وَقِيلَ هُوَ سُنَّةٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ ﵀ جَائِزٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، لِأَنَّ السُّنَّةَ إكْمَالُ الْفَرْضِ فِي مَحَلِّهِ وَالدَّاخِلُ لَيْسَ بِمَحَلِّ الْفَرْضِ.
الرَّأْسِ.
وَأَمَّا مَا رُوِيَ أَنَّهُ ﷺ أَخَذَ لِأُذُنَيْهِ مَاءً جَدِيدًا فَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّهُ لِفَنَاءِ الْبِلَّةِ قَبْلَ الِاسْتِيعَابِ تَوْفِيقًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا ذَكَرْنَا، وَإِذَا انْعَدَمَتْ الْبِلَّةُ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ الْأَخْذِ كَمَا لَوْ انْعَدَمَتْ فِي بَعْضِ عُضْوٍ وَاحِدٍ، وَلَوْ رَجَّحْنَا كَانَ مَا رَوَيْنَاهُ أَكْثَرَ وَأَشْهَرَ، فَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ كَمَا ذَكَرْنَا، وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأَنَسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ ﵃ بِطُرُقٍ كَثِيرَةٍ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ
(قَوْلُهُ جَائِزٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) فِي غَيْرِ نُسْخَةٍ مِنْ كُتُبِ الرِّوَايَةِ سُنَّةٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ مُسْتَحَبٌّ عِنْدَهُمَا، وَأَمْثَلُ حَدِيثٍ فِيهِ مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَامِرِ بْنِ شَقِيقٍ الْأَسَدِيِّ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عُثْمَانَ «أَنَّهُ ﷺ كَانَ يُخَلِّلُ لِحْيَتَهُ». وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: تَوَضَّأَ وَخَلَّلَ لِحْيَتَهُ، وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ: احْتَجَّا بِجَمِيعِ رُوَاتِهِ إلَّا عَامِرَ بْنَ شَقِيقٍ، وَلَا أَعْلَمُ فِيهِ طَعْنًا بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ، وَلَهُ شَاهِدٌ صَحِيحٌ مِنْ حَدِيثِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ وَأَنَسٍ وَعَائِشَةَ ﵃، ثُمَّ أَخْرَجَ أَحَادِيثَهُمْ «أَنَّهُ ﷺ تَوَضَّأَ وَخَلَّلَ لِحْيَتَهُ»، وَزَادَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ: «بِهَذَا أَمَرَنِي رَبِّي». وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ عَامِرًا ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَحَاصِلُ الْأَوَّلِ طَعْنٌ مُبْهَمٌ، وَهُوَ غَيْرُ مَقْبُولٍ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْعَمَلُ لَمْ يَقْبَلْهُ التِّرْمِذِيُّ. وَالثَّانِي: لَا يُخْرِجُهُ إلَى الضَّعْفِ، وَلَوْ سُلِّمَ، فَغَايَةُ الْأَمْرِ اخْتِلَافٌ فِيهِ لَا يَنْزِلُ بِهِ عَنْ الْحَسَنِ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي عِلَلِهِ الْكَبِيرِ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ: يَعْنِي الْبُخَارِيَّ أَصَحُّ شَيْءٍ عِنْدِي حَدِيثُ عُثْمَانَ وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ انْتَهَى. وَكَيْفَ وَلَهُ شَوَاهِدُ كَثِيرَةٌ جِدًّا مِنْ حَدِيثِ عَمَّارٍ وَأَنَسٍ كَمَا رَوَاهُمَا الْحَاكِمُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ رَأَيْتُهُ ﵊ يُخَلِّلُ لِحْيَتَهُ، وَإِنْ ضُعِّفَ بِالِانْقِطَاعِ، وَحَدِيثُ أَنَسٍ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إذَا تَوَضَّأَ خَلَّلَ لِحْيَتَهُ». رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَابْنُ مَاجَهْ وَحَدِيثُ أَبِي أَيُّوبَ نَحْوُهُ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: «دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute