للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِمَا بَيَّنَّا. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ تَجِبُ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ لِأَنَّهُ يُقْتَلُ فِي الْجُمْلَةِ إذَا كَانَ لَهُ رَأْيٌ (وَلَا عَلَى فَقِيرٍ غَيْرِ مُعْتَمِلٍ) خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ. لَهُ إطْلَاقُ حَدِيثِ مُعَاذٍ . وَلَنَا أَنَّ عُثْمَانَ لَمْ يُوَظِّفْهَا عَلَى فَقِيرٍ غَيْرِ مُعْتَمِلٍ وَكَانَ ذَلِكَ بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ ، وَلِأَنَّ خَرَاجَ الْأَرْضِ لَا يُوَظَّفُ عَلَى أَرْضٍ لَا طَاقَةَ لَهَا فَكَذَا هَذَا الْخَرْجُ، وَالْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُعْتَمِلِ (وَلَا تُوضَعُ عَلَى الْمَمْلُوكِ وَالْمُكَاتَبِ وَالْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ) لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ الْقَتْلِ فِي حَقِّهِمْ وَعَنْ النُّصْرَةِ فِي حَقِّنَا، وَعَلَى اعْتِبَارِ الثَّانِي لَا تَجِبُ فَلَا تَجِبُ بِالشَّكِّ (وَلَا يُؤَدِّي عَنْهُمْ مَوَالِيهِمْ)

الَّذِي لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى قِتَالٍ وَلَا كَسْبٍ (وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ تُؤْخَذُ مِنْهُ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ؛ لِأَنَّهُ يُقْتَلُ فِي الْجُمْلَةِ إذَا كَانَ لَهُ رَأْيٌ) فِي الْحَرْبِ.

وَجْهُ الظَّاهِرِ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ وَلَا يُقَاتَلُ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ (لِمَا بَيَّنَّا) وَالْجِزْيَةُ بَدَلٌ عَنْهُمَا وَيُقَالُ زَمِنَ الرَّجُلُ كَعَلِمَ يَزْمَنُ زَمَانَةً (قَوْلُهُ: وَلَا عَلَى فَقِيرٍ غَيْرِ مُعْتَمِلٍ) أَيْ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى الْعَمَلِ وَإِنْ أَحْسَنَ حِرْفَةً، وَعَلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ فِي ذِمَّتِهِ. (لَهُ إطْلَاقُ حَدِيثِ مُعَاذٍ ) وَهُوَ قَوْلُهُ : «خُذْ مِنْ كُلِّ حَالِمٍ» (وَلَنَا أَنَّ عُثْمَانَ لَمْ يُوَظِّفْ الْجِزْيَةَ عَلَى فَقِيرٍ غَيْرِ مُعْتَمِلٍ) أَرَادَ بِعُثْمَانَ هَذَا عُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ حِينَ بَعَثَهُ عُمَرُ .

وَرَوَى ابْنُ زَنْجُوَيْهِ فِي كِتَابِ الْأَمْوَالِ: حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ عَنْ عُمَرَ بْنِ نَافِعٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ الْعَبْسِيُّ صِلَةُ بْنِ زُفَرَ قَالَ: أَبْصَرَ عُمَرُ شَيْخًا كَبِيرًا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ يَسْأَلُ، فَقَالَ لَهُ مَا لَك؟ قَالَ: لَيْسَ لِي مَالٌ، وَإِنَّ الْجِزْيَةَ تُؤْخَذُ مِنِّي، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: مَا أَنْصَفْنَاك، أَكَلْنَا شَبِيبَتَك ثُمَّ نَأْخُذُ مِنْك الْجِزْيَةَ ثُمَّ كَتَبَ إلَى عُمَّالِهِ أَنْ لَا يَأْخُذُوا الْجِزْيَةَ مِنْ شَيْخٍ كَبِيرٍ (وَلِأَنَّ خَرَاجَ الْأَرْضِ كَمَا لَا يُوَظَّفُ عَلَى أَرْضٍ لَا طَاقَةَ لَهَا فَكَذَا خَرَاجُ الرَّأْسِ) بِجَامِعِ عَدَمِ الطَّاقَةِ؛ لِحِكْمَةِ دَفْعِ الضَّرَرِ الدُّنْيَوِيِّ (وَالْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُعْتَمِلِ) بِالْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَا وَبِتَوْظِيفِ عُمَرَ الْمُقْتَرِنِ بِالْإِجْمَاعِ جَمْعًا بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ.

