للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَيْسَ لَهُ عَلَى الْمَالِكِ جُعْلُ الْآبِقِ؛ لِأَنَّهُ عَامِلٌ لِنَفْسِهِ إذْ فِي زَعْمِهِ أَنَّهُ مِلْكُهُ.

(وَإِنْ نَدَّ بَعِيرٌ إلَيْهِمْ فَأَخَذُوهُ مَلَكُوهُ) لِتَحَقُّقِ الِاسْتِيلَاءِ إذْ لَا يَدَ لِلْعَجْمَاءِ لِتَظْهَرَ عِنْدَ الْخُرُوجِ مِنْ دَارِنَا، بِخِلَافِ الْعَبْدِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا. (وَإِنْ اشْتَرَاهُ رَجُلٌ وَأَدْخَلَهُ دَارَ الْإِسْلَامِ فَصَاحِبُهُ أَخَذَهُ بِالثَّمَنِ إنْ شَاءَ) لِمَا بَيَّنَّا

(فَإِنْ أَبَقَ عَبْدٌ إلَيْهِمْ وَذَهَبَ مَعَهُ بِفَرَسٍ وَمَتَاعٍ فَأَخَذَ الْمُشْرِكُونَ ذَلِكَ كُلَّهُ وَاشْتَرَى رَجُلٌ ذَلِكَ كُلَّهُ، وَأَخْرَجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَإِنَّ الْمَوْلَى يَأْخُذُ الْعَبْدَ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَالْفَرَسَ وَالْمَتَاعَ بِالثَّمَنِ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا: يَأْخُذُ الْعَبْدَ وَمَا مَعَهُ بِالثَّمَنِ إنْ شَاءَ) اعْتِبَارًا لِحَالَةِ الِاجْتِمَاعِ بِحَالَةِ الِانْفِرَادِ وَقَدْ بَيَّنَّا الْحُكْمَ فِي كُلِّ فَرْدٍ

(وَإِذَا دَخَلَ الْحَرْبِيُّ دَارَنَا بِأَمَانٍ وَاشْتَرَى عَبْدًا مُسْلِمًا وَأَدْخَلَهُ دَارَ الْحَرْبِ عَتَقَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا: لَا يُعْتَقُ)؛ لِأَنَّ الْإِزَالَةَ كَانَتْ مُسْتَحَقَّةً بِطَرِيقٍ مُعَيَّنٍ وَهُوَ الْبَيْعُ وَقَدْ انْقَطَعَتْ وِلَايَةُ الْجَبْرِ عَلَيْهِ فَبَقِيَ فِي يَدِهِ عَبْدًا.

الذِّمِّيِّ إذَا أَبَقَ قَوْلَانِ ذَكَرَهُ فِي طَرِيقِهِ مَجْدُ الْأَئِمَّةِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ الْغَازِي أَوْ التَّاجِرِ (جَعْلُ الْآبِقِ)؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ إذَا أَخَذَهُ؛ لِيَرُدَّهُ فَيَكُونُ عَامِلًا لَهُ وَهَاهُنَا إنَّمَا هُوَ عَامِلٌ لِنَفْسِهِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ نَدَّ بَعِيرٌ إلَيْهِمْ فَأَخَذُوهُ مَلَكُوهُ) وَجْهُهُ ظَاهِرٌ؛ فَيَتَفَرَّعُ عَلَى مِلْكِهِمْ إيَّاهُ أَنَّهُ (لَوْ اشْتَرَاهُ رَجُلٌ، وَأَدْخَلَهُ دَارَ الْإِسْلَامِ فَإِنَّمَا يَأْخُذُهُ مَالِكًا مِنْهُ بِالثَّمَنِ إنْ شَاءَ).

(قَوْلُهُ: فَإِنْ أَبَقَ عَبْدٌ إلَيْهِمْ وَذَهَبَ مَعَهُ بِفَرَسٍ وَمَتَاعٍ فَأَخَذَ الْمُشْرِكُونَ ذَلِكَ كُلَّهُ فَاشْتَرَى رَجُلٌ مِنْهُمْ ذَلِكَ كُلَّهُ فَإِنَّ الْمَوْلَى يَأْخُذُ الْعَبْدَ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَالْمَتَاعَ وَالْفَرَسَ بِالثَّمَنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعِنْدَهُمَا يَأْخُذُ الْعَبْدَ أَيْضًا بِالثَّمَنِ إنْ شَاءَ) وَهَذِهِ مُتَفَرِّعَةٌ عَلَى مِلْكِهِمْ الْعَبْدَ الْآبِقَ إلَيْهِمْ عِنْدَهُمَا دُونَهُ. وَأُورِدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَأْخُذَ الْكُلَّ بِلَا شَيْءٍ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَمَّا ظَهَرَتْ يَدُهُ عَلَى نَفْسِهِ ظَهَرَتْ عَلَى مَا فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ مُبَاحٌ فَتَمْنَعُ ظُهُورَ يَدِ الْكُفَّارِ عَلَيْهِ كَمَا مَنَعَتْ ظُهُورَ يَدِهِمْ عَلَيْهِ نَفْسِهِ لِسَبْقِهَا. أُجِيبُ بِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ صَارَ لَهُ يَدٌ بِلَا مِلْكٍ؛ لِأَنَّ الرِّقَّ يُنَافِيهِ فَيَبْقَى فِي يَدِهِ كَمَا لَوْ كَانَ مَمْلُوكًا لِلْغَائِبِ فَيَمْلِكُهُ الْكُفَّارُ بِالِاسْتِيلَاءِ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ سَبْقَ الْيَدِ يَمْنَعُ اسْتِيلَاءَهُمْ عِنْدَهُ، فَإِنَّهَا يَمْلِكُونَ الْمَالَ بِإِبَاحَتِهِ، وَإِنَّمَا يَصِيرُ مُبَاحًا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ يَدٌ لِأَحَدٍ، وَإِلَّا مَلَكُوا الْعَبْدَ، وَالْفَرْضُ أَنَّ هَذَا الْمَالَ عَلَيْهِ يَدٌ فَتَدْفَعُ الِاسْتِيلَاءَ الْمُوجِبَ لِإِخْرَاجِهِ عَنْ مِلْكِ مَنْ لَهُ فِيهِ مِلْكٌ قَائِمٌ. وَأُجِيبُ أَيْضًا بِأَنَّ يَدَهُ ظَهَرَتْ عَلَى نَفْسِهِ مَعَ الْمُنَافِي وَهُوَ الرِّقُّ فَكَانَتْ ظَاهِرَةً مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ، فَاعْتَبَرْنَاهَا فِي حَقِّ نَفْسِهِ دُونَ الْمَالِ. وَدُفِعَ بِأَنَّ اسْتِيلَاءَ الْعَبْدِ عَلَى الْمَالِ حَقِيقَةٌ، وَهُوَ مَالٌ مُبَاحٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يَمْنَعَ اسْتِيلَاءَ الْكُفَّارِ.

(قَوْلُهُ: وَإِذَا دَخَلَ الْحَرْبِيُّ دَارَنَا بِأَمَانٍ فَاشْتَرَى عَبْدًا مُسْلِمًا، وَأَدْخَلَهُ دَارَ الْحَرْبِ عَتَقَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَقَالَا: لَا يُعْتَقُ؛ لِأَنَّ الْإِزَالَةَ كَانَتْ مُتَعَيِّنَةً) حَالَ كَوْنِهِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ (بِطَرِيقٍ مُعَيَّنٍ وَهُوَ الْبَيْعُ) فَإِنَّهُ إذَا اشْتَرَى الْكَافِرُ عَبْدًا مُسْلِمًا يُجْبَرُ عَلَى إخْرَاجِهِ عَنْ مِلْكِهِ بِالْبَيْعِ، فَإِنْ فَعَلَ، وَإِلَّا بَاعَهُ الْقَاضِي عَلَيْهِ وَدَفَعَ ثَمَنَهُ إلَيْهِ (وَقَدْ تَعَذَّرَ الْجَبْرُ عَلَيْهِ فَبَقِيَ عَبْدًا فِي يَدِهِ) وَلِأَنَّ الْإِحْرَازَ بِدَارِ الْحَرْبِ سَبَبٌ؛ لِثُبُوتِ مِلْكِهِمْ فِيمَا لَمْ يَكُنْ مِلْكًا

<<  <  ج: ص:  >  >>