(فَإِنْ سَرَقَ ثَوْبًا فَصَبْغَهُ أَحْمَرَ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ الثَّوْبُ وَلَمْ يَضْمَنْ قِيمَةَ الثَّوْبِ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يُؤْخَذُ مِنْهُ الثَّوْبُ وَيُعْطَى مَا زَادَ الصَّبْغُ فِيهِ) اعْتِبَارًا بِالْغَصْبِ، وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا كَوْنُ الثَّوْبِ أَصْلًا قَائِمًا وَكَوْنُ الصَّبْغِ تَابِعًا. وَلَهُمَا أَنَّ الصَّبْغَ قَائِمٌ صُورَةً وَمَعْنًى، حَتَّى لَوْ أَرَادَ أَخْذَهُ مَصْبُوغًا يَضْمَنُ مَا زَادَ الصَّبْغُ فِيهِ، وَحَقُّ الْمَالِكِ فِي الثَّوْبِ قَائِمٌ صُورَةً لَا مَعْنًى؛ أَلَا تَرَى أَنَّهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَى السَّارِقِ بِالْهَلَاكِ فَرَجَّحْنَا جَانِبَ السَّارِقِ، بِخِلَافِ الْغَصْبِ، لِأَنَّ حَقَّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَائِمٌ صُورَةً وَمَعْنًى فَاسْتَوَيَا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَرَجَّحْنَا جَانِبَ الْمَالِكِ بِمَا ذَكَرْنَا (وَإِنْ صَبَغَهُ أَسْوَدَ
وَالْفِضَّةِ وَلَوْ تَقَوَّمَتْ وَبَدَّلَتْ الِاسْمَ لَمْ تُعْتَبَرْ مَوْجُودَةً شَرْعًا بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَمْ يَتَغَيَّرْ بِهَا حُكْمُ الرِّبَا حَتَّى لَا يَجُوزَ بَيْعُ آنِيَةِ وَزْنُهَا عَشَرَةٌ فِضَّةً بِأَحَدَ عَشَرَ فِضَّةً وَقَلْبُهُ فَكَانَتْ الْعَيْنُ كَمَا كَانَتْ حُكْمًا فَيُقْطَعُ وَتُؤْخَذُ لِلْمَالِكِ، عَلَى أَنَّ الِاسْمَ بَاقٍ، وَهُوَ اسْمُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَإِنَّمَا حَدَثَ اسْمٌ آخَرُ مَعَ ذَلِكَ الِاسْمِ
(قَوْلُهُ وَمَنْ سَرَقَ ثَوْبًا فَصَبْغَهُ أَحْمَرَ) يُقْطَعُ بِهِ بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ ثُمَّ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ الثَّوْبُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَلَا يَضْمَنُهُ (وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يُؤْخَذُ مِنْهُ الثَّوْبُ) وَهُوَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ (وَيُعْطَى قَدْرَ مَا زَادَ الصَّبْغُ فِي الثَّوْبِ اعْتِبَارًا بِالْغَصْبِ) فَإِنَّ غَاصِبَ الثَّوْبِ إذَا صَبَغَهُ أَحْمَرَ لَا يَنْقَطِعُ بِهِ حَقُّ الْمَالِكِ فِي الِاسْتِرْدَادِ اتِّفَاقًا، فَكَذَا فِي السَّرِقَةِ (وَالْجَامِعُ كَوْنُ الثَّوْبِ أَصْلًا وَالصَّبْغُ تَابِعًا. وَلَهُمَا أَنَّ الصَّبْغَ قَائِمٌ صُورَةً)
وَهُوَ ظَاهِرٌ.
وَقَوْلُهُ (وَمَعْنًى) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْقِيمَةُ (حَتَّى لَوْ أَرَادَ) الْمَسْرُوقُ مِنْهُ (أَنْ يَأْخُذَ الثَّوْبَ يَضْمَنُ لَهُ) قِيمَةَ (الصَّبْغِ وَحَقُّ الْمَالِكِ قَائِمٌ صُورَةً لَا مَعْنًى) فَإِنَّهُ لَوْ هَلَكَ أَوْ اُسْتُهْلِكَ عِنْدَ السَّارِقِ لَا يَضْمَنُ فَكَانَ حَقُّ السَّارِقِ أَحَقَّ بِالتَّرْجِيحِ كَالْمَوْهُوبِ لَهُ إذَا فَعَلَهُ يَنْقَطِعُ حَقُّ الْوَاهِبِ فِي الرُّجُوعِ بِذَلِكَ (بِخِلَافِ الْغَصْبِ، لِأَنَّ حَقَّ كُلٍّ) مِنْ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَالْغَاصِبِ الَّذِي صَبَغَهُ (قَائِمٌ صُورَةً وَمَعْنًى) لِانْتِفَاءِ مَا يَخِلُّ بِالْمَعْنَى فِي حَقِّ الْغَاصِبِ وَهُوَ الْقَطْعُ (فَاسْتَوَيَا فَرَجَّحْنَا الْمَالِكَ بِمَا ذَكَرْنَا) مِنْ أَنَّ الصَّبْغَ تَابِعٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ صَبَغَهُ) أَيْ السَّارِقُ (أَسْوَدَ) ثُمَّ قَطَعَ أَوْ قَطَعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute