للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُصْرَفُ سَهْمُ الرَّسُولِ إلَى الْخَلِيفَةِ، وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ مَا قَدَّمْنَاهُ (وَسَهْمُ ذَوِي الْقُرْبَى كَانُوا يَسْتَحِقُّونَهُ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ بِالنُّصْرَةِ) لِمَا رَوَيْنَا.

قَالَ (وَبَعْدُ بِالْفَقْرِ) قَالَ الْعَبْدُ الضَّعِيفُ عَصَمَهُ اللَّهُ: هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ قَوْلُ الْكَرْخِيِّ.

وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ: سَهْمُ الْفَقِيرِ مِنْهُمْ سَاقِطٌ أَيْضًا لِمَا رَوَيْنَا مِنْ الْإِجْمَاعِ، وَلِأَنَّ فِيهِ مَعْنَى الصَّدَقَةِ نَظَرًا إلَى الْمَصْرِفِ فَيُحَرِّمُهُ كَمَا حَرَّمَ الْعِمَالَةَ.

وَجْهُ الْأَوَّلِ

ذَا الْفَقَارِ وَهُوَ سَيْفُ مُنَبَّهِ بْنِ الْحَجَّاجِ حِينَ أَتَى بِهِ عَلِيُّ بَعْدَ أَنْ قَتَلَ مُنَبَّهًا ثُمَّ دَفَعَهُ إلَيْهِ، وَكَمَا اصْطَفَى صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيِّ بْنِ أَخَطَبَ مِنْ غَنِيمَةِ خَيْبَرَ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ عَنْ عَائِشَةَ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ (وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : يُصْرَفُ سَهْمُ الرَّسُولِ إلَى الْخَلِيفَةِ) لِأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ يَسْتَحِقُّهُ بِإِمَامَتِهِ لَا بِرِسَالَتِهِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ مَا قَدَّمْنَاهُ) أَيْ مِنْ أَنَّ الْخُلَفَاءَ الرَّاشِدِينَ إنَّمَا قَسَّمُوا الْخُمُسَ عَلَى ثَلَاثَةٍ، فَلَوْ كَانَ كَمَا ذَكَرَ لَقَسَّمُوهُ عَلَى أَرْبَعَةٍ وَرَفَعُوا سَهْمَهُ لِأَنْفُسِهِمْ، وَلَمْ يُنْقَلُ ذَلِكَ عَنْ أَحَدٍ، وَأَيْضًا فَهُوَ حُكْمٌ عُلِّقَ بِمُشْتَقٍّ وَهُوَ الرَّسُولُ فَيَكُونُ مَبْدَأُ الِاشْتِقَاقِ عِلَّةً وَهُوَ الرِّسَالَةُ.

وَأَمَّا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَسَهْمُ ذَوِي الْقُرْبَى إلَخْ فَقَدْ تَقَدَّمَ مَا يُغْنِي فِيهِ. وَقَوْلُهُ (كَانُوا يَسْتَحِقُّونَهُ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ بِالنُّصْرَةِ لِمَا رَوَيْنَا) يَعْنِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ (وَبَعْدَهُ بِالْفَقْرِ) لَا يَخْفَى ضَعْفُهُ فَإِنَّ قَوْله تَعَالَى ﴿وَلِذِي الْقُرْبَى﴾ إمَّا أَنْ يُرَادَ بِهِ الْقُرْبَى الْمُخْتَصَّةُ بِتِلْكَ الْمُرَافَقَةِ فِي الضِّيقِ وَالْمُؤَانَسَةِ فِيهِ فَتَكُونُ الْمَصَارِفُ مُطْلَقًا فِي الْحَيَاةِ وَبَعْدَ الْمَمَاتِ، وَإِمَّا الْفُقَرَاءُ مِنْهُمْ فَهُمْ الْمَصَارِفُ كَذَلِكَ: أَيْ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَمَاتِهِ، فَلَيْسَ الْوَجْهُ فِيهِ إلَّا مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ أُرِيدَ أَنَّ الْقَرَابَةَ النَّاصِرَةَ مَصَارِفُ كَغَيْرِهِمْ، غَيْرَ أَنَّهُ أَعْطَاهُمْ اخْتِيَارًا لِأَحَدِ الْحَائِزِينَ لَهُ، لَا أَنَّ الصَّرْفَ إلَيْهِمْ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِ، كَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَقْتَصِرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>