(وَإِنْ سَرَقَ شَاةً فَذَبَحَهَا ثُمَّ أَخْرَجَهَا لَمْ يُقْطَعْ) لِأَنَّ السَّرِقَةَ تَمَّتْ عَلَى اللَّحْمِ وَلَا قَطْعَ فِيهِ
(وَمَنْ سَرَقَ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ فَصَنَعَهُ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ قُطِعَ فِيهِ وَتَرَكَ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ إلَى الْمَسْرُوقِ مِنْهُ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا: لَا سَبِيلَ لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ عَلَيْهِمَا) وَأَصْلُهُ فِي الْغَصْبِ فَهَذِهِ صَنْعَةٌ مُتَقَوِّمَةٌ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لَهُ، ثُمَّ وُجُوبُ الْحَدِّ لَا يُشْكِلُ عَلَى قَوْلِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ، وَقِيلَ عَلَى قَوْلِهِمَا لَا يَجِبُ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ قَبْلَ الْقَطْعِ، وَقِيلَ يَجِبُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ بِالصَّنْعَةِ شَيْئًا آخَرَ فَلَمْ يَمْلِكْ عَيْنَهُ
سَبَبِهِ وَهُوَ التَّعْيِيبُ الَّذِي وَقَعَ قَبْلَ الْإِخْرَاجِ الَّذِي بِهِ تَتِمُّ السَّرِقَةُ، وَوُجُوبُ ضَمَانِ النُّقْصَانِ لَا يَمْنَعُ الْقَطْعَ؛ لِأَنَّ ضَمَانَ النُّقْصَانِ وَجَبَ بِإِتْلَافِ مَا فَاتَ قَبْلَ الْإِخْرَاجِ وَالْقَطْعِ بِإِخْرَاجِ الْبَاقِي فَلَا يَمْنَعُ، كَمَا لَوْ أَخَذَ ثَوْبَيْنِ وَأَحْرَقَ أَحَدَهُمَا فِي الْبَيْتِ وَأَخْرَجَ الْآخَرَ، وَقِيمَتُهُ نِصَابٌ.
وَأَمَّا قَوْلُ الْبَاحِثِ يَمْلِكُ مَا ضَمِنَهُ فَيَكُونُ كَثَوْبٍ مُشْتَرَكٍ إلَى آخِرِهِ فَغَلَطٌ؛ لِأَنَّ عِنْدَ السَّرِقَةِ وَهُوَ الْإِخْرَاجُ مَا كَانَ لَهُ مِلْكٌ فِي الْمُخْرَجِ، فَإِنَّ الْجُزْءَ الَّذِي مَلَكَهُ بِالضَّمَانِ هُوَ مَا كَانَ قَبْلَ السَّرِقَةِ وَقَدْ هَلَكَ قَبْلَهَا، وَحِينَ وَرَدَتْ السَّرِقَةُ وَرَدَتْ عَلَى مَا لَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ الْجُزْءُ الْمَمْلُوكُ لَهُ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ سَرَقَ شَاةً فَذَبَحَهَا ثُمَّ أَخْرَجَهَا لَمْ يُقْطَعْ) وَلَوْ سَاوَتْ نِصَابًا بَعْدَ الذَّبْحِ (لِأَنَّ السَّرِقَةَ تَمَّتْ عَلَى اللَّحْمِ وَلَا قَطْعَ فِيهِ) عَلَى مَا مَرَّ لَكِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ
(قَوْلُهُ: وَمَنْ سَرَقَ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ) بِأَنْ كَانَتْ نِصَابًا (فَصَنَعَهُ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ قُطِعَ فِيهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) وَهُوَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ (وَيَرُدُّ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ عَلَى الْمَسْرُوقِ مِنْهُ، وَقَالَا: يُقْطَعُ وَلَا سَبِيلَ لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ عَلَيْهِمَا) وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى خِلَافٍ آخَرَ فِي الْغَصْبِ وَهُوَ مَا إذَا غَصَبَ نَقْرَةَ فِضَّةٍ فَضَرَبَهَا دَرَاهِمَ لَا يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ دَرَاهِمَ فَضَرَبَهَا حُلِيًّا فَكَذَا هُنَا لَا يَنْقَطِعُ بِالصَّكِّ حَقُّ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ فِي السَّرِقَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَتَبَدَّلْ فَيُقْطَعُ فَالْقَطْعُ عِنْدَهُ لَا يُشْكِلُ عَلَى هَذَا، أَمَّا عِنْدَهُمَا فَقَدْ قِيلَ لَا يُقْطَعُ لِأَنَّهُ مَلَكَ الْمَسْرُوقَ بِمَا حَدَثَ مِنْ الصَّنْعَةِ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْقَطْعِ، لَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهِ مِثْلُ مَا أَخَذَ وَزْنًا مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَقِيلَ يُقْطَعُ وَلَا شَيْءَ عَلَى السَّارِقِ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ عَيْنَ الْمَسْرُوقِ لِأَنَّهُ بِالصَّنْعَةِ صَارَ شَيْئًا آخَرَ فَقَدْ اسْتَهْلَكَ الْمَسْرُوقَ ثُمَّ قَطَعَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
وَجْهُ قَوْلِهِمَا أَنَّ هَذِهِ الصَّنْعَةَ مُبَدِّلَةٌ لِلْعَيْنِ كَالصَّنْعَةِ فِي الْحَدِيدِ وَالصُّفْرِ بِأَنْ غَصَبَ حَدِيدًا أَوْ صُفْرًا فَجَعَلَهُ سَيْفًا أَوْ آنِيَةً، وَكَذَا الِاسْمُ كَانَ تِبْرًا ذَهَبًا فِضَّةً فَصَارَ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ. وَلَهُ أَنَّ هَذِهِ الصَّنْعَةَ فِي الذَّهَبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute