فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَإِنْ كَانَتْ شُبْهَةُ الْإِذْنِ فِي دُخُولِ الْحِرْزِ ثَابِتَةً
(وَإِنْ قُطِعَ سَارِقٌ بِسَرِقَةٍ فَسُرِقَتْ مِنْهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَا لِرَبِّ السَّرِقَةِ أَنْ يَقْطَعَ السَّارِقَ الثَّانِي) لِأَنَّ الْمَالَ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ فِي حَقِّ السَّارِقِ حَتَّى لَا يَجِبَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ بِالْهَلَاكِ فَلَمْ تَنْعَقِدْ مُوجِبَةً فِي نَفْسِهَا، وَلِلْأَوَّلِ وِلَايَةُ الْخُصُومَةِ فِي الِاسْتِرْدَادِ فِي رِوَايَةٍ لِحَاجَتِهِ إذْ الرَّدُّ وَاجِبٌ عَلَيْهِ
أَوْ لِطَائِفَةٍ السَّارِقُ مِنْهُمْ كَمَا جَازَ أَنْ يُقِرَّ لَهُ بِهِ سِرًّا، فَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ شُبْهَةً مَوْهُومَةً لَا تُعْتَبَرُ فَكَذَلِكَ تِلْكَ، وَإِنْ اُعْتُبِرَتْ تِلْكَ بِسَبَبِ قِيَامِ احْتِمَالِهَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَا عَلَى تَقْدِيرِ حُضُورِهِ الْمُنْتَفِي فِي الْحَالِ فَهَذِهِ كَذَلِكَ، لِأَنَّ احْتِمَالَ كَوْنِ الْمَالِكِ كَانَ أَذِنَ لَهُ أَوْ أَنَّهُ مُقِرٌّ لَهُ بِهِ قَائِمٌ فِي الْحَالِ.
وَقَوْلُهُ (فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ) احْتِرَازٌ عَمَّا رَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ لِلْمَالِكِ أَنْ يَقْطَعَهُ حَالَ غَيْبَةِ الْمُسْتَوْدَعِ
(قَوْلُهُ وَإِنْ قُطِعَ سَارِقٌ بِسَرِقَةٍ فَسُرِقَتْ مِنْهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَا لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَقْطَعَ السَّارِقَ الثَّانِي) وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَالشَّافِعِيُّ فِي قَوْلٍ. وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ فِي قَوْلٍ: يُقْطَعُ بِخُصُومَةِ الْمَالِكِ لِأَنَّهُ سَرَقَ نِصَابًا مِنْ حِرْزٍ لَا شُبْهَةَ فِيهِ فَيُقْطَعُ بِخُصُومَةِ مَالِكِهِ سَوَاءٌ قُطِعَ السَّارِقُ الْأَوَّلُ أَوْ لَا. وَلَنَا أَنَّ الْمَالَ لَمَّا لَمْ يَجِبْ عَلَى السَّارِقِ ضَمَانُهُ كَانَ سَاقِطَ التَّقَوُّمِ فِي حَقِّهِ، وَكَذَا فِي حَقِّ الْمَالِكِ لِعَدَمِ وُجُوبِ الضَّمَانِ لَهُ فَيَدُ السَّارِقِ الْأَوَّلِ لَيْسَتْ يَدَ ضَمَانٍ وَلَا يَدَ أَمَانَةٍ وَلَا يَدَ مِلْكٍ فَكَانَ الْمَسْرُوقُ مَالًا غَيْرَ مَعْصُومٍ فَلَا قَطْعَ فِيهِ. وَرُوِيَ فِي نَوَادِرِ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ: إنْ قَطَعْت الْأَوَّلَ لَمْ أَقْطَعْ الثَّانِي وَإِنْ دَرَأْت الْقَطْعَ عَنْ الْأَوَّلِ لِشُبْهَةٍ قَطَعْت الثَّانِي. وَمِثْلُهُ فِي الْإِمْلَاءِ لِأَبِي يُوسُفَ. وَأَطْلَقَ الْكَرْخِيُّ وَالطَّحَاوِيُّ عَدَمَ قَطْعِ السَّارِقِ مِنْ السَّارِقِ.
وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ لِأَنَّ يَدَهُ لَيْسَتْ يَدَ أَمَانَةٍ وَلَا يَدَ مِلْكٍ فَكَانَ ضَائِعًا وَلَا قَطْعَ فِي أَخْذِ مَالٍ ضَائِعٍ. قُلْنَا: بَقِيَ أَنْ يَكُونَ يَدَ غَصْبٍ وَالسَّارِقُ مِنْهُ يُقْطَعُ فَالْحَقُّ التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ (وَلِلْأَوَّلِ وِلَايَةُ الْخُصُومَةِ فِي الِاسْتِرْدَادِ فِي رِوَايَةٍ لِحَاجَتِهِ إذْ الرَّدُّ وَاجِبٌ عَلَيْهِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute