للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلِقَوْلِهِ «الْجِهَادُ مَاضٍ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» وَأَرَادَ بِهِ فَرْضًا بَاقِيًا، وَهُوَ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ؛ لِأَنَّهُ مَا فُرِضَ لِعَيْنِهِ إذْ هُوَ إفْسَادٌ فِي نَفْسِهِ، وَإِنَّمَا فُرِضَ لِإِعْزَازِ دِينِ اللَّهِ وَدَفْعِ الشَّرِّ عَنْ الْعِبَادِ،

عَلَى تَفْتِينِ الْمُسْلِمِ عَنْ دِينِهِ، فَكَانَ الْأَمْرُ ابْتِدَاءً بِقِتَالِ مَنْ بِحَيْثُ يُحَارِبُ مِنْ الْمُشْرِكِينَ بِالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، وَقَدْ أَكَّدَ هَذَا قَوْلُهُ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةِ لِحَدِيثِ النَّهْيِ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ حِينَ رَأَى الْمَقْتُولَةَ «مَا كَانَتْ هَذِهِ تُقَاتِلُ» وَأَمَّا قَوْلُهُ «الْجِهَادُ مَاضٍ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» فَدَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِهِ، وَأَنَّهُ لَا يُنْسَخُ، وَهَذَا لِأَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ لَا يُفِيدُ الِافْتِرَاضَ.

وَقَوْلُ صَاحِبِ الْإِيضَاحِ إذَا تَأَيَّدَ خَبَرُ الْوَاحِدِ بِالْكِتَابِ وَالْإِجْمَاعِ يُفِيدُ الْفَرْضِيَّةَ مَمْنُوعٌ، بَلْ الْمُفِيدُ حِينَئِذٍ الْكِتَابُ وَالْإِجْمَاعُ، وَجَاءَ الْخَبَرُ عَلَى وَفْقِهِمَا، وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ مِنْ حَدِيثٍ «وَالْجِهَادُ مَاضٍ مُنْذُ بَعَثَنِي اللَّهُ إلَى أَنْ يُقَاتِلَ آخِرُ أُمَّتِي الدَّجَّالَ، لَا يُبْطِلُهُ جَوْرُ جَائِرٍ وَلَا عَدْلُ عَادِلٍ، وَالْإِيمَانُ بِالْأَقْدَارِ» فِيهِ يَزِيدُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ إلَّا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ، وَعَنْ هَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: هُوَ فِي مَعْنَى الْمَجْهُولِ. وَلَا شَكَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>