لِأَنَّهُ فِي يَدٍ صَحِيحَةٍ مُحْتَرَمَةٍ وَيَدُهُ كَيَدِهِ (فَإِنْ ظَهَرْنَا عَلَى دَارِ الْحِرَابِ فَعَقَارُهُ فَيْءٌ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: هُوَ لَهُ لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ فَصَارَ كَالْمَنْقُولِ.
وَلَنَا أَنَّ الْعَقَارَ فِي يَدِ أَهْلِ الدَّارِ وَسُلْطَانُهَا إذَا هُوَ مِنْ جُمْلَةِ دَارِ الْحَرْبِ فَلَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ حَقِيقَةً، وَقِيلَ هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ الْآخَرُ. وَفِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ الْأَوَّلُ هُوَ كَغَيْرِهِ مِنْ الْأَمْوَالِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْيَدَ حَقِيقَةً لَا تَثْبُتُ عَلَى الْعَقَارِ عِنْدَهُمَا، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ تَثْبُتُ (وَزَوْجَتُهُ فَيْءٌ) لِأَنَّهَا كَافِرَةٌ حَرْبِيَّةٌ لَا تَتْبَعُهُ فِي الْإِسْلَامِ (وَكَذَا حَمْلُهَا فَيْءٌ) خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ. هُوَ يَقُولُ إنَّهُ مُسْلِمٌ تَبَعًا كَالْمُنْفَصِلِ.
وَلَنَا أَنَّهُ جُزْؤُهَا
لِأَنَّهُ فِي يَدٍ صَحِيحَةٍ مُحْتَرَمَةٍ) بِنَصْبِ وَدِيعَةٍ (وَيَدُهُ) أَيْ يَدُ الْمُودِعِ (كَيَدِهِ، فَإِنْ ظَهَرْنَا عَلَى الدَّارِ فَعَقَارُهُ فَيْءٌ) وَمَالُهُ مِنْ زَرْعٍ قَبْلَ أَنْ يَحْصُدَ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِلْأَرْضِ (وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: هُوَ لَهُ لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ فَهُوَ كَالْمَنْقُولِ) وَلَمْ يَذْكُرُوا خِلَافًا فِي شُرُوحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ.
وَنَقَلَ الْمُصَنِّفُ عَنْ بَعْضِهِمْ نَقَلَ الْخِلَافَ فَقَالَ (وَقِيلَ هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ الْآخَرُ، وَفِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ الْأَوَّلُ هُوَ كَغَيْرِهِ مِنْ الْأَمْوَالِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْيَدَ لَا تَثْبُتُ حَقِيقَةً عَلَى الْعَقَارِ عِنْدَهُمَا، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ تَثْبُتُ) وَحَكَاهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ عَلَى خِلَافِ هَذَا فَقَالَ: فَأَمَّا عَقَارُهُ لَا يَصِيرُ غَنِيمَةً فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: أَسْتَحْسِنُ فَأَجْعَلُ عَقَارَهُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مِلْكٌ مُحْتَرَمٌ لَهُ كَالْمَنْقُولِ اهـ.
وَحَكَى غَيْرُهُ أَنَّ عِنْدَهُمَا لَا يَصِيرُ فَيْئًا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ هُوَ فَيْءٌ، وَوَجْهُهُ مَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ ﵀ بِقَوْلِهِ (وَلَنَا أَنَّ الْعَقَارَ فِي يَدِ أَهْلِ الدَّارِ وَسُلْطَانِهَا؛ إذْ هُوَ مِنْ جُمْلَةِ دَارِ الْحَرْبِ فَلَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ حَقِيقَةً) بَلْ حُكْمًا، وَدَارُ الْحَرْبِ لَيْسَتْ دَارَ أَحْكَامٍ فَكَانَتْ يَدُهُ غَيْرَ مُعْتَبَرَةٍ قَبْلَ ظُهُورِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الدَّارِ وَبَعْدَ ظُهُورِهِمْ يَدُهُمْ أَقْوَى مِنْ يَدِ السُّلْطَانِ وَأَهْلِ الدَّارِ؛ لِأَنَّهَا جُعِلَتْ شَرْعًا سَالِبَةً لِمَا فِي أَيْدِيهِمْ، وَظَاهِرُ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ أَبَانَ يَشْهَدُ لِكَوْنِهِ غَيْرَ فَيْءٍ فَإِنَّهُ قَالَ لِصَخْرٍ حِينَ مَنَعَهُمْ مَاءَهُمْ: «إنَّ الْقَوْمَ إذَا أَسْلَمُوا أَحْرَزُوا أَمْوَالَهُمْ» فَسَمَّاهُ مَالًا. وَالْمُرَادُ مِنْ الْمَاءِ الْأَرْضُ الَّتِي فِيهَا الْمَاءُ لَا نَفْسُ الْمَاءِ بِخُصُوصِهِ؛ أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِهِ أَنْزَلَنِي فَأَنْزَلَهُ إيَّاهُ، وَالِاسْتِدْلَالُ بِقَوْلِهِ ﵊ «فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ» بِنَاءً عَلَى تَسْمِيَتِهَا مَالًا فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ، لَكِنْ قَدْ ضَعَّفَ أَبَانًا جَمَاعَةٌ مَعَ احْتِمَالِ أَنْ يُرَادَ حَقِيقَةُ الْمَاءِ وَنُزُولُ الْأَرْضِ لِأَجْلِهِ.
قَالَ (وَزَوْجَتُهُ فَيْءٌ؛ لِأَنَّهَا كَافِرَةٌ حَرْبِيَّةٌ لَا تَتْبَعُهُ فِي الْإِسْلَامِ، وَكَذَا حَمْلُهَا فَيْءٌ) وَإِنْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِخَيْرِ الْأَبَوَيْنِ دِينًا (خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ. هُوَ يَقُولُ إنَّهُ مُسْلِمٌ كَالْمُنْفَصِلِ. وَلَنَا أَنَّهُ جُزْؤُهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute