فَهُوَ أَوْلَى بِهِ)؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ شَاهِدٌ لَهُ لِمُوَافَقَةِ الْعَلَامَةِ كَلَامَهُ، وَإِنْ لَمْ يَصِفْ أَحَدُهُمَا عَلَامَةً فَهُوَ ابْنُهُمَا لِاسْتِوَائِهِمَا فِي السَّبَبِ. وَلَوْ سَبَقَتْ دَعْوَةُ أَحَدِهِمَا فَهُوَ ابْنُهُ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ فِي زَمَانٍ لَا مُنَازِعَ لَهُ فِيهِ إلَّا إذَا أَقَامَ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ أَقْوَى.
(وَإِذَا وُجِدَ فِي مِصْرٍ مِنْ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ فِي قَرْيَةٍ مِنْ قُرَاهُمْ فَادَّعَى ذِمِّيٌّ أَنَّهُ ابْنُهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ
فَطَابَقَ (فَهُوَ أَوْلَى بِهِ) مِنْ الْآخَرِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ فَيُقَدَّمَ عَلَى ذِي الْعَلَامَةِ أَوْ كَانَ مُسْلِمًا وَذُو الْعَلَامَةِ ذِمِّيٌّ فَيُقَدَّمُ الْمُسْلِمُ؛ وَلَوْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ وَأَحَدُهُمَا ذِمِّيٌّ كَانَ ابْنًا لِلْمُسْلِمِ (وَلَوْ لَمْ يَصِفْ أَحَدُهُمَا عَلَامَةً كَانَ ابْنَهُمَا لِاسْتِوَائِهِمَا فِي سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ) وَهُوَ الدَّعْوَى، وَكَذَا لَوْ أَقَامَا وَهُمَا مُسْلِمَانِ وَلَوْ كَانَتْ دَعْوَةُ أَحَدِهِمَا سَابِقَةً عَلَى الْأُخْرَى كَانَ ابْنَهُ، وَلَوْ وَصَفَ الثَّانِي عَلَامَةً لِثُبُوتِهِ فِي وَقْتٍ لَا مُنَازِعَ لَهُ فِيهِ، وَإِنَّمَا قُدِّمَ ذُو الْعَلَامَةِ لِلتَّرْجِيحِ بِهَا بَعْدَ ثُبُوتِ سَبَبَيْ الِاسْتِحْقَاقِ بَيْنَهُمَا وَهُوَ دَعْوَى كُلٍّ مِنْهُمَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ ادَّعَى اثْنَانِ عَيْنًا فِي يَدِ ثَالِثٍ وَذَكَرَ أَحَدُهُمَا عَلَامَةً لَا يُفِيدُ شَيْئًا، وَكَذَا فِي دَعْوَى اللُّقَطَةِ لَا يَجِبُ الدَّفْعُ بِالْوَصْفِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الِاسْتِحْقَاقِ هُنَاكَ لَيْسَ مُجَرَّدَ الدَّعْوَى بَلْ الْبَيِّنَةُ، فَلَوْ قَضَى لَهُ لَكَانَ إثْبَاتُ الِاسْتِحْقَاقِ ابْتِدَاءً بِالْعَلَامَةِ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ، إنَّمَا حَالُ الْعَلَامَةِ تَرْجِيحُ أَحَدِ السَّبَبَيْنِ عَلَى الْآخَرِ.
وَلَوْ ادَّعَاهُ اثْنَانِ خَارِجَانِ فَأَقَامَ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ فِي يَدِهِ قَبْلَ ذَلِكَ كَانَ أَحَقَّ بِهِ لِظُهُورِ تَقَدُّمِ الْيَدِ، وَكُلَّمَا لَمْ يَتَرَجَّحْ دَعْوَى وَاحِدٍ مِنْ الْمُدَّعِيَيْنِ يَكُونُ ابْنًا لَهُمَا. وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يُرْجَعُ إلَى الْقَافَةِ عَلَى مَا قَدَّمْنَا فِي بَابِ الِاسْتِيلَادِ. وَلَا يَلْحَقُ بِأَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ. وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَلْحَقُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ. وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ: وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ، فَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ جَوَّزَ إلَى خَمْسَةٍ. وَلَوْ ادَّعَتْهُ امْرَأَةٌ لَا يُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَحْمِيلَ النَّسَبِ عَلَى الْغَيْرِ وَهُوَ الزَّوْجُ. وَإِنْ ادَّعَتْهُ امْرَأَتَانِ وَأَقَامَتَا الْبَيِّنَةَ فَهُوَ ابْنُهُمَا، عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي رِوَايَةِ أَبِي حَفْصٍ، وَعِنْدَهُمَا لَا يَكُونُ ابْنَ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَهُوَ رِوَايَةُ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْهُ، وَهَذَا كُلُّهُ فِي حَالِ حَيَاةِ اللَّقِيطِ، فَلَوْ مَاتَ عَنْ مَالٍ فَادَّعَى إنْسَانٌ نَسَبَهُ لَا يَثْبُتُ؛ لِأَنَّ تَصْدِيقَهُ كَانَ بِاعْتِبَارِ أَنَّ اللَّقِيطَ مُحْتَاجٌ إلَى ذَلِكَ وَبِالْمَوْتِ اسْتَغْنَى عَنْهُ فَبَقِيَ كَلَامُهُ مُجَرَّدَ دَعْوَى الْمِيرَاثِ، وَلَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ عَلَى ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: وَإِذَا وُجِدَ) اللَّقِيطُ (فِي مِصْرٍ مِنْ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ فِي قَرْيَةٍ مِنْ قُرَاهُمْ) فَهُوَ مُسْلِمٌ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِ ذَلِكَ الْمِصْرِ كَانَ مِصْرًا لِلْكُفَّارِ ثُمَّ أُزْعِجُوا وَظَهَرْنَا عَلَيْهِ أَوْ لَا، وَلَا بَيْنَ كَوْنِهِ فِيهِ كُفَّارٌ كَثِيرُونَ أَوْ لَا (فَإِنْ ادَّعَاهُ ذِمِّيٌّ أَنَّهُ ابْنُهُ يَثْبُتُ نَسَبُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute