بِهِ إمَامًا، وَلِأَنَّهُ مَنَعَ حَقَّهَا بِالْغَيْبَةِ فَيُفَرِّقُ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ اعْتِبَارًا بِالْإِيلَاءِ وَالْعُنَّةِ، وَبَعْدَ هَذَا الِاعْتِبَارِ أَخَذَ الْمِقْدَارَ مِنْهُمَا الْأَرْبَعَ مِنْ الْإِيلَاءِ وَالسِّنِينَ مِنْ الْعُنَّةِ عَمَلًا بِالشَّبَهَيْنِ. وَلَنَا قَوْلُهُ «ﷺ فِي امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ أَنَّهَا امْرَأَتُهُ حَتَّى يَأْتِيَهَا الْبَيَانُ».
وَقَوْلُ عَلِيٍّ ﵁ فِيهَا: هِيَ امْرَأَةٌ اُبْتُلِيَتْ فَلْتَصْبِرْ حَتَّى يَسْتَبِينَ مَوْتٌ أَوْ طَلَاقٌ
وَلِأَنَّهُ مَنَعَ حَقَّهَا بِالْغَيْبَةِ) وَإِنْ كَانَ عَنْ غَيْرِ قَصْدٍ مِنْهُ (فَيُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا الْقَاضِي بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ اعْتِبَارًا بِالْإِيلَاءِ وَالْعُنَّةِ) فَإِنْ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا فِيهِمَا بَعْدَ مُدَّةٍ كَذَلِكَ، وَهَذَا مِنْهُ فِي الْإِيلَاءِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يُوجِبُ الْفُرْقَةَ بِمُجَرَّدِ مُضِيِّ الْمُدَّةِ بَلْ بِتَفْرِيقِ الْقَاضِي بَعْدَهَا، وَبَعْدَ هَذَا الِاعْتِبَارِ أَخَذَ فِي الْمُدَّةِ الْأَرْبَعَ مِنْ الْإِيلَاءِ وَالسِّنِينَ مِنْ الْعُنَّةِ بِجَامِعِ دَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهَا (عَمَلًا بِالشَّبَهَيْنِ) وَحَدِيثُ الَّذِي أَخَذَتْهُ الْجِنُّ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْدَةَ: أَنَّ رَجُلًا انْتَسَفَتْهُ الْجِنُّ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ﵁، فَأَتَتْ امْرَأَتُهُ عُمَرَ فَأَمَرَهَا أَنْ تَتَرَبَّصَ أَرْبَعَ سِنِينَ، ثُمَّ أَمَرَ وَلِيَّهُ بَعْدَ أَرْبَعِ سِنِينَ أَنْ يُطَلِّقَهَا، ثُمَّ أَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ فَإِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا تَزَوَّجَتْ، فَإِنْ جَاءَ زَوْجُهَا خُيِّرَ بَيْنَ امْرَأَتِهِ وَالصَّدَاقِ.
وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ يُونُسَ بْنِ خَبَّابٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ الْفَقِيدِ الَّذِي فُقِدَ قَالَ: دَخَلْت الشِّعْبَ فَاسْتَهْوَتْنِي الْجِنُّ، فَمَكَثْت أَرْبَعَ سِنِينَ، ثُمَّ أَتَتْ امْرَأَتِي عُمَرَ الْحَدِيثُ بِمَعْنَى الْأَوَّلِ. وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ وَفِيهِ: فَقَالَ لَهُ عُمَرُ لَمَّا جَاءَ: إنْ شِئْت رَدَدْنَا إلَيْكَ امْرَأَتَكَ وَإِنْ شِئْتَ زَوَّجْنَاكَ غَيْرَهَا، قَالَ: بَلْ زَوِّجْنِي غَيْرَهَا، ثُمَّ جَعَلَ عُمَرُ يَسْأَلُهُ عَنْ الْجِنِّ وَهُوَ يُخْبِرُهُ.
وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَفِيهِ: ثُمَّ أَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا. وَرَوَى مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ﵁ قَالَ: أَيُّمَا امْرَأَةٍ فَقَدَتْ زَوْجَهَا فَلَمْ تَدْرِ أَيْنَ هُوَ فَإِنَّهَا تَنْتَظِرُ أَرْبَعَ سِنِينَ ثُمَّ تَعْتَدُّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ثُمَّ تَحِلُّ. وَأَسْنَدَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عُمَرَ وَعُثْمَانَ قَالَا فِي امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ: تَتَرَبَّصُ أَرْبَعَ سِنِينَ ثُمَّ تَعْتَدُّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا.
وَأَسْنَدَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ: تَذَاكَرَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ الْمَفْقُودَ فَقَالَا: تَتَرَبَّصُ امْرَأَتُهُ أَرْبَعَ سِنِينَ ثُمَّ يُطَلِّقُهَا وَلِيُّ زَوْجِهَا ثُمَّ تَتَرَبَّصُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا.
قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَلَنَا «قَوْلُهُ ﷺ فِي امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ إنَّهَا امْرَأَتُهُ حَتَّى يَأْتِيَهَا الْبَيَانُ») أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ سَوَّارِ بْنِ مُصْعَبٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُرَحْبِيلَ الْهَمْدَانِيُّ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «امْرَأَةُ الْمَفْقُودِ امْرَأَتُهُ حَتَّى يَأْتِيَهَا الْبَيَانُ» وَفِي بَعْضِ نُسَخِهِ " حَتَّى يَأْتِيَهَا الْخَبَرُ " وَهُوَ مُضَعَّفٌ بِمُحَمَّدِ بْنِ شُرَحْبِيلَ. قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِيهِ: إنَّهُ يَرْوِي عَنْ الْمُغِيرَةِ مَنَاكِيرَ أَبَاطِيلَ. وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: وَسَوَّارُ بْنُ مُصْعَبٍ. أَشْهَرُ فِي الْمَتْرُوكِينَ مِنْهُ.
ثُمَّ عَارَضَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِ عَلِيٍّ قَوْلَ عُمَرَ، وَهُوَ مَا رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَزْرَمِيُّ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ أَنَّ عَلِيًّا ﵁ قَالَ فِي امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ: هِيَ امْرَأَةٌ اُبْتُلِيَتْ فَلْتَصْبِرْ حَتَّى يَأْتِيَهَا مَوْتٌ أَوْ طَلَاقٌ. أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ الْحَكَمِ أَنَّ عَلِيًّا مِثْلُهُ. وَقَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute