، وَأَمَّا صَاحِبُ الرِّبَا فَكَالْمُشْتَرِي عَشَرَةً بِخَمْسَةٍ إذَا قَبَضَ الْعَشَرَةَ فَسَرَقَهَا سَارِقٌ قَطَعَ بِخُصُومَتِهِ لِأَنَّ هَذَا الْمَالَ فِي يَدِهِ بِمَنْزِلَةِ الْمَغْصُوبِ.
إذْ الْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي كَالْمَغْصُوبِ (وَلِرَبِّ الْوَدِيعَةِ أَنْ) يُخَاصِمَهُ وَ (يَقْطَعَهُ أَيْضًا) كَمَا لِلْمُودَعِ (وَكَذَا الْمَغْصُوبُ مِنْهُ. وَقَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ: لَا يُقْطَعُ بِخُصُومَةِ الْغَاصِبِ وَالْمُسْتَوْدَعِ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الْمُسْتَعِيرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ وَالْمُضَارِبُ وَالْمُسْتَبْضِعُ وَالْقَابِضُ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ وَالْمُرْتَهِنُ وَكُلُّ مَنْ لَهُ يَدٌ حَافِظَةٌ) كَمُتَوَلِّي الْوَقْفِ وَالْأَبِ وَالْوَصِيِّ يَقْطَعُ السَّارِقَ لِمَا فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ وَالْيَتِيمِ بِخُصُومَتِهِمْ (وَيُقْطَعُ أَيْضًا السَّارِقُ مِنْ هَؤُلَاءِ بِخُصُومَةِ الْمَالِكِ) بِمَا فِي أَيْدِيهِمْ (إلَّا أَنَّ الرَّاهِنَ إنَّمَا يُقْطَعُ بِخُصُومَتِهِ حَالَ قِيَامِ الرَّهْنِ قَبْلَ قَضَاءِ الدَّيْنِ أَوْ بَعْدَهُ) وَالصَّحِيحُ مِنْ نُسَخِ الْهِدَايَةِ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ، L
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute