للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذَا قَامَ بِهِ فَرِيقٌ مِنْ النَّاسِ سَقَطَ عَنْ الْبَاقِينَ) أَمَّا الْفَرْضِيَّةُ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ﴾

إذَا قَامَ بِهِ فَرِيقٌ مِنْ النَّاسِ سَقَطَ عَنْ الْبَاقِينَ) وَهَذَا وَاقِعٌ مَوْقِعَ تَفْسِيرِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ (أَمَّا الْفَرْضِيَّةُ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ﴾ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وقَوْله تَعَالَى ﴿فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ﴾ وقَوْله تَعَالَى ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ﴾ وقَوْله تَعَالَى ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ﴾ ﴿وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً﴾ وقَوْله تَعَالَى انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَوْلُهُ «أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» وَالتَّخْصِيصُ الْمُعْتَبَرُ عِنْدَ أَهْلِ الْأُصُولِ قَصْرُ الْعَامِّ عَلَى بَعْضِ مَا يَتَنَاوَلُهُ بِدَلِيلٍ مُسْتَقِلٍّ لَفْظِيٍّ مُقَارِنٍ لِلْمَعْنَى، وَبِهَذِهِ يَنْتَفِي مَا نُقِلَ عَنْ الثَّوْرِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَيْسَ بِفَرْضٍ وَأَنَّ الْأَمْرَ بِهِ لِلنَّدْبِ، وَكَذَا ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ﴾ كَقَوْلِهِ ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ﴾ وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ.

وَيَجِبُ حَمْلُهُ إنْ صَحَّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِفَرْضِ عَيْنٍ. فَإِنْ قُلْت: كَيْفَ يَثْبُتُ الْفَرْضُ وَهِيَ عُمُومَاتٌ مَخْصُوصَةٌ، وَالْعَامُّ الْمَخْصُوصُ ظَنِّيُّ الدَّلَالَةِ، وَبِهِ لَا يَثْبُتُ الْفَرْضُ؟ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُخْرِجَ مِنْ الصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ مَخْصُوصٌ بِالْعَقْلِ عَلَى مَا عُرِفَ وَبِالتَّخْصِيصِ بِهِ لَا يَصِيرُ الْعَامُّ ظَنِّيًّا، وَأَمَّا غَيْرُهُمَا فَنَفْسُ النَّصِّ ابْتِدَاءُ تَعَلُّقٍ بِغَيْرِهِمَا فَلَمْ يَكُنْ مِنْ قَبِيلِ الْمَخْصُوصِ، وَذَلِكَ أَنَّ النَّصَّ مَقْرُونٌ بِمَا يُقَيِّدُهُ بِغَيْرِهِمْ وَهُوَ مِنْ حَيْثُ يُحَارَبُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً﴾ فَأَفَادَ أَنَّ قِتَالنَا الْمَأْمُورَ بِهِ جَزَاءٌ لِقِتَالِهِمْ وَمُسَبَّبٌ عَنْهُ، وَكَذَا قَوْله تَعَالَى ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾ أَيْ لَا تَكُونَ مِنْهُمْ فِتْنَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ عَنْ دِينِهِمْ بِالْإِكْرَاهِ بِالضَّرْبِ وَالْقَتْلِ، وَكَانَ أَهْلُ مَكَّةَ يَفْتِنُونَ مَنْ أَسْلَمَ بِالتَّعْذِيبِ حَتَّى يَرْجِعَ عَنْ الْإِسْلَامِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي السِّيَرِ، فَأَمَرَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ بِالْقِتَالِ لِكَسْرِ شَوْكَتِهِمْ فَلَا يَقْدِرُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>