وَالْمُكَاتَبَةُ وَالْوَلَاءُ لِلْمُرْتَدِّ الَّذِي أَسْلَمَ)؛ لِأَنَّهُ لَا وَجْهَ إلَى بُطْلَانِ الْكِتَابَةِ لِنُفُوذِهَا بِدَلِيلٍ مُنَفِّذٍ، فَجَعَلْنَا الْوَارِثَ الَّذِي هُوَ خَلَفُهُ كَالْوَكِيلِ مِنْ جِهَتِهِ، وَحُقُوقُ الْعَقْدِ فِيهِ تَرْجِعُ إلَى الْمُوَكِّلِ، وَالْوَلَاءُ لِمَنْ يَقَعُ الْعِتْقُ عَنْهُ.
(وَإِذَا قَتَلَ الْمُرْتَدُّ رَجُلًا خَطَأً ثُمَّ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ أَوْ قَتَلَ عَلَى رِدَّتِهِ فَالدِّيَةُ فِي مَالٍ اكْتَسَبَهُ فِي حَالِ الْإِسْلَامِ خَاصَّةً عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ. وَقَالَا: الدِّيَةُ فِيمَا اكْتَسَبَهُ فِي حَالَةِ الْإِسْلَامِ وَالرِّدَّةِ جَمِيعًا)؛ لِأَنَّ الْعَوَاقِلَ لَا تَعْقِلُ الْمُرْتَدَّ؛ لِانْعِدَامِ النُّصْرَةِ فَتَكُونُ فِي مَالِهِ. وَعِنْدَهُمَا الْكَسْبَانِ جَمِيعًا مَالُهُ؛ لِنُفُوذِ تَصَرُّفَاتِهِ فِي الْحَالَيْنِ، وَلِهَذَا يَجْرِي الْإِرْثُ فِيهِمَا عِنْدَهُمَا. وَعِنْدَهُ مَالُهُ الْمُكْتَسَبُ فِي الْإِسْلَامِ؛ لِنَفَاذِ تَصَرُّفِهِ فِيهِ دُونَ الْمَكْسُوبِ فِي الرِّدَّةِ؛ لِتَوَقُّفِ تَصَرُّفِهِ، وَلِهَذَا كَانَ الْأَوَّلُ مِيرَاثًا عَنْهُ، وَالثَّانِي فَيْئًا عِنْدَهُ.
(وَإِذَا قُطِعَتْ يَدُ الْمُسْلِمِ عَمْدًا فَارْتَدَّ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ ثُمَّ مَاتَ عَلَى رِدَّتِهِ مِنْ ذَلِكَ أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ
الثَّلَاثَةِ (وَالْوَلَاءُ وَالْمُكَاتَبَةُ) أَيْ بَدَلُ الْكِتَابَةِ (لِلْمُرْتَدِّ الَّذِي أَسْلَمَ؛ لِأَنَّهُ لَا وَجْهَ إلَى بُطْلَانِ الْكِتَابَةِ لِنُفُوذِهَا بِدَلِيلٍ مُنَفِّذٍ) وَهُوَ الْقَضَاءُ بِالْعَبْدِ لَهُ، وَإِلَى نَقْلِ الْمِلْكِ إلَى الْأَبِ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ لَا يَحْتَمِلُ النَّقْلَ مِنْ مِلْكٍ إلَى مِلْكٍ فَجُعِلَ كَأَنَّ الِابْنَ وَكِيلٌ عَنْهُ، فَإِنَّهُ لَمَّا لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ كَانَ كَأَنَّهُ سَلَّطَ ابْنَهُ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ (وَحُقُوقُ الْعَقْدِ تَرْجِعُ إلَى الْمُوَكِّلِ فِي الْوَكَالَةِ) بِالْكِتَابَةِ (وَالْوَلَاءُ لِمَنْ يَقَعُ الْعِتْقُ عَنْهُ) فَلِذَا كَانَ الْوَلَاءُ لِلْمُرْتَدِّ الَّذِي عَادَ مُسْلِمًا، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ أَدَّى بَدَلَ الْكِتَابَةِ إلَى الِابْنِ فَإِنَّ الْوَلَاءَ حِينَئِذٍ يَكُونُ لِلِابْنِ.
(قَوْلُهُ: وَإِذَا قَتَلَ الْمُرْتَدُّ رَجُلًا خَطَأً ثُمَّ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ أَوْ قَتَلَ عَلَى رِدَّتِهِ فَالدِّيَةُ فِي مَالٍ اكْتَسَبَهُ فِي حَالِ إسْلَامِهِ خَاصَّةً عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا: فِي مَالٍ اكْتَسَبَهُ فِي الرِّدَّةِ وَالْإِسْلَامِ) أَمَّا أَنَّ الدِّيَةَ فِي مَالِهِ؛ (فَلِأَنَّ الْعَوَاقِلَ لَا تَعْقِلُ الْمُرْتَدَّ)؛ لِأَنَّ تَحَمُّلَهُمْ الْعَقْلَ بِاعْتِبَارِ نُصْرَتِهِمْ إيَّاهُ الَّتِي بِهَا يَقْوَى عَلَى الْجُرْأَةِ وَلَا نُصْرَةَ مِنْهُمْ لِلْمُرْتَدِّ، وَأَمَّا أَنَّهَا عِنْدَهُ فِي كَسْبِ الْإِسْلَامِ فَقَطْ فَلِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ عِنْدَهُ، وَعِنْدَهُمَا يَمْلِكُ الْكُلَّ فَيَكُونُ مَا لَزِمَهُ مِنْ الْكُلِّ، وَعَلَى هَذَا إذَا غَصَبَ مَالًا فَأَفْسَدَهُ يَجِبُ ضَمَانُهُ فِي مَالِ الْإِسْلَامِ وَعِنْدَهُمَا فِي الْكُلِّ، وَعَلَى هَذَا لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَسْبُ الْإِسْلَامِ وَاكْتَسَبَ فِي الرِّدَّةِ تُهْدَرُ الْجِنَايَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا (وَقَوْلُهُ: وَمَالُهُ الْمُكْتَسَبُ) مَالُهُ مُبْتَدَأٌ، وَالْمُكْتَسَبُ خَبَرُهُ، وَالْأَوْلَى فِي مِثْلِهِ الْإِتْيَانُ بِضَمِيرِ الْفَصْلِ لِرَفْعِ تَوَهُّمِ الصِّفَةِ، إلَّا أَنَّهُ تَرَكَهُ لِلِاهْتِدَاءِ إلَيْهِ لِفَسَادِ الْمَعْنَى عَلَى الصِّفَةِ، وَجِنَايَةُ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ وَالْمُكَاتَبِ الْمُرْتَدِّينَ كَجِنَايَتِهِمْ فِي غَيْرِ الرِّدَّةِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِيهِمَا قَائِمٌ بَعْدَ الرِّدَّةِ، وَالْمُكَاتَبُ يَمْلِكُ أَكْسَابَهُ فِي الرِّدَّةِ فَيَكُونُ مُوجَبُ جِنَايَتِهِ فِي كَسْبِهِ، وَالْجِنَايَةُ عَلَى الْمَمَالِيكِ الْمُرْتَدِّينَ هَدَرٌ.
(قَوْلُهُ: وَإِذَا قُطِعَتْ يَدُ الْمُسْلِمِ عَمْدًا فَارْتَدَّ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ ثُمَّ مَاتَ عَلَى رِدَّتِهِ مِنْ ذَلِكَ الْقَطْعِ أَوْ لَحِقَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute