للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خَرَجَ بَيَانًا لِلْبَيَانِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَرْفُوعِ، وَلِأَنَّ النِّكَاحَ عُرِفَ ثُبُوتُهُ وَالْغَيْبَةُ لَا تُوجِبُ الْفُرْقَةَ وَالْمَوْتُ فِي حَيِّزِ الِاحْتِمَالِ فَلَا يُزَالُ النِّكَاحُ بِالشَّكِّ، وَعُمَرُ رَجَعَ إلَى قَوْلِ عَلِيٍّ وَلَا مُعْتَبَرَ بِالْإِيلَاءِ لِأَنَّهُ كَانَ طَلَاقًا مُعَجَّلًا فَاعْتُبِرَ فِي الشَّرْعِ مُؤَجَّلًا فَكَانَ مُوجِبًا لِلْفُرْقَةِ، وَلَا بِالْعُنَّةِ لِأَنَّ الْغَيْبَةَ تَعْقُبُ الْأَوَدَةَ، وَالْعُنَّةُ قَلَّمَا تَنْحَلُّ بَعْدَ اسْتِمْرَارِهَا سَنَةً.

قَالَ (وَإِذَا تَمَّ لَهُ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً مِنْ يَوْمِ وُلِدَ حَكَمْنَا بِمَوْتِهِ) قَالَ : وَهَذِهِ رِوَايَةُ

قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ وَافَقَ عَلِيًّا عَلَى أَنَّهَا تَنْتَظِرُ أَبَدًا.

وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ وَجَابِرِ بْنِ يَزِيدَ وَالشَّعْبِيِّ وَالنَّخَعِيِّ كُلُّهُمْ قَالُوا: لَيْسَ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ حَتَّى يَسْتَبِينَ مَوْتُهُ. وَقَوْلُهُ وَلِأَنَّ النِّكَاحَ إلَخْ الْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مُخْتَلِفَةٌ بَيْنَ الصَّحَابَةِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ -. فَذَهَبَ عُمَرُ إلَى مَا تَقَدَّمَ. وَذَهَبَ عَلِيٌّ إلَى أَنَّهَا امْرَأَتُهُ حَتَّى يَأْتِيَهَا الْبَيَانُ، وَالشَّأْنُ فِي التَّرْجِيحِ وَالْحَدِيثُ الضَّعِيفُ يَصْلُحُ مُرَجِّحًا لَا مُثْبِتًا بِالْأَصَالَةِ، وَمَا ذُكِرَ مِنْ مُوَافَقَتِهِ ابْنَ مَسْعُودٍ مُرَجِّحٌ آخَرُ.

ثُمَّ شَرَعَ الْمُصَنِّفُ فِي مُرَجِّحٍ آخَرَ فَقَالَ (وَلِأَنَّ النِّكَاحَ عُرِفَ ثُبُوتُهُ وَالْغَيْبَةُ لَا تُوجِبُ الْفُرْقَةَ وَالْمَوْتُ فِي حَيِّزِ الِاحْتِمَالِ فَلَا يَزَالُ النِّكَاحُ بِالشَّكِّ) وَذَكَرَ أَنَّ عُمَرَ رَجَعَ إلَى قَوْلِ عَلِيٍّ. ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي لَيْلَى قَالَ: ثَلَاثُ قَضِيَّاتٍ رَجَعَ فِيهَا عُمَرُ إلَى قَوْلِ عَلِيٍّ: امْرَأَةُ الْمَفْقُودِ، وَامْرَأَةُ أَبِي كَنَفٍ، وَالْمَرْأَةُ الَّتِي تَزَوَّجَتْ فِي عِدَّتِهَا.

وَقَوْلُنَا فِي الثَّلَاثِ قَوْلُ عَلِيٍّ ، فَامْرَأَةُ الْمَفْقُودِ عُرِفَتْ، وَأَمَّا امْرَأَةُ أَبِي كَنَفٍ فَكَانَ أَبُو كَنَفٍ طَلَّقَهَا ثُمَّ رَاجَعَهَا وَلَمْ يُعْلِمْهَا حَتَّى غَابَ ثُمَّ قَدِمَ فَوَجَدَهَا قَدْ تَزَوَّجَتْ، فَأَتَى عُمَرَ فَقَصَّ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ فَقَالَ لَهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا فَأَنْتَ أَحَقُّ بِهَا، وَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا فَلَيْسَ لَك عَلَيْهَا سَبِيلٌ، فَقَدِمَ عَلَى أَهْلِهَا وَقَدْ وَضَعَتْ الْقُصَّةَ عَلَى رَأْسِهَا فَقَالَ لَهُمْ: إنَّ لِي إلَيْهَا حَاجَةً فَخَلُّوا بَيْنِي وَبَيْنَهَا، فَوَقَعَ عَلَيْهَا وَبَاتَ عِنْدَهَا ثُمَّ غَدَا إلَى الْأَمِيرِ بِكِتَابِ عُمَرَ فَعَرَفُوا أَنَّهُ جَاءَ بِأَمْرٍ بَيِّنٍ، وَهَذَا أَعْنِي عَدَمَ ثُبُوتِ الرَّجْعَةِ فِي حَقِّهَا إذَا لَمْ تَعْلَمْ بِهَا حَتَّى إذَا اعْتَدَّتْ وَتَزَوَّجَتْ وَدَخَلَ بِهَا الثَّانِي لَمْ يَبْقَ لِلْأَوَّلِ عَلَيْهَا سَبِيلٌ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهَا ثُمَّ رَجَعَ إلَى قَوْلِ عَلِيٍّ أَنَّ مُرَاجَعَتَهُ إيَّاهَا صَحِيحٌ وَهِيَ مَنْكُوحَتُهُ دَخَلَ بِهَا الثَّانِي أَوْ لَا.

وَأَمَّا الْمَرْأَةُ الَّتِي تَزَوَّجَتْ فِي عِدَّتِهَا فَالْمَرْأَةُ الَّتِي يُنْعَى إلَيْهَا زَوْجُهَا فَتَعْتَدُّ وَتَتَزَوَّجُ، وَكَانَ مَذْهَبُهُ فِيهَا إذَا أَتَى زَوْجُهَا حَيًّا يُخَيِّرُهُ بَيْنَ أَنْ تُرَدَّ عَلَيْهِ وَبَيْنَ الْمَهْرِ، وَقَدْ صَحَّ رُجُوعُهُ إلَى قَوْلِ عَلِيٍّ وَهُوَ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الثَّانِي وَلَهَا الْمَهْرُ عَلَيْهِ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا، وَتُرَدُّ إلَى الْأَوَّلِ وَلَا يَقْرَبُهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا مِنْ ذَلِكَ.

قَالَ (وَلَا مُعْتَبَرَ بِالْإِيلَاءِ لِأَنَّهُ كَانَ طَلَاقًا مُعَجَّلًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَاعْتُبِرَ فِي الشَّرْعِ مُؤَجَّلًا) وَهَذَا عَلَى رَأْيِنَا بِأَنَّ الْوُقُوعَ بِهِ عِنْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ بِالْإِيلَاءِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى تَفْرِيقِ الْقَاضِي. قَالَ (وَلَا بِالْعُنَّةِ) لِأَنَّ فِي الْغَالِبِ تَعْقُبُهَا الرَّجْعَةُ (وَالْعُنَّةُ قَلَّمَا تَنْحَلُّ بَعْدَ اسْتِمْرَارِهَا سَنَةً) فَكَانَ عَوْدُ الْمَفْقُودِ أَرْجَى مِنْ زَوَالِ الْعُنَّةِ بَعْدَ مُضِيِّ السَّنَةِ فَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَشْرَعَ فِيهِ مَا شَرَعَ فِيهَا

(قَوْلُهُ وَإِذَا تَمَّ لَهُ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً مِنْ يَوْمِ وُلِدَ حَكَمْنَا بِمَوْتِهِ) قَالَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ رِوَايَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>