(وَكُلُّ أَرْضٍ فُتِحَتْ عَنْوَةً فَأُقِرَّ أَهْلُهَا عَلَيْهَا فَهِيَ أَرْضُ خَرَاجٍ) وَكَذَا إذَا صَالَحَهُمْ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى ابْتِدَاءِ التَّوْظِيفِ عَلَى الْكَافِرِ وَالْخَرَاجُ أَلْيَقُ بِهِ، وَمَكَّةُ مَخْصُوصَةٌ مِنْ هَذَا، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَتَحَهَا عَنْوَةً وَتَرَكَهَا لِأَهْلِهَا، وَلَمْ يُوَظِّفْ الْخَرَاجَ (وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ كُلُّ أَرْضٍ فُتِحَتْ عَنْوَةً فَوَصَلَ إلَيْهَا مَاءُ الْأَنْهَارِ فَهِيَ أَرْضُ خَرَاجٍ، وَمَا لَمْ يَصِلْ إلَيْهَا مَاءُ الْأَنْهَارِ وَاسْتُخْرِجَ مِنْهَا عَيْنٌ فَهِيَ أَرْضُ عُشْرٍ)؛ لِأَنَّ الْعُشْرَ يَتَعَلَّقُ بِالْأَرْضِ النَّامِيَةِ، وَنَمَاؤُهَا بِمَائِهَا فَيُعْتَبَرُ السَّقْيُ بِمَاءِ الْعُشْرِ أَوْ بِمَاءِ الْخَرَاجِ.
مَا لَمْ يَكُنْ خَارِجًا فَهُوَ أَلْيَقُ بِالْمُسْلِمِ.
(وَكُلُّ أَرْضٍ فُتِحَتْ عَنْوَةً، وَأُقِرَّ أَهْلُهَا عَلَيْهَا فَهِيَ أَرْضُ خَرَاجٍ، وَكَذَا إذَا صَالَحَهُمْ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى ابْتِدَاءِ التَّوْظِيفِ عَلَى الْكَافِرِ وَالْخَرَاجُ أَلْيَقُ بِهِ)؛ لِأَنَّ فِيهِ مَعْنَى الْعُقُوبَةِ لِلتَّعَلُّقِ بِالتَّمَكُّنِ مِنْ الزِّرَاعَةِ، وَإِنْ لَمْ يَزْرَعْ، وَفِيهِ نَظَرٌ نَذْكُرُهُ فِي آخِرِ الْفَصْلِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. (وَمَكَّةُ مَخْصُوصَةٌ مِنْ هَذَا) الْعُمُومِ (فَإِنَّهَا فُتِحَتْ عَنْوَةً) عَلَى مَا أَسْلَفْنَاهُ فِي بَابِ الْغَنَائِمِ وَقِسْمَتِهَا بِمَا لَا يُشَكُّ مَعَهُ أَنَّهَا فُتِحَتْ عَنْوَةً (وَلَمْ يُوَظَّفْ عَلَيْهَا خَرَاجًا) وَلِنَخُصَّ هَذَا الْمَكَانَ بِحَدِيثٍ زِيَادَةً عَلَى مَا فِي بَابِ الْغَنَائِمِ. أَخْرَجَ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ أَنَّهُ ذَكَرَ فَتْحَ مَكَّةَ فَقَالَ «أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَتَّى دَخَلَ مَكَّةَ، فَبَعَثَ الزُّبَيْرَ ﵁ إلَى إحْدَى الْمَجْبَنَتَيْنِ وَبَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ عَلَى الْمَجْبَنَةِ الْأُخْرَى وَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ عَلَى الْجِسْرِ، وَأَخَذُوا مِنْ بَطْنِ الْوَادِي وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي كَتِيبَةٍ، قَالَ: فَنَظَرَ إلَيَّ وَقَالَ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ قُلْت لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: اهْتِفْ لِي بِالْأَنْصَارِ فَلَا يَأْتِينِي إلَّا أَنْصَارِيٌّ، فَهَتَفَ بِهِمْ فَجَاءُوا فَأَطَافُوا بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَوَبَّشَتْ قُرَيْشٌ أَوْبَاشَهَا، فَقَالَ لَهُمْ: أَلَا تَرَوْنَ إلَى أَوْبَاشِ قُرَيْشٍ، وَأَتْبَاعِهِمْ، ثُمَّ قَالَ بِيَدِهِ فَضَرَبَ بِإِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى وَقَالَ: اُحْصُدُوهُمْ حَصْدًا حَتَّى تُوَافُونِي عَلَى الصَّفَا، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَانْطَلَقْنَا فَمَا شَاءَ أَحَدٌ مِنَّا أَنْ يَقْتُلَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ إلَّا قَتَلَهُ» الْحَدِيثُ بِطُولِهِ، فَاضْمُمْ هَذَا إلَى مَا هُنَاكَ.
وَقَدْ ذَكَرَ الْقُتَبِيُّ مَا فُتِحَ عَنْوَةً وَصُلْحًا مِنْ الْبِلَادِ فَذَكَرَ أَنَّ الْأَهْوَازَ وَفَارِسَ، وَأَصْبَهَانَ فُتِحَتْ عَنْوَةً لِعُمَرَ ﵁ عَلَى يَدَيْ أَبِي مُوسَى وَعُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ وَعُتْبَةَ بْنِ غَزْوَانَ، وَكَانَتْ أَصْبَهَانُ عَلَى يَدَيْ أَبِي مُوسَى خَاصَّةً، وَأَمَّا خُرَاسَانُ وَمَرْوُ الرُّوذِ فُتِحَتَا صُلْحًا فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ إلَى يَدَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ كُرَيْزٍ، وَأَمَّا مَا وَرَاءَهُمَا فَافْتُتِحَ بَعْدَ عُثْمَانَ عَلَى يَدِ سَعِيدِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ لِمُعَاوِيَةَ صُلْحًا وَسَمَرْقَنْدُ وكش وَنَسَفُ وَبُخَارَى بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى يَدَيْ الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ وَقُتَيْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ. وَأَمَّا الرَّيُّ فَافْتَتَحَهَا أَبُو مُوسَى فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ صُلْحًا، وَفِي وِلَايَتِهِ فُتِحَتْ طَبَرِسْتَانَ عَلَى يَدَيْ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ صُلْحًا، ثُمَّ فَتَحَهَا عَمْرُو بْنُ الْعَلَاءِ وَالطَّالِقَانِ وَدُنْبَاوَنْدُ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ. وَأَمَّا جُرْجَان فَفِي خِلَافَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ، وَكَرْمَانُ وَسِجِسْتَانُ فَتَحَهُمَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ صُلْحًا. وَافْتُتِحَ الْجَبَلُ كُلُّهُ عَنْوَةً فِي وَقْعَةِ جَلُولَاءَ، وَنَهَاوَنْدُ عَلَى يَدَيْ سَعْدٍ وَالنُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ.
وَأَمَّا الْجَزِيرَةُ فَفُتِحَتْ صُلْحًا عَلَى يَدَيْ عِيَاضِ بْنِ غَنْمٍ وَالْجَزِيرَةُ مَا بَيْنَ الْفُرَاتِ وَدِجْلَةَ وَالْمُوصِلُ مِنْ الْجَزِيرَةِ، وَأَمَّا هَجَرُ فَأَدَّوْا الْجِزْيَةَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَكَذَا دَوْمَةُ الْجَنْدَلِ، وَأَمَّا الْيَمَامَةُ فَافْتَتَحَهَا أَبُو بَكْرٍ ﵁. وَأَمَّا الْهِنْدُ فَافْتَتَحَهَا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ.
(قَوْلُهُ: وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ كُلُّ أَرْضٍ فُتِحَتْ عَنْوَةً فَوَصَلَ إلَيْهَا مَاءُ الْأَنْهَارِ إلَخْ) قَدْ عُلِمَ مِنْ عَادَةِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا وَقَعَتْ مُخَالَفَةٌ بَيْنَ مَا فِي الْقُدُورِيِّ وَالْجَامِعِ أَوْ زِيَادَةٌ فِي الْجَامِعِ يَقُولُ بَعْدَ لَفْظِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute