للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِنْهُ وَكَانَ مُسْلِمًا) وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ؛ لِأَنَّ دَعْوَاهُ تَضْمَنُ النَّسَبَ وَهُوَ نَافِعٌ لِلصَّغِيرِ، وَإِبْطَالُ الْإِسْلَامِ الثَّابِتِ بِالدَّارِ وَهُوَ يَضُرُّهُ فَصَحَّتْ دَعْوَتُهُ فِيمَا يَنْفَعُهُ دُونَ مَا يَضُرُّهُ.

(وَإِنْ وُجِدَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى أَهْلِ الذِّمَّةِ أَوْ فِي بِيعَةٍ أَوْ كَنِيسَةٍ كَانَ ذِمِّيًّا) وَهَذَا الْجَوَابُ فِيمَا إذَا كَانَ الْوَاجِدُ ذِمِّيًّا رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَإِنْ كَانَ الْوَاجِدُ مُسْلِمًا فِي هَذَا الْمَكَانِ أَوْ ذِمِّيًّا فِي مَكَانِ الْمُسْلِمِينَ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ فِيهِ، فَفِي رِوَايَةِ كِتَابِ اللَّقِيطِ اُعْتُبِرَ الْمَكَانُ لِسَبْقِهِ، وَفِي كِتَابِ الدَّعْوَى فِي بَعْضِ النُّسَخِ اُعْتُبِرَ الْوَاجِدُ وَهُوَ رِوَايَةُ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ لِقُوَّةِ الْيَدِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ تَبَعِيَّةَ الْأَبَوَيْنِ فَوْقَ تَبَعِيَّةِ الدَّارِ حَتَّى إذَا سُبِيَ مَعَ الصَّغِيرِ أَحَدُهُمَا يُعْتَبَرُ كَافِرًا، وَفِي بَعْضِ نُسَخِهِ اُعْتُبِرَ الْإِسْلَامُ نَظَرًا لِلصَّغِيرِ.

مِنْهُ وَكَانَ مُسْلِمًا) اسْتِحْسَانًا. وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَثْبُتَ نَسَبُهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ فِي ثُبُوتِ نَسَبِهِ عَنْهُ نَفْيَ إسْلَامِهِ الثَّابِتِ بِالدَّارِ وَهُوَ بَاطِلٌ. وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ (أَنَّ دَعْوَاهُ تَضَمَّنَتْ) شَيْئَيْنِ (النَّسَبَ وَهُوَ نَفْعٌ لِلصَّغِيرِ وَنَفْيَ الْإِسْلَامِ الثَّابِتِ بِالدَّارِ وَهُوَ ضَرَرٌ بِهِ) وَلَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ ثُبُوتِ النَّسَبِ مِنْ الْكَافِرِ الْكُفْرُ لِجَوَازِ مُسْلِمٍ هُوَ ابْنُ كَافِرٍ بِأَنْ أَسْلَمَتْ أُمُّهُ (فَصَحَّحْنَا دَعْوَتَهُ فِيمَا يَنْفَعُهُ) مِنْ ثُبُوتِ النَّسَبِ (دُونَ مَا يَضُرُّهُ) إلَّا إذَا أَقَامَ بَيِّنَةً مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى نَسَبِهِ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ كَافِرًا.

وَذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي الرَّجُلِ يَلْتَقِطُ اللَّقِيطَ فَيَدَّعِيهِ نَصْرَانِيٌّ وَعَلَيْهِ زِيُّ أَهْلِ الشِّرْكِ فَهُوَ ابْنُهُ وَهُوَ نَصْرَانِيٌّ، وَذَلِكَ أَنْ يَكُونَ فِي رَقَبَتِهِ صَلِيبٌ أَوْ عَلَيْهِ قَمِيصُ دِيبَاجٍ أَوْ وَسَطُ رَأْسِهِ مَجْزُوزٌ انْتَهَى. وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُجْعَلَ قَمِيصُ الدِّيبَاجِ عَلَامَةً فِي هَذِهِ الدِّيَارِ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ كَثِيرًا مَا يَفْعَلُونَهُ وَإِذَا حَكَمْنَا بِأَنَّهُ ابْنُ ذِمِّيٍّ وَهُوَ مُسْلِمٌ فَيَجِبُ أَنْ يُنْزَعَ مِنْ يَدِهِ إذَا قَارَبَ أَنْ يَعْقِلَ الْأَدْيَانَ كَمَا قُلْنَا فِي الْحَضَانَةِ إذَا كَانَتْ أُمَّهُ الْمُطَلَّقَةُ كَافِرَةً.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ وُجِدَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى أَهْلِ الذِّمَّةِ أَوْ فِي بِيعَةٍ أَوْ كَنِيسَةٍ) فِي دَارِ الْإِسْلَامِ (كَانَ ذِمِّيًّا) هَكَذَا قَالَ الْقُدُورِيُّ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: (هَذَا الْجَوَابُ فِيمَا إذَا كَانَ الْوَاجِدُ ذِمِّيًّا رِوَايَةً وَاحِدَةً، فَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا فِي هَذَا الْمَكَانِ) أَيْ فِي قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى أَهْلِ الذِّمَّةِ أَوْ بِيعَةٍ أَوْ كَنِيسَةٍ (أَوْ كَانَ) الْوَاجِدُ (ذِمِّيًّا) لَكِنْ وَجَدَهُ (فِي مَكَانِ الْمُسْلِمِينَ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ فِيهِ، فَفِي كِتَابِ اللَّقِيطِ الْعِبْرَةُ بِالْمَكَانِ) فِي الْفَصْلَيْنِ، وَهُوَ مَا إذَا كَانَ الْوَاجِدُ مُسْلِمًا فِي نَحْوِ الْكَنِيسَةِ أَوْ ذِمِّيًّا فِي غَيْرِهَا مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ، وَعَلَيْهِ مَشَى الْقُدُورِيُّ هُنَا؛ لِأَنَّ الْمَكَانَ سَابِقٌ وَالسَّبْقُ مِنْ أَسْبَابِ التَّرْجِيحِ (وَفِي كِتَابِ الدَّعْوَى) اخْتَلَفَتْ النُّسَخُ (فِي بَعْضِ النُّسَخِ اُعْتُبِرَ الْوَاجِدُ) فِي الْفَصْلَيْنِ (وَهُوَ رِوَايَةُ ابْنِ سِمَاعَةَ) فِي الْفَصْلَيْنِ؛ لِأَنَّ الْيَدَ أَقْوَى مِنْ الْمَكَانِ (أَلَا تَرَى) أَنَّ الصَّبِيَّ الْمَسْبِيَّ مَعَ أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ يَكُونُ كَافِرًا حَتَّى لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ إذَا مَاتَ (وَفِي بَعْضِ نُسَخِهِ) أَيْ نُسَخِ كِتَابِ الدَّعْوَى مِنْ الْمَبْسُوطِ (اُعْتُبِرَ الْإِسْلَامُ) أَيْ مَا يَصِيرُ الْوَلَدُ بِهِ مُسْلِمًا (نَظَرًا لِلصَّغِيرِ) وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُعْدَلَ عَنْ ذَلِكَ، فَعَلَى هَذَا لَوْ وَجَدَهُ كَافِرٌ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ مُسْلِمٌ فِي كَنِيسَةٍ كَانَ مُسْلِمًا فَصَارَتْ الصُّوَرُ أَرْبَعًا: اتِّفَاقِيَّتَانِ، وَهُوَ مَا إذَا وَجَدَهُ مُسْلِمٌ فِي قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ مُسْلِمٌ أَوْ كَافِرٌ فِي نَحْوِ كَنِيسَةٍ فَهُوَ كَافِرٌ. واختلافيتان وَهُمَا مُسْلِمٌ فِي نَحْوِ كَنِيسَةٍ أَوْ كَافِرٌ فِي نَحْوِ قَرْيَةٍ لِلْمُسْلِمِينَ. وَفِي كِفَايَةِ الْبَيْهَقِيّ قِيلَ: يُعْتَبَرُ بِالسِّيمَا وَالزِّيِّ؛ لِأَنَّهُ حُجَّةٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ﴾ ﴿يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ﴾ وَفِي الْمَبْسُوطِ: كَمَا لَوْ اخْتَلَطَ الْكُفَّارُ: يَعْنِي

<<  <  ج: ص:  >  >>