وَصَارَ مَعْصُومًا بِنَفْسِهِ فَلَمْ يَبْقَ مَحِلًّا لِلْمِلْكِ، بِخِلَافِ الْمُتَرَدِّدِ؛ لِأَنَّ يَدَ الْمَوْلَى بَاقِيَةٌ عَلَيْهِ لِقِيَامِ يَدِ أَهْلِ الدَّارِ فَمَنَعَ ظُهُورَ يَدِهِ. وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ الْمِلْكُ لَهُمْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَأْخُذُهُ الْمَالِكُ الْقَدِيمُ بِغَيْرِ شَيْءٍ مَوْهُوبًا كَانَ أَوْ مُشْتَرًى أَوْ مَغْنُومًا قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَبَعْدَ الْقِسْمَةِ يُؤَدَّى عِوَضُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إعَادَةُ الْقِسْمَةِ لِتَفَرُّقِ الْغَانِمِينَ وَتَعَذُّرِ اجْتِمَاعِهِمْ
إيَّاهُ لَا بُدَّ أَنْ يَتَرَاخَى لَحْظَةً عَنْ دُخُولِهِ، وَإِذَا سَبَقَتْ يَدُهُ يَدَهُمْ (صَارَ مَعْصُومًا بِنَفْسِهِ فَلَمْ يَبْقَ مَحِلًّا لِلتَّمَلُّكِ، بِخِلَافِ الْآبِقِ الْمُتَرَدِّدِ) فِي دَارِنَا إذَا أَخَذُوهُ (لِأَنَّ يَدَ الْمَوْلَى قَائِمَةٌ عَلَيْهِ) مَا دَامَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ حُكْمًا (لِقِيَامِ يَدِ أَهْلِ الدَّارِ) فَيُمْكِنُهُ الِاسْتِعَانَةُ عَلَى وُجُودِهِ فَالِاقْتِدَارُ بَاقٍ (فَمَنَعَ ظُهُورَ يَدِهِ) عَلَى نَفْسِهِ.
وَلَا كَذَلِكَ الْمَأْذُونُ فِي الدُّخُولِ؛ لِأَنَّ دُخُولَهُ بِإِذْنِهِ وَهُوَ عَلَى عَزْمِ الْعَوْدِ إلَيْهِ، وَبِخِلَافِ الدَّابَّةِ الَّتِي نَدَّتْ فَإِنَّهُ لَا يَدَ لَهَا عَلَى نَفْسِهَا، وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ سُقُوطَ اعْتِبَارِهِ لِلْيَدِ، وَكَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يَقُولَ اعْتِبَارِهَا؛ لِأَنَّ الْيَدَ مُؤَنَّثَةٌ وَقَدْ يُعَادُ عَلَى الظُّهُورِ أَيْ سُقُوطِ اعْتِبَارِ ظُهُورِهِ (وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ لَهُمْ مِلْكٌ فِيهِ يَأْخُذُهُ الْمَالِكُ الْقَدِيمُ بِغَيْرِ شَيْءٍ سَوَاءٌ كَانَ مَوْهُوبًا) مِنْهُمْ لِلَّذِي أَخْرَجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ (أَوْ مُشْتَرًى) مِنْهُمْ (أَوْ مَغْنُومًا قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَبَعْدَهَا) إلَّا أَنَّهُ إذَا أَخَذَهُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ (يُؤَدِّي) الْإِمَامُ (عِوَضَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) لِلْمَأْخُوذِ مِنْهُ (لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إعَادَةُ الْقِسْمَةِ؛ لِتَفَرُّقِ الْغَانِمِينَ، وَتَعَذُّرِ اجْتِمَاعِهِمْ) وَتَفَرُّقِ الْمَالِ فِي أَيْدِيهِمْ، وَأَيْدِي غَيْرِهِمْ بِتَصَرُّفِهِمْ وَفِيهِ مَا لَا يَخْفَى مِنْ الْحَرَجِ، وَبَيْتُ الْمَالِ مُعَدٌّ لِنَوَائِبَ الْمُسْلِمِينَ، وَهَذَا مِنْ نَوَائِبِهِمْ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ فَضَلَ مِنْ الْغَنِيمَةِ شَيْءٌ يَتَعَذَّرُ قِسْمَتُهُ كَلُؤْلُؤَةٍ تُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ، فَإِذَا لَحِقَ غَرَامَةٌ كَانَ فِيهِ، وَلَا يُعْطَى الْمُشْتَرِي شَيْئًا إذَا كَانَ اشْتَرَاهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى.
فَإِنْ اشْتَرَاهُ بِإِذْنِهِ رَجَعَ عَلَيْهِ بِمَا اشْتَرَاهُ بِهِ. وَعِنْدَهُمَا يَأْخُذُهُ بِالثَّمَنِ فِي الْمُشْتَرِي وَبِالْقِيمَةِ فِي الْمَوْهُوبِ كَمَا فِي الْمَأْسُورِ غَيْرِ الْآبِقِ. وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا أَوَّلَ الْمَسْأَلَةِ بِكَوْنِ الْعَبْدِ مُسْلِمًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ ارْتَدَّ فَأَبَقَ إلَيْهِمْ فَأَخَذُوهُ مَلَكُوهُ اتِّفَاقًا، وَلَوْ كَانَ كَافِرًا مِنْ الْأَصْلِ فَهُوَ ذِمِّيٌّ تَبَعًا لِمَوْلَاهُ، وَفِي الْعَبْدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute