وَجَوَابُهُ مَا قُلْنَا (وَإِذَا ظُهِرَ عَلَيْهِمْ فَنِسَاؤُهُمْ وَصِبْيَانُهُمْ فَيْءٌ) لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ ﵁ اسْتَرَقَّ نِسْوَانَ بَنِي حَنِيفَةَ وَصِبْيَانِهِمْ لَمَّا ارْتَدُّوا وَقَسَّمَهُمْ بَيْنَ الْغَانِمِينَ (وَمَنْ لَمْ يُسْلِمْ مِنْ رِجَالِهِمْ قُتِلَ) لِمَا ذَكَرْنَا.
(وَلَا جِزْيَةَ عَلَى امْرَأَةٍ وَلَا صَبِيٍّ) لِأَنَّهَا وَجَبَتْ بَدَلًا عَنْ الْقَتْلِ أَوْ عَنْ الْقِتَالِ وَهُمَا لَا يُقْتَلَانِ وَلَا يُقَاتِلَانِ لِعَدَمِ الْأَهْلِيَّةِ. قَالَ (وَلَا زَمِنٍ وَلَا أَعْمَى) وَكَذَا الْمَفْلُوجُ وَالشَّيْخُ الْكَبِيرُ
مَكَانَ أَوْ السَّيْفُ. وَعَنْهُ ﵊ «لَا رِقَّ عَلَى عَرَبِيٍّ» وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ مُعَاذٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ «لَوْ كَانَ ثَابِتًا عَلَى أَحَدٍ مِنْ الْعَرَبِ رِقٌّ لَكَانَ الْيَوْمَ» قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَجَوَابُهُ مَا قُلْنَا) يَعْنِي مِنْ أَنَّ كُفْرَهُ أَغْلَظُ فَلَا يَكُونُ لَهُ حُكْمُ الْأَخَفِّ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَإِذَا ظُهِرَ عَلَيْهِمْ) أَيْ عَلَى مُشْرِكِي الْعَرَبِ وَالْمُرْتَدِّينَ (فَنِسَاؤُهُمْ وَصِبْيَانُهُمْ فَيْءٌ) يُسْتَرَقُّونَ «لِأَنَّهُ ﵊ اسْتَرَقَ ذَرَارِيَّ أَوْطَاسٍ وَهَوَازِنَ» وَأَبُو بَكْرٍ اسْتَرَقَّ بَنِي حَنِيفَةَ. أَسْنَدَ الْوَاقِدِيُّ فِي كِتَابِ الرِّدَّةِ لَهُ فِي قِتَالِ بَنِي حَنِيفَةَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ قَالَ: ثُمَّ إنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ صَالَحَهُمْ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُمْ الصَّفْرَاءَ وَالْبَيْضَاءَ وَالْكُرَاعَ وَالسِّلَاحَ وَنِصْفَ السَّبْيِ، ثُمَّ دَخَلَ حُصُونَهُمْ صُلْحًا فَأَخْرَجَ السِّلَاحَ وَالْكُرَاعَ وَالْأَمْوَالَ وَالسَّبْيَ، ثُمَّ قَسَّمَ السَّبْيَ قِسْمَيْنِ، وَأَقْرَعَ عَلَى الْقِسْمَيْنِ فَخَرَجَ سَهْمُهُ عَلَى أَحَدِهِمَا وَفِيهِ مَكْتُوبٌ لِلَّهِ.
قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَحَدَّثَنِي أَبُو الزِّنَادِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ﵄ قَالَتْ: قَدْ رَأَيْت أُمَّ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَكَانَتْ مِنْ سَبْيِ بَنِي حَنِيفَةَ فَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ الْحَنَفِيَّةَ وَيُسَمَّى ابْنُهَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ. قَالَ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَتْ أُمُّ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مِنْ ذَلِكَ السَّبْيِ، وَحَنِيفَةُ أَبُو حَيٍّ مِنْ الْعَرَبِ سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّ جَذِيمَةَ ضَرَبَهُ حِينَ الْتَقَيَا فَحَنَفَ رِجْلَهُ وَضَرَبَ حَنِيفَةُ يَدَهُ فَجَذَمَهَا فَسُمِّيَ جَذِيمَةَ وَحَنِيفَةُ بْنُ نَجِيحَةَ بْنِ صَعْبِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ.
وَاعْلَمْ أَنَّ ذَرَارِيَّ الْمُرْتَدِّينَ وَنِسَاءَهُمْ يُجْبَرُونَ عَلَى الْإِسْلَامِ بَعْدَ الِاسْتِرْقَاقِ بِخِلَافِ ذَرَارِيِّ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ لَا يُجْبَرُونَ. وَأَمَّا الزَّنَادِقَةُ قَالُوا: لَوْ جَاءَ زِنْدِيقٌ قَبْلَ أَنْ يُؤْخَذَ فَأَخْبَرَ أَنَّهُ زِنْدِيقٌ وَتَابَ تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ، فَإِنْ أُخِذَ ثُمَّ تَابَ لَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ وَيُقْتَلُ؛ لِأَنَّهُمْ بَاطِنِيَّةٌ يَعْتَقِدُونَ فِي الْبَاطِنِ خِلَافَ ذَلِكَ فَيُقْتَلُ وَلَا تُؤْخَذُ مِنْهُ الْجِزْيَةُ.
(قَوْلُهُ وَلَا جِزْيَةَ عَلَى امْرَأَةٍ وَصَبِيٍّ) وَكَذَا عَلَى مَجْنُونٍ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّ الْجِزْيَةَ بَدَلٌ عَنْ قَتْلِهِمْ عَلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ، أَوْ عَنْ قِتَالِهِمْ نُصْرَةً لِلْمُسْلِمِينَ عَلَى قَوْلِنَا، وَهَؤُلَاءِ لَيْسُوا كَذَلِكَ (وَلَا عَلَى أَعْمَى أَوْ زَمِنٍ وَلَا الْمَفْلُوجِ) وَعَنْ الشَّافِعِيِّ تُؤْخَذُ مِنْهُمْ لِاعْتِبَارِهَا أُجْرَةَ الدَّارِ (وَلَا) تُؤْخَذُ (مِنْ الشَّيْخِ الْكَبِيرِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute