للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَالَ قِيَامِ الرَّهْنِ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْمُطَالَبَةِ بِالْعَيْنِ بِدُونِهِ. وَالشَّافِعِيُّ بَنَاهُ عَلَى أَصْلِهِ أَنْ لَا خُصُومَةَ لِهَؤُلَاءِ فِي الِاسْتِرْدَادِ عِنْدَهُ. وَزُفَرُ يَقُولُ: وِلَايَةُ الْخُصُومَةِ فِي حَقِّ الِاسْتِرْدَادِ ضَرُورَةُ الْحِفْظِ فَلَا تَظْهَرُ فِي حَقِّ الْقَطْعِ لِأَنَّ فِيهِ تَفْوِيتَ الصِّيَانَةِ. وَلَنَا أَنَّ السَّرِقَةَ مُوجِبَةٌ لِلْقَطْعِ فِي نَفْسِهَا، وَقَدْ ظَهَرَتْ عِنْدَ الْقَاضِي بِحُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ وَهِيَ شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ عَقِيبَ خُصُومَةٍ مُعْتَبَرَةٍ مُطْلَقًا إذْ الِاعْتِبَارُ لِحَاجَتِهِمْ إلَى الِاسْتِرْدَادِ فَيَسْتَوْفِي الْقَطْعَ.

وَيَدُلُّ عَلَيْهِ تَعْلِيلُهُ بِقَوْلِهِ (لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْمُطَالَبَةِ بِالْعَيْنِ بِدُونِهِ) أَيْ بِدُونِ قَضَاءِ الدَّيْنِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ فِي رَدِّهَا، وَكَذَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ فِي نُسْخَةِ الْمُصَنِّفِ بَعْدَ الْقَضَاءِ.

وَقِيلَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ هَذَا جَوَابَ الْقِيَاسِ: يَعْنِي أَنَّ لِلْمَالِكِ أَنْ يَسْتَرِدَّ الرَّهْنَ كَالْمُودَعِ يَسْتَرِدُّهُ لِلْحِفْظِ فَلَا يَكُونُ أَدْنَى حَالًا مِنْهُ، وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ حَالَ قِيَامِ الرَّهْنِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مُسْتَهْلِكًا لَا يُقْطَعُ إلَّا بِخُصُومَةِ الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّ الدَّيْنَ سَقَطَ عَنْ الرَّاهِنِ فَلَمْ يَبْقَ لَهُ حَقٌّ فِي مُطَالَبَتِهِ بِالْعَيْنِ لَا لِنَفْسِهِ وَلَا لِلْحِفْظِ. وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لِلرَّاهِنِ وِلَايَةُ الْقَطْعِ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ أَزْيَدَ مِنْ الدَّيْنِ بِقَدْرِ عَشَرَةٍ، لِأَنَّ الزَّائِدَ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَكَانَ الْمُرْتَهِنُ بِالنِّسْبَةِ إلَى ذَلِكَ الْقَدْرِ كَالْمُودَعِ وَالرَّاهِنُ كَالْمُودَعِ فَيُقْطَعُ بِخُصُومَتِهِ (قَوْلُهُ فَالشَّافِعِيُّ بَنَاهُ) أَيْ بَنَى عَدَمَ الْقَطْعِ بِخُصُومَةِ هَؤُلَاءِ (عَلَى أَصْلِهِ وَهُوَ أَنْ لَا خُصُومَةَ لَهُمْ فِي الِاسْتِرْدَادِ) عِنْدَ جُحُودِ مَنْ فِي يَدِهِ الْمَالُ الْمُودَعُ كَأَبْنَاءِ غَيْرِ الْمُودَعِ، إلَّا أَنْ يَحْضُرَ الْمَالِكُ لِأَنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَ الْخُصُومَةَ فِي الدَّعْوَى عَلَيْهِمْ لِإِبْقَاءِ الْيَدِ، فَلَأَنْ لَا يَمْلِكُوهَا لِإِعَادَةِ الْيَدِ أَوْلَى.

قِيلَ لَكِنَّ الْمَذْكُورَ فِي كُتُبِهِمْ يُقْطَعُ بِالسَّرِقَةِ مِنْ يَدِ الْمُودَعِ وَالْوَكِيلِ وَالْمُرْتَهِنِ، وَكَذَا يَقُولُ مَالِكٌ وَيَزِيدُ الْمُسْتَعِيرَ أَيْضًا (وَزُفَرُ يَقُولُ: وِلَايَةُ الْخُصُومَةِ فِي حَقِّ الِاسْتِرْدَادِ ضَرُورَةُ الْحِفْظِ فَلَا تَظْهَرُ فِي حَقِّ الْقَطْعِ لِأَنَّ فِيهِ) أَيْ فِي الْقَطْعِ (تَفْوِيتَ الصِّيَانَةِ) لِسُقُوطِ الضَّمَانِ بِهِ فَيَفُوتُ الْحِفْظُ فَيَعُودُ الْأَمْرُ عَلَى مَوْضُوعِهِ بِالنَّقْضِ إذْ تَصِيرُ خُصُومَتُهُ لِإِثْبَاتِ الْحِفْظِ سَبَبًا لِنَفْيِهِ (وَلَنَا أَنَّ السَّرِقَةَ مُوجِبَةٌ لِلْقَطْعِ فِي نَفْسِهَا، وَقَدْ ظَهَرَتْ عِنْدَ الْقَاضِي بِحُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ وَهِيَ شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ عَقِيبَ خُصُومَةٍ مُعْتَبَرَةٍ مُطْلَقًا) وَهَذِهِ النُّكْتَةُ هِيَ مَبْنَى الْخِلَافِ: أَعْنِي كَوْنَ خُصُومَتِهِمْ مُعْتَبَرَةً فَأَثْبَتَهَا بِقَوْلِهِ (إذْ الِاعْتِبَارُ لِحَاجَتِهِمْ إلَى الِاسْتِرْدَادِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>