وَفِي الْعَقَارِ خِلَافُ الشَّافِعِيِّ لِأَنَّ فِي الْمَنِّ إبْطَالَ حَقِّ الْغَانِمِينَ أَوْ مِلْكِهِمْ فَلَا يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ بَدَلٍ يُعَادَلُ، وَالْخَرَاجُ غَيْرُ مُعَادَلٍ لِقَتْلِهِ، بِخِلَافِ الرِّقَابِ لِأَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُبْطِلَ حَقَّهُمْ رَأْسًا بِالْقَتْلِ، وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ مَا رَوَيْنَاهُ، وَلِأَنَّ فِيهِ نَظَرًا؛ لِأَنَّهُمْ كَالْأُكْرَةِ الْعَامِلَةِ لِلْمُسْلِمِينَ الْعَالِمَةِ بِوُجُوهِ الزِّرَاعَةِ وَالْمُؤَنِ مُرْتَفِعَةٌ مَعَ مَا إنَّهُ يَحْظَى بِهِ الَّذِينَ يَأْتُونَ مِنْ بَعْدُ، وَالْخَرَاجُ وَإِنْ قَلَّ حَالًا فَقَدْ جَلَّ مَآلًا لِدَوَامِهِ، وَإِنْ مَنَّ عَلَيْهِمْ بِالرِّقَابِ وَالْأَرَاضِيِ يَدْفَعُ إلَيْهِمْ مِنْ الْمَنْقُولَاتِ بِقَدْرِ مَا يَتَهَيَّأُ لَهُمْ الْعَمَلُ لِيَخْرُجَ عَنْ حَدِّ الْكَرَاهَةِ.
إجَارَتِهِ وَمُدَافَعَتِهَا عَلَيْهَا عَنْ قَتْلِهِ، «وَأَمْرِهِ ﵊ بِقَتْلِ ابْنِ خَطَلٍ بَعْدَ دُخُولِهِ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ».
وَأَظْهَرُ مِنْ الْكُلِّ قَوْلَهُ ﵊ فِي الصَّحِيحَيْنِ «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ مَكَّةَ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ لَا يُسْفَكُ بِهَا دَمٌ، إلَى أَنْ قَالَ: فَإِنْ أَحَدٌ تَرَخَّصَ بِقِتَالِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقُولُوا لَهُ إنَّ اللَّهَ أَذِنَ لِرَسُولِهِ وَلَمْ يَأْذَنْ لَكُمْ» فَقَوْلُهُ بِقِتَالِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَفِي الْعَقَارِ خِلَافُ الشَّافِعِيِّ) فَعِنْدَهُ يَقْسِمُ الْكُلَّ (لِأَنَّ فِي الْمَنِّ) بِالْأَرْضِ (إبْطَالَ حَقِّ الْغَانِمِينَ) عَلَى قَوْلِكُمْ (أَوْ مِلْكِهِمْ) عَلَى قَوْلِي (فَلَا يَجُوزُ) لِلْإِمَامِ ذَلِكَ (بِلَا بَدَلٍ يُعَادِلُهُ وَالْخَرَاجُ لَا يُعَادِلُ لِقِلَّتِهِ) بِالنِّسْبَةِ إلَى رَقَبَةِ الْأَرْضِ (بِخِلَافِ الرِّقَابِ لِأَنَّ لِلْأَمَامِ أَنْ يُبْطِلَ حَقَّهُمْ رَأْسًا بِالْقَتْلِ وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ مَا رَوَيْنَاهُ) مِنْ فِعْلِ عُمَرَ ﵁ مَعَ وُجُودِ الصَّحَابَةِ فَلَمْ يُعَارِضُوهُ فَكَانَ إجْمَاعًا. فَإِنْ قِيلَ: لَا يَنْعَقِدُ الْإِجْمَاعُ بِمُخَالَفَةِ بِلَالٍ وَمَنْ مَعَهُ. أُجِيبُ بِأَنَّهُ لَمْ يُسَوَّغْ اجْتِهَادُهُمْ بِدَلِيلِ أَنَّ عُمَرَ دَعَا عَلَيْهِمْ، وَلَوْ سَوَّغُوا لَهُمْ ذَلِكَ لَمَّا دَعَا عَلَى الْمُخَالِفِ (وَلِأَنَّ فِيهِ نَظَرًا) لِلْمُسْلِمِينَ (لِأَنَّهُمْ) يَصِيرُونَ (كَالْأُكْرَةِ الْعَامِلَةِ لِلْمُسْلِمِينَ الْعَالِمَةِ بِوُجُوهِ الزِّرَاعَةِ مَعَ ارْتِفَاعِ الْمُؤَنِ) عَنْ الْمُسْلِمِينَ وَفِي هَذَا مِنْ النَّظَرِ مَا لَا يَخْفَى (مَعَ أَنَّهُ يَحْظَى بِهِ الَّذِينَ يَأْتُونَ مِنْ بَعْدُ) فَيَحْصُلُ عُمُومُ النَّفْعِ لِلْمُسْلِمِينَ (وَالْخَرَاجُ، وَإِنْ قَلَّ حَالًا فَقَدْ جَلَّ مَآلًا) فَرُبَّمَا يَتَحَصَّلُ مِنْهُ عَلَى طُولِ الزَّمَانِ أَضْعَافُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute