للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَجِزْيَةٌ يَبْتَدِئُ الْإِمَامُ وَضْعَهَا إذَا غَلَبَ الْإِمَامُ عَلَى الْكُفَّارِ، وَأَقَرَّهُمْ عَلَى أَمْلَاكِهِمْ، فَيَضَعُ عَلَى الْغَنِيِّ الظَّاهِرِ الْغِنَى فِي كُلِّ سَنَةٍ ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا يَأْخُذُ مِنْهُمْ فِي كُلِّ شَهْرٍ أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ. وَعَلَى وَسَطِ الْحَالِ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا فِي كُلِّ شَهْرٍ دِرْهَمَيْنِ، وَعَلَى الْفَقِيرِ الْمُعْتَمِلِ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا فِي كُلِّ شَهْرٍ دِرْهَمًا)

وَهَذَا عِنْدَنَا. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَضَعُ عَلَى كُلِّ حَالِمٍ دِينَارًا أَوْ مَا يَعْدِلُ الدِّينَارَ، وَالْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ «لِقَوْلِهِ لِمُعَاذٍ خُذْ مِنْ كُلِّ حَالِمٍ وَحَالِمَةٍ دِينَارًا

فِي الْحَدِيثِ أَهْلُ نَجْرَانَ (وَ) الضَّرْبُ الثَّانِي (جِزْيَةٌ يَبْتَدِئ الْإِمَامُ بِتَوْظِيفِهَا إذَا غَلَبَ عَلَى الْكُفَّارِ) فَفَتَحَ بِلَادَهُمْ (وَأَقَرَّهُمْ عَلَى أَمْلَاكِهِمْ) فَهَذِهِ مُقَدَّرَةٌ بِقَدْرٍ مَعْلُومٍ شَاءُوا أَوْ أَبَوْا اسْتَرَقَّ أَوْ لَمْ يَرْضَوْا (فَيَضَعُ عَلَى الْغَنِيِّ فِي كُلِّ سَنَةٍ ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا) بِوَزْنِ سَبْعَةٍ (يَأْخُذُ مِنْ أَحَدِهِمْ فِي كُلِّ شَهْرٍ أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ، وَعَلَى أَوْسَطِ الْحَالِ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا فِي كُلِّ شَهْرٍ دِرْهَمَيْنِ، وَعَلَى الْفَقِيرِ الْمُعْتَمِلِ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا فِي كُلِّ شَهْرٍ دِرْهَمًا) وَاحِدًا (وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَضَعُ عَلَى كُلِّ حَالِمٍ) أَيْ بَالِغٍ (دِينَارًا) أَوْ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا. وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِهِمْ: الْإِمَامُ مُخَيَّرٌ بَيْنَهُمَا. وَالدِّينَارُ فِي الْقَوَاعِدِ الشَّرْعِيَّةِ بِعَشَرَةٍ إلَّا فِي الْجِزْيَةِ فَإِنَّهُ يُقَابَلُ بِاثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا؛ لِأَنَّ عُمَرَ قَضَى بِذَلِكَ.

وَعِنْدَ عَامَّةِ أَصْحَابِهِمْ لَا يُعْتَبَرُ الدِّينَارُ إلَّا بِالسِّعْرِ وَالْقِيمَةِ. وَيُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُمَاكِسَهُمْ حَتَّى يَأْخُذَ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ دِينَارَيْنِ وَمِنْ الْغَنِيِّ أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ. وَقَالَ مَالِكٌ : يُؤْخَذُ مِنْ الْغَنِيِّ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا أَوْ أَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ، وَمِنْ الْفَقِيرِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ أَوْ دِينَارٌ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ: هِيَ غَيْرُ مُقَدَّرَةٍ، بَلْ تُفَوَّضُ إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ «؛ لِأَنَّهُ أَمَرَ مُعَاذًا بِأَخْذِ الدِّينَارِ، وَصَالَحَ هُوَ نَصَارَى نَجْرَانَ عَلَى أَلْفَيْ حُلَّةٍ» وَعُمَرُ جَعَلَ الْجِزْيَةَ عَلَى ثَلَاثِ طَبَقَاتٍ كَمَا هُوَ قَوْلُنَا، وَصَالَحَ بَنِي تَغْلِبَ عَلَى ضِعْفِ مَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ. فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا تَقْدِيرَ فِيهَا بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ بَلْ مُفَوَّضٌ إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ حَتَّى لَوْ نَقَصَ عَنْ الدِّينَارِ جَازَ. وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَتَانِ أُخْرَيَانِ: إحْدَاهُمَا كَقَوْلِنَا، وَالْأُخْرَى كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ.

وَجْهُ قَوْلِهِ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ مَسْرُوقٍ «عَنْ مُعَاذٍ قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ إلَيَّ الْيَمَنِ وَأَمَرَنِي أَنْ آخُذَ مِنْ الْبَقَرِ مِنْ كُلِّ ثَلَاثِينَ تَبِيعًا أَوْ تَبِيعَةً، وَمِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةً، وَمِنْ كُلِّ حَالِمٍ دِينَارًا أَوْ عِدْلَهُ مَعَافِرَ، مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَ غَنِيٍّ وَفَقِيرٍ». قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَذَكَرَ أَنَّ بَعْضَهُمْ رَوَاهُ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ النَّبِيِّ مُرْسَلًا قَالَ: وَهُوَ أَصَحُّ. وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ فَهَذَا كَمَا تَرَى لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْحَالِمَةِ. وَفِي مُسْنَدِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ مُعَاذٍ «أَنَّ النَّبِيَّ بَعَثَ مُعَاذًا إلَى أَنْ قَالَ: وَمِنْ كُلِّ حَالِمٍ أَوْ حَالِمَةٍ دِينَارًا أَوْ عِدْلَهُ مَعَافِرَ». وَكَانَ مَعْمَرٌ يَقُولُ: هَذَا غَلَطٌ لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ شَيْءٌ وَفِيهِ طُرُقٌ كَثِيرَةٌ فِيهَا ذِكْرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>