فَإِنْ قُلْت: مَا تَقَدَّمَ مِنْ تَوْظِيفِ عُمَرَ لَيْسَ فِيهِ الْمُعْتَمِلُ. قُلْنَا: قَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ وَعَلَى الْفَقِيرِ الْمُكْتَسِبِ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ. لَا يُقَالُ: فَنَفْيُهُ عَنْ غَيْرِ الْمُكْتَسِبِ بِالْمَفْهُومِ الْمُخَالِفِ وَلَا يَقُولُونَ بِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَيْسَ ذَلِكَ بِلَازِمٍ بَلْ جَازَ أَنْ يُضَافَ إلَى الْأَصْلِ وَهُوَ عَدَمُ التَّوْظِيفِ عَلَى مَنْ لَمْ يُذْكَرْ، ثُمَّ إنَّمَا تَوَظَّفَ عَلَى الْمُعْتَمِلِ إذَا كَانَ صَحِيحًا فِي أَكْثَرِ السَّنَةِ، وَإِلَّا فَلَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَخْلُو عَنْ قَلِيلِ مَرَضٍ فَلَا يُجْعَلُ الْقَلِيلُ مِنْهُ عُذْرًا وَهُوَ مَا نَقَصَ عَنْ نِصْفِ الْعَامِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا تُوضَعُ عَلَى الْمَمْلُوكِ وَالْمُكَاتَبِ وَالْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ الْقَتْلِ فِي حَقِّهِمْ وَعَنْ النُّصْرَةِ فِي حَقِّنَا) وَعَلَى الِاعْتِبَارِ الْأَوَّلِ تَجِبُ؛ لِأَنَّ الْمَمْلُوكَ الْحَرْبِيَّ يُقْتَلُ (وَعَلَى الِاعْتِبَارِ الثَّانِي لَا تَجِبُ)؛ لِأَنَّ الْمَمْلُوكَ عَاجِزٌ عَنْ النُّصْرَةِ فَامْتَنَعَ الْأَصْلُ فِي حَقِّهِ فَامْتَنَعَ الْخَلَفُ؛ لِأَنَّ شَرْطَهُ انْتِفَاءُ الْأَصْلِ، وَإِمْكَانُهُ فَدَارَ بَيْنَ الْوُجُوبِ وَعَدَمِهِ (فَلَا تَجِبُ بِالشَّكِّ) وَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهَا بَدَلٌ عَنْ الْقَتْلِ فِي حَقِّهِمْ وَعَنْ الْقِتَالِ فِي حَقِّنَا جَمِيعًا فَلَا يَتَحَقَّقُ الثَّانِي لِمَا ذَكَرْنَا، فَلَمْ يَتَحَقَّقْ الْمُوجِبُ لِانْتِفَاءِ الْكُلِّ بِنَفْيِ الْجُزْءِ، وَهَذَا لِمَا نَذْكُرُهُ فِيمَا يَلِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ، وَإِذَا كَانَ خَلَفًا عَنْ الْمَجْمُوعِ فَلَا يَحْسُنُ قَوْلُهُ: فَلَا تَجِبُ بِالشَّكِّ بَلْ لَا تَجِبُ بِلَا شَكٍّ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ ذَكَرَ أُمَّ الْوَلَدِ لَيْسَ عَلَى مَا يَنْبَغِي فَإِنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنْ لَا جِزْيَةَ عَلَى النِّسَاءِ وَلَعَلَّهُ ابْنُ أُمِّ الْوَلَدِ فَسَقَطَتْ لَفْظَةُ ابْنٍ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُؤَدِّي عَنْهُمْ مَوَالِيهِمْ) يَعْنِي لَمَّا قُلْنَا لَا تُوضَعُ عَلَيْهِمْ جَازَ أَنْ يُقَالَ إنَّهَا تُؤْخَذُ مِنْ مَوَالِيهِمْ فَيُؤَدُّونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